الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    مشهد مكثّف من حكاية التِّيه

    وَقَفَ الحائرُ ؛ ينظرُ في المشهدِ..يرسِلُ عينيه إلى أقدامِ البشرِ الماشينَ فُرادى كجماعاتٍ نحو التِّيهِ ويسألُ : ما بالُ الأقدامِ تراكِضُكم..؟ ولماذا تمشون بزهوٍ نحو التِّيه لماذا ..؟ أفقدْتُم بوصلة الدربِ؟ الدربُ هنا ..فتعالوا .. لكنّ البشرَ الماشين فُرادى كجماعاتٍ يبتعدون كثيراً عن وجه الرجلِ الحائرِ ؛ بل ويعُضّون أصابعَهم في حَنَقٍ تهديداً للرجلِ الحائر إنْ زادَ برسم الدربِ لهم ؛ أو أخرَجَهم من هذا التِّيه..!! الرجلُ الحائرُ لم يتعبْ ..أحضرَ من غيماتِ العمرِ بريقاً من أملٍ..ومشى خلف الماشين إلى التِّيه فُرادى كجماعاتٍ..راح يراقبهم ويغنّي لطفولتِهِ : «عمّي منصور النجارْ ..يبدعُ في يده المنشارْ ..»..خرج منَ الماشين إلى التِّيه عجوزٌ واقترب من الحائرِ: إيّاك بأنْ تذكُرَني ثانيةً ..فأنا منصورُ النجارْ..بعتُ المنشارْ..بزجاجةِ خمر تالفةٍ..ورغيفٍ مملوءٍ ذُلاً و غبارْ..بل بعتُ الدارْ..بثلاث دجاجاتٍ وكثيرٍ من وجع العارْ...!! سوّاها عمّي منصورْ ..خربَ البيتَ و هدّ السورْ..! الرجلُ الحائرُ لم يفقدْ أملاً..أخرجَ من أعماق الأعماقِ حكايا و بطولاتٍ عن قومٍ كانوا امتزجوا بالطينْ..حطّوا السيف على السيف إلى أن وصلوا حطّينْ..صاح الرجلُ الحائرُ ملءَ الصوتِ :صلاح الدين ؛صلاح الدين ؛ صلاح الدين..! فالتَفَتَ منَ الماشين إلى التِّيهِ فرادى كجماعاتٍ ؛ رجلٌ في فِمِهِ سيجارةُ تحشيشٍ لا تتركُهُ..يسحبُ أنفاساً ويقولُ :فلسطينُكَ خانتني..في غمرة نومي جاء المُحتلُّ لها ..دلقتْ فوقي أنهاراً من ماءٍ كي أصحو ..لكنّي حين صحوتُ وجدتُّ فلسطينَكَ قد أخفتْ عنّي «الشبشب» ؛ خلّيها تستاهل خلّيها ؛ ما يجري فيها ..للشبشب ألفُ خطيّهْ..ولذا صارت –في عزّ الظهرِ-فلسطينُ قضيّهْ..! الرجلُ الحائرُ ..يقف الآن ؛ وهم يبتعدونَ إلى التِّيهِ..ترافقهم أسرابُ الغربان..ويمشون فُرادى كجماعاتٍ..يلحسُ كلُّ عظيم فيهم نعلَ الغرباءِ و يضحكُ.. بل أيضاً يصفعُ وجهَ أخيهْ ..ويقول له : لِمَ لمْ تخبرْني قبلاً عن نعمةِ هذا التِّيهْ..؟؟!

     





    [29-07-2015 11:00 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع