الرئيسية
تقارير
أحداث اليوم - احمد ابو جعفر - لم تكن تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد دولاند ترامب المتعلقة بتهجير الفلسطينين في غزة إلى كل من الأردن ومصر مفاجئًا للجميع، فلطالمنا عبر ترامب غير مرة عن هذه التوجهات، وكان آخرها حينما اعتبر أن مساحة "إسرائيل" صغيرة وينبغي توسيعها، وهو ما أثار في حينه توجسات واعتراضات جمة من الفلسطينيين والأردنيين وعدد من الدول العربية، غير أن كل ذلك ظل في إطار التكهنات والاحتمالات التي تحتمل التأويل.
لكن في ظل التطورات السياسية المستمرة في المنطقة، ولا سيما بعد وقف إطلاق النار في كل من لبنان وقطاع غزة وتغيير النظام في سورية، يظل موقف المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ثابتًا وحازمًا تجاه قضية فلسطين، بخاصة فيما يتعلق بمحاولات تهجير الفلسطينيين أو أي مسعى يهدف إلى النيل من حقوقهم المشروعة.
الأردن خلال مئة عام قدم الدعم الكبير للفلسطينيين، وظل السند الكبير للشعب الفلسطيني في مواجهة محاولات طمس هويته الوطنية والقضاء على كل أمل لعودة اللاجئين إلى أراضهم التي هُجروا منها قصرًا عامي1948 و1967، والقضاء على كل أشكال المقاومة، سواء كانت خارج فلسطين في إطار التعاون والتنسيق مع دول الطوق، أو في الداخل الفلسطيني.
الأردن ومصر والشعب الفلسطيني برمته يواجهون اليوم مخططات جاهزة لتهجير مليون ونصف المليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، كما أعلن الرئيس الأمريكي في الأسبوع الأول بعد توليه الحكم، وهو ما يشير إلى أولوية هذا الملف بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة، ويتساوق مع التوجهات اليمينية للحكومة الفاشية الإسرائيلية.
يشار أن الأردن في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني استمر على نهج والده الحسين بن طلال ونهج الملك المؤسس عبدالله بن الحسين الأولى طيب الله ثراهما في اعتبار القضية الفلسطينية هم أردني، ولها أولوية على كل الملفات في السياسة الخارجية للملكة، وقدم مواقف نبيلة ومشرفة على مر السنوات، متمسكا بموقفه الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيه على أرضه الوطنية، ورفض مخططات حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن. ويعد هذا الموقف جزءاً من استراتيجية الدولة الأردنية المستمرة في الدفاع عن القضية الفلسطينية على الصعد كافة.
مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني
ظل جلالة الملك عبدالله الثاني حليفاً رئيسياً لفلسطين في الساحة الدولية والعربية. وقد أكد جلالته في العديد من خطاباته الرسمية والمواقف السياسية أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، وأن الأردن سيظل داعماً لفلسطين وشعبها في المحافل الدولية، وعلى مختلف الأصعدة. ومن أبرز المواقف التي اتخذها جلالته في هذا السياق:
رفض محاولات التهجير القسري: في أكثر من مناسبة، أبدى جلالة الملك عبدالله الثاني رفضه القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو تهديد وجودهم. وكان قد حذر من محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الوضع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل جاد لوقف هذه المحاولات. وكان آخر هذه التصريحات في خطابه في الأمم المتحدة حيث شدد على أهمية وقف الإجراءات كافة، التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتدمير الهوية الفلسطينية.
وفيما يخص إحياء حل الدولتين؛ فقد كان جلالة الملك عبدالله الثاني من أبرز المدافعين عن حل الدولتين كحل وحيد لضمان الحقوق الفلسطينية، مع التمسك بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وقد أكد جلالته مراراً على أن أي محاولة للالتفاف على هذا الحل لا تفيد إلا في تأجيج التوترات وتهديد السلام الإقليمي.
وبشأن القدس والمقدسات الإسلامية؛ دافع الأردن، تحت قيادة الملك عبدالله، بقوة عن حق الفلسطينيين في القدس، ويعتبر أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما أن الأردن يعمل بشكل حثيث على حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، عبر الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في المدينة. وقد قام الملك عبدالله الثاني بعدة زيارات للقدس لتسليط الضوء على الوضع القائم والدعوة إلى حماية الهوية العربية الإسلامية للمدينة.
إضافة إلى مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني، كان الأردن دائمًا في طليعة الدول التي دعمت فلسطين في محافلها السياسية والدولية. فقد اتخذت المملكة عدة خطوات تعكس التزامها الثابت بقضية الشعب الفلسطيني؛ عبر المشاركة الفاعلة في في مختلف المحافل الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو في جامعة الدول العربية أو في منظمة التعاون الإسلامي، إذ يُعد الأردن من أبرز المدافعين عن حقوق الفلسطينيين.
وقد قدم الأردن العديد من المبادرات التي تحث المجتمع الدولي على تكثيف الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف ممارساته العدوانية.
بالإضافة إلى المواقف السياسية، كان للأردن دور إغاثي كبير في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني، سواء عبر تقديم المساعدات الإنسانية أو من خلال الدعم في قطاع التعليم والصحة. كما أن المملكة ظلت تستقبل العديد من اللاجئين الفلسطينيين وتوفر لهم الرعاية والدعم على مدار سنوات عديدة.
وحول التعاون م السلطة الفلسطينية؛ يحتفظ الأردن بعلاقات قوية مع السلطة الفلسطينية، ويسعى دوماً إلى تعزيز هذه العلاقات، بما يخدم المصالح الفلسطينية ويحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وكان الأردن يسعى لإيجاد حلول عملية للأزمات التي تعيشها فلسطين من خلال التنسيق المستمر مع القيادة الفلسطينية.
الخلاصة:
إن موقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، في رفض محاولات تهجير الفلسطينيين والتصدي لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى النيل من حقوق الفلسطينيين، يعد من المواقف الثابتة والمبدئية التي تميز المملكة الأردنية الهاشمية في السياسة الإقليمية والدولية. ويبقى الأردن، بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني، في طليعة الدول التي تدافع عن فلسطين في كافة المحافل، مقدماً كل الدعم اللازم لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.