الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كيف نقرأ التغيير؟

    المتفق عليه أن أدوات أميركية جديدة ورؤى عالمية بدأت تنسج خيوطها في العالم أجمع، والمتفق عليه أن إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن الديمقراطية ستعمل ما بوسعها لإعادة الاختلالات التي أحدثتها إدارة ترامب السابقة في سياسة واشنطن للعالم أجمع، سواء على مستوى المناخ أو العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو كندا ودول الكاريبي والمكسيك وأميركا الجنوبية، وأيضاً تركيا وروسيا والصين وإيران وأفريقيا، وكذلك ما فعلته من انسحابات من منظمات دولية وإقليمية مختلفة، واليوم كل ذاك بات على طاولة إدارة واشنطن الجديدة.
    ما يعنينا في كل ذاك هو معرفة كيف تفكر الإدارة الأميركية الجديدة بالمنطقة، وكيف نقرأ التغيير، وقبل أن يقول قائل ما شأننا نحن؟، وان الإدارات الأميركية مهما اختلفت أشكالها وألوانها فهما وجهان لعملة واحدة، ومواقفهما من قضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية واحدة (انحياز كامل للكيان الصهيوني)، فإننا نقول إن كل ذاك صحيح، بيد أن ذاك لا يمنعنا من ملاحظة فوارق بسيطة بينهما، أقلها في تفاصيل صغيرة أبرزها ما يتعلق بحل الدولتين والإصلاح في المنطقة وغيرهما من قضايا يتوجب ملاحظتها والتركيز على بعضها.
    الواضح أن الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض ستعاود العمل عند النقطة التي توقفت عندها إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما وتحديدا فيما يتعلق بملف الإصلاح كما تراه واشنطن، باعتبار- وفق تفكير الديمقراطيين- أن الإصلاح الطريق الأنسب لإحلال السلام، وطبعا فان الإصلاح المقصود أميركيا هو ذاك الذي يخدم هدف واشنطن ويعزز سيطرتها على العالم أجمع.
    ولذلك فإنه مخطئ من يعتقد ولو لوهلة أن واشنطن ترفع شعار الإصلاح إيمانا منها بحق شعوب المنطقة في حياة كريمة أو حقها في عدالة وديمقراطية وسيادة قانون، وإنما تبحث واشنطن عن تأسيس حالة تخدم رويتها الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية.
    ولأننا في المنطقة نسير في ركب الإدارات الأميركية مهما اختلفت مسمياتها، فإننا سنجد دول المنطقة منغمسة في مخططات واشنطن، وتنفذ ما يريده البيت الأبيض بالشكل الذي يؤمنون به، ومن يعترض فإن الفوضى الخلاقة ستكون في انتظارهم.
    ما سبق ليست دعوة للتسليم بما تريده واشنطن، كما أنها ليست تسليما بالواقع، بيد أن ذاك لا يمنع أبدا من ملاحظة الخيوط التي بدأت تنسج والاستدارات التي تحصل في بعض دول الإقليم سواء في القرن الأفريقي او اليمن والخليج والمشرق العربي، وكذلك ما يخص القضية الفلسطينية التي أرادت الإدارة الأميركية السابقة تغيير خيوطها من خلال إجراءات على الأرض مثل نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، والاعتراف بضم الجولان وغيرها، فضلا عن انحياز سافر للكيان الصهيوني وفتح الباب للتطبيع العربي اللامحدود مع إسرائيل، ومحاصرة المقاومة وشيطنتها سواء في غزة أو لبنان.
    المؤكد أن متغيرات ستحصل، بيد أن السؤال هو كيف يمكن قراءتها، وكيفية الاستفادة منها بحيث نؤسس لحالة وعي كامل وشامل بعيدا عن رغبات هذا الطرف الأميركي أو ذاك، ولذا بات علينا الذهاب لإصلاح حقيقي وواقعي سواء جلس في البيت الأبيض جمهوري أو ديمقراطي، وهذا يعني أهمية السير تجاه الاصلاح المنشود بعيدا عن رغبات أي طرف، إصلاح يليق بِنا، ويليق بدولتنا التي نريدها مختلفة عن دول المنطقة – وهي كذلك- ولذلك فان أي قراءة للمتغيرات يجب أن يكون شعارها التأسيس لإصلاح دائم.
    أمر مهم أن نقرأ التغيير الذي يحدث في المنطقة، والأهم أن نعمل معا لإحداث تغيير يليق بِنا جميعا، إصلاح نستطيع من خلاله الوصول لدولة مؤسسات وقانون وعدالة ومواطنة وديمقراطية وحكومات برلمانية نستطيع من خلالها البناء للمرحلة المقبلة.





    [01-03-2021 08:33 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع