الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    قتيلة الفيسبوك وبنات سعد جابر
    تعبيرية

    أحداث اليوم -

    عهود محسن - في خضم محاربة كورونا عالمياً والإنشغال بإصابات الخناصري وتقاذف المسؤولية عن تكرار الخطأ ووقوع إصابات بسبب عدم حجر سائقي الشاحنات القادمين من الخارج ورهان الحكومة على وعيهم وثقافة المجتمع محلياً، قتلت طفلة 13 عاماً على يد شقيقها لمحاولتها الولوج للعالم الافتراضي واستغلال مساحة فيه عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لإشغال وقت فراغها وتسلية نفسها خلال ساعات الحجر الطويلة.


    مقتل الطفلة على يد شقيقها لم يثر غضب المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة بقدر ما استفزهم وصف وزير الصحة الممرضات في القطاع الصحي بالبنات، فاعتبره بعضهم إهانة للنساء واعتداءً على حقوقهن وكرامتهن رغم أنني أجدها لهجة محببه تقرب الحوار بين المسؤول والمواطن وضمن سياقها الاجتماعي المتعارف علية بين الأردنيين عموماً بوصف الفتيات بالبنات من قبيل الرفق والرحمة، كما أن بساطة لغة الدكتور جابر وعفويته كانت واحدة من أنجح اساليب الحوار مع الشارع واستعادة الثقة بالنسبة للحكومة.


    وسائل الإعلام المختلفة كانت هي الأخرى مستفزة في تعاطيها مع مقتل "طفلة الفيسبوك" على يد شقيقها حيث تعاملت مع الخبر كمادة لرفع المشاهدات وزيادة الدخولات للمواقع الألكترونية متناسية حجم الألم الذي أحست به الفتاة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة على يد من يفترض به أن يكون سنداً وعوناً لها ومدافعاً شرساً عنها وعن حقوقها في الحياة.


    قشعريرة غريبة تملكت أوصالي وأنا أتابع التعليقات على الجريمة، الكثير منها يحاول خلق مبررات لا طعم ولا لون ولا رائحة لها وكأن هذا الشاب الأرعن أراق دم الطفلة البريئة وهو ينافح عن شرف الأمة، وودت لو كان بإمكاني التعرف أكثر للبيئة التي تربيا فيها فمن يقدم على فعل كهذا لا يمكن أن يكون نتاجاً لتربية معتدلة تحفظ حقوق الأبناء وتنمي تفكيرهم السوي.


    مفارقات عديدة مرت خلال أزمة كورونا أظهرت عورات كثيرة في مجتمعنا لطالما أخفيناها لنوهم أنفسنا بأن كل ما نفعله صحيح ومبرر حتى بعلاقاتنا مع بعضنا وتكافلنا الاجتماعي.


    أطفال كُثر جاعوا وتألموا  لعدم حصولهم على نفقتهم من آبائهم خلال فترة الحجر، سيدات عانين العنف الأسري والفقر وانقطاع المورد المالي وأخريات وقعن ضحايا لتسلط أصحاب العمل فأجبروهن على ترك العمل أو الرضوخ لجشعهم بتخفيض رواتبهن أو منحهن جزءاً منها، أسر بأكملها " نساء وأطفال وكبار سن" بقيت بلا طعام لأيام لانقطاع دخل رب الأسرة وعدم تمكنه من العمل لم يشكلوا أولوية للنشطاء والمدافعين عن حقوق المرأة ولم يستنفروا هممهم إلا من رحم ربي وهم فئة قليلة تؤمن بأن حقوق الإنسان كل لا يتجزء ولا ترتبط بأجندات التمويل.


    كورونا وما رافقها من ضغوطات وضعتنا على مفترق طرق ستجبرنا في قادم الأيام على تغيير الكثير من سلوكياتنا عاداتنا وتقاليدنا وتدفعنا لإعادة النظر في بنيتنا وتحدد شكل المجتمع وطبيعة علاقات أفراده مع بعضهم في ظل تباعد جسدي وتدجين نفسي وأخلاقي يجعل منا جزراً معزولة داخل منازلنا الباردة مع إعادة برمجة نخبنا التي ستتصدر المشهد وتتحدث باسم مشاعرنا وعلاقاتنا وحاجاتنا باصطناع أهداف لا تعنينا ولا تمثلنا لتظهر على الساحة.

     





    [11-05-2020 10:24 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع