الرئيسية
مقالات واراء
كان خالد جالساًفي احدى المقاهي عمان مع أخته وصديقتها،كان-مثل العادة-يتكلم عن انجازاته وتجاربة في الحياة،يقص عليهم مغامراته مع الفتيات،يتحدث عن نجاحه وتفوقه في المدرسة والجامعة،كانت أخته وصديقتها متسمرتين،تصغيان لأقاويله وقصصه،التي أظهر نفسه خلالها وكأنه روميو عصره.
وبعد مرور ساعة،دخلت فتاة مع صديقتها،كانت تلك الفتاة جميلة،تمتلك قواما ممشوقا،أخذ خالد ينظر اليها من رأسها الى أخمص قدميها،كانينظر اليها وهي تتكلم مع صديقتها وتتمايل بحركات كغصن البان حينما يلامسه النسيم العليل.
جلست الفتاة على الطاولة المقابلة لخالد لفت انتباهها بنظراته،أصبحت تتهامس مع صديقتها،وكأنها تبادله سهام نظرات الاعجاب،هنا شعر خالد وكأن احدى هذه السهام قد أصابته بالشلل المؤقت،وبينما كان مستسلماً لنظرات تلك الفتاة،هزه صوت اتٍ من جهة أخرى،صوت أخته الغاضب:كفاك لعبا بمشاعر الاخرين،انسيت ماذا فعلت بالفتيات اللواتي قبلها؟! لم يكترث خالد لأخته،وواصلت تبادل النظرات مع فريسته الجديدة.
وفجأة،عاد خالد بذاكراته الى فتاة كان يحبها-وهي الفتاة الوحيدة التي أحبها-هذه الفتاة كانت تختلف عن الفتيات،اللاتي اتخذ منهن خالد وسيلة للتسلية ومضيعة للوقت.
اسم الفتاة مرح كان اسمها يليق عليها،كانت حقا مرح،وكل يوم يراها او يتكلم معها على الهاتف،تدخل الفرح الى قلبه وتسلل الراحة الى روحه العاشقة لمرح.
كانت مرح فتاة جميلة جداً،تتمتع بقوام جميل،وشعر أجعد ترى في تموجاته أمواج البحر،لونه أشقر وكأن الشمس غزلته بخيوطها،روحها مرحة كاسمها.
في احدى الليالي،خرج خالد ومرح للتمتع بمنظر السماء،المليئة بالنجوم الساطعة وكأنها وشاح أسود،نثرت عليها حبيبات من الفضة،كان خالد ومرح يجلسان داخل السيارة،رأت مرح في السماء نجمة ضوؤها لما،يفوق لمعان النجوم الأخرى،قالت لخالد:ليتنا أنا وأنت تعيش داخل هذه النجمة،أتعلم يا خالد،أحمل لك حبا يفوق بريق هذه النجمة.
في تلك اللحظة خفق قلب خالد ودقت طبول الحب في ثنايا روحه،الا انه تدارك الموقف حينها وحبس مشاعره،ثم طلب منها العودة الى البيت.
طيلة الوقت ومرح تنظر الى خالد منتظرة أن يفتح زنزانة قلبه لتخرج مشاعر الحب اليها مسرعة لتعانق روحها،لكن لا حياة لمن تنادي،كانت تيقت في داخلها أنه لا يعرف معنى الحب وما يحمله للمحبوب من المشاعر الجياشة،اه يا خالد،من قسوتك،تسلل الحزن الى شعاب نفس مرح كالضباب.
وفي احدى الأيام كذب خالد على مرح،وقال لها انه يعاني من مرض لا شفاء منه،كان يريد اقصاءها عن حياته،كان يريد ان لا يظلمها،لكن الريح تجري بما لا تشتهي السفن،ازداد تعلق مرح بخالد،وتمسكت به،بينما كان خالد يتهرب منها،شعرت مرح بجفاء خالد،لم يعد يتصل بها،أو يمر أمام بيتها-كما كان يفعل سابقاً-شعرت مرح بحزن شديد،بدأت تبحث عن خالد في كل مكان،وعن طريق أحد أصدقائه عرفت أنه كان يكذب عليها،وكان يريد أن يبعدها عنه.
وفي احدى الأيام كانت مرح خارجة بصحبة شاب الى السينما،التي كانت ترتادها مع خالد.وبالصدفة رأت خالد هناك،كان يحاول أن يتخفى عنها،لكنها توجهت اليه وقالت:أيها الكاذب لماذا بوجهك عني.هنا شعر خالد وكأنا الزمن توقف ولم يستطيع الرد.
قالت له:أقدم لك خطيبي ابراهيم،اندهش خالد من الخبر،لم يقل شيئا،ذهبت مرح وخطيبها،لم يستطيع خالد أن يصدق ما حدث وكيف حدث كل شيء بهذه السرعة.
كان هناك صديق مشترك بين خالد ومرح،اسمه محمد لم يتكلم معه خالد منذ مدة طويلة،اتصل بهِ وسأله:ماهي قصة مرح وابراهيم؟ أجابه محمد:لماذا تريد أن تعرف؟انت أسأت الى مرح وكذبت عليها.
وقال له:بعد أن تركت مرح أحبت ابراهيم،وكان يحبها كثيرا،تقدم لخطبتها من اهلها،ووافق أبوها وهي لم تتردد،أرادت أن تتخلص من شوائب حبك بأية طريقة.
ندم خالد كثيرا،وعرف كم كان رجلا بلا احساس ورجلا لعوبا.
قامت الفتاه التي كانت تجلس على الطاولة المقابلة لخالد،أخذ يراقبها،وهي تتحرك،وهي تمشي،قالت له أخته:عيب أن تنظر هكذا الى الفتاة،نظر الى أخته بنظرة مليئة بالغضب،وقال لها:لا تتدخلي في ما لا يعنيكِ.قام وتوجه الى طاولة الفتاة،وسأل صديقتها:ما اسم صديقتك؟ قالت:ما شأنك.رد عليها:أعتقد أنني اعرفها،لذلك أريد أن أعرف ما اسمها؟ أجابت:اسمها الاء.سألها:هل هي مرتبطة؟ ردت:نعم،انها متزوجة ولديها ثلاثة أولاد.عاد الى طاولته،وبدأ يحدث نفسه:هذه الماكرة كانت تنظر الي وكأنها تغازلني،وتضحك بوجهي،كأنها تريدني بقوة.
سألته أخته:ماذا قالت لك؟،أجاب:لا شيء،هيا لنخرج من المقهى.أحس خالد بتأنيب الضمير،وأحس بالألم الذي سببه لمرح،وقال لنفسه: حقا،صدق من قال:كما تدين تدان.



