الرئيسية
أحداث محلية
أحداث اليوم -
اجاب جلالة الملك عبدالله الثاني بعد القائه كلمة في مركز الدراسات الإسلامية متعدد التخصصات في العالم المعاصر في جامعة لوفان الكاثولوكية في بلجيكا الاربعاء على اسئلة الطلبة والتي تناول أحدها جهود الأردن في الحرب ضد الإرهاب والتطرف، قال جلالته "بدأنا العمل منذ فترة للتعامل مع التحديات التي تواجهنا داخل الإسلام، وقد ذكرت في العديد من المناسبات أننا في الحقيقة نواجه تحدياً داخل الإسلام، بمعنى أنه تحدٍ علينا مواجهته نحن المسلمين بالدرجة الأولى، وقد برز لنا هذا التحدي منذ وقت طويل".
ولفت جلالته إلى أنه، وفي عام 2004، بدأ الأردن ولأول مرة بمواجهة هذا التحدي من خلال إطلاق رسالة عمّان، التي مثلت مسعى لجمع العلماء من سائر العالم الإسلامي، حيث التقى حوالي 200 من العلماء المسلمين الرواد في مجالاتهم من 50 دولة بغرض توحيد صف المسلمين، "وخرجنا بثلاثة دروس أو رسائل رئيسية من هذا اللقاء، أولها تعريف ما يمثله الإسلام وأيضا ما لا يمثله، من خلال الاعتراف بالمدارس الفقهية المختلفة في الإسلام واحترامها، والتي تمثل مدارس فقهية رئيسية في ديننا الحنيف".
وتابع جلالته قائلا "أما الجزئية الثانية، وهي بذات الأهمية، فتتمثل في تحريم التكفير، وهو أمر بارز في ممارسات المتطرفين خوارج العصر، الذين يكفرون غيرهم من باقي المسلمين، عدا عن موقفهم ضد غير المسلمين. ولقد مكنّ هذا الجهد من تقريب المسلمين من بعضهم البعض وهو أمر في غاية الأهمية".
وقال جلالته "أما الأمر الثالث، وهو بذات الأهمية، فيرتبط بوضع أسس لإصدار الفتاوى، ففي كل مدرسة فقهية سواء في الإسلام أو في المسيحية، يتم إصدار الفتاوى، وفقاً لعملية منظمة ومنطقية وقانونية. والمشكلة التي نواجهها مع الإرهابيين اليوم، هو إصدارهم لفتاوى باطلة تبيح عمليات التفجير الانتحارية".
وقال جلالته "أي شخص لديه قيم وأخلاق يعرف بأن رأياً كهذا لا علاقة له بالدين أو الأخلاق، وبالتالي فإن جهودنا تركز على كيفية إرساء المبادئ التي تنظم عملية إصدار الفتاوى، وهذه جهود انطلقت في العام 2004، ومنذ ذلك الحين انطلقت عدة مبادرات، ومنها (كلمة سواء)، وكذلك ملتقيات لبحث التحديات التي تواجه المسيحيين العرب في الشرق الأوسط، وأسبوع الوئام بين الأديان، وهي مبادرات لقيت الدعم من عدة مجتمعات في مختلف دول العالم".
ولفت جلالته إلى أن التغلب على التحدي الذي نواجهه اليوم يتطلب وقتاً، فالبعد العسكري، وهو أمر يهم الحضور معنا اليوم من العسكريين، أمر نواجهه على المدى القريب، أما على المدى المتوسط فسيكون التحدي أمنياً، في حين أن التحدي البعيد المدى سيكون فكرياً نواجهه داخل الإسلام من ناحية، "كما يتطلب التواصل مع إخواننا وأخواتنا من الديانات الأخرى في العالم من الناحية الأخرى أيضاً، لأننا في النهاية نقف في هذه المعركة صفاً واحداً وهي حرب عالمية تتطلب أن يقف أتباع الديانات متوحدين في وجه الخوارج".
وردا على سؤال حول النتائج العملية لرسالة عمان، من حيث نجاحاتها ومحددات هذا النجاح أيضاً، أجاب جلالة الملك "لقد أعلنا في العام 2004 موقفا موحدا يمثل مختلف المدارس الفقهية الإسلامية، وركزنا على ضرورة الاحترام المتبادل بين هذه المدارس، وأهمية المضي إلى الأمام بشكل إيجابي".
وقال جلالته "إذا نظرت إلى التاريخ ستعرف أنه لا يوجد أسوأ من الحروب داخل الدين الواحد، سواء في أوروبا داخل المسيحية، أو داخل الإسلام، أو داخل اليهودية. فهذه الأحداث لا تمثل نقاط مضيئة في تاريخ العالم، وعليه، فإننا إذ ننتقل لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا اليوم، فإن آخر ما نود أن نراه، وكما أشرت في سؤالك، هو وجود نزاع بين السنة والشيعة ـ لا قدر الله – فمثل هذا النزاع لن يكون له نهاية".
وأكد جلالته أن "التحدي الذي نواجهه اليوم هو ضد الخوارج، وهو تحد عالمي، وقد يأخذ شكل تحدٍ داخل الإسلام، إلا أننا نعي حقيقته ولا نستطيع خوضه لوحدنا. وأعتقد أن جزءاً من التحدي الذي يواجهنا مع المجتمع الدولي هو فهم الطبيعة الشمولية لهذا التحدي".
وقال جلالة الملك "للصراع في سوريا والعراق انعكاسات مباشرة هنا، وبالتالي، فإن الأمر ليس محصوراً بذلك الجزء من العالم في الشرق الأوسط. وهناك أيضا تحدي حركة "الشباب" الإرهابية في أفريقيا، ومن الضروري كبح تطور أي مشكلة قد تحدث في منطقة البلقان. لكن هناك أيضاً مشاكل في آسيا، فإذا لم ننظر إلى الموضوع بشمولية آخذين بعين الاعتبار أن التحدي عالمي ويجمعنا في مواجهته، فإننا لن نتمكن من التغلب عليه".
ولفت جلالته، في هذا الصدد، إلى أن جزءا من الإحباط هو أن التركيز في العام الماضي انصب على العراق، واليوم على سوريا، فهل نتوجه بالتركيز على ليبيا غداً؟" موضحا جلالته "أنه ليس من الصواب أن نستمر في هذا الأسلوب، ويجب أن ننتهج أسلوبا شمولياً يمكننا من العمل على عدة محاور في ذات الوقت".
وقال جلالته "إنه ولحسن الحظ، وبوجود الحكومة البلجيكية الحالية وغيرها من الحكومات الغربية، تمكنا من عقد اجتماعات في الأردن نقوم من خلالها بالتنسيق مع هذه الحكومات حول كيفية العمل مع جيراننا في شرق أفريقيا للتصدي لتحدي حركة "الشباب"، والتحدي المحتمل في منطقة البلقان، أما تحدي "بوكو حرام" فسيتم تناوله في المستقبل القريب".
وتابع جلالته قائلا "بدأت مختلف الأطراف بتبني النهج الشمولي، فهناك فهم بأننا جميعاً نقف في صف واحد في هذا التحدي وضد عدو واحد، وأن هذا العدو هم الخوارج. أما جزء آخر من المشكلة فيتمثل في كيفية التقريب بين أتباع الديانات المختلفة، ليتبنوا موقفاً موحداً في هذه الحرب، وتوظيف الإعلام ليكون سلاحاً بيدنا في هذه المعركة، بدل أن يكون سلاحاً يستخدم ضدنا".
وفي سؤال تناول مسألة اللجوء السوري لدول المنطقة والعالم، وانعكاساتها الأمنية والإنسانية على المجتمعات المستضيفة؟ وهل بإمكان بلد مثل الأردن تحمل المزيد من اللاجئين، والذين لا يمكنهم القدوم إلى أوروبا، قال جلالته "إننا في الواقع نستضيف 3ر1 مليون لاجئ سوري، أي 20 % من السكان، 10% منهم فقط يعيشون في مخيمات اللجوء، والباقي منتشرون في عدة أماكن في بلدنا، منهم 60 % على أقل تقدير دون سن 17، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد".



