الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    حين يسبق الرأي زمنه

    أحداث اليوم - في زمن تغلب فيه ردود الفعل السريعة، وتعلو فيه أصوات المسايرة على حساب التفكير النقدي، تبرز الحاجة إلى عقول ترى أبعد من اللحظة وتقرأ التفاصيل قبل أن تتحول إلى عناوين كبرى. من هذا المنطلق، يمكن فهم مواقف الدكتور بشار حوامدة التي أثارت جدلا واسعا في أكثر من محطة، ثم أثبتت الأيام أن ما قيل لم يكن خروجا عن الصف، بل قراءة مبكرة للمشهد.

    عندما انتقد الدكتور بشار أداء المدرب الحسين عموته خلال فترة وجوده مع المنتخب الوطني، ركز في حديثه على تفاصيل فنية وإدارية بدت للبعض صغيرة وغير مؤثرة. في ذلك الوقت، قوبل هذا الطرح بهجوم واسع، واعتبره كثيرون موقفا ضد التيار وضد حالة الإجماع الشعبي والإعلامي، بل ووجهت له اتهامات بمخالفة المزاج العام والوقوف في وجه المركب الساير.

    لكن مع مرور الوقت، اتضح أن تلك الملاحظات لم تكن عبثية ولا نابعة من موقف شخصي، بل قراءة دقيقة لمؤشرات كان من الصعب على كثيرين رؤيتها وسط الحماس والنتائج الآنية.

    المشهد تكرر لاحقا، ولكن في سياق مختلف تماما، عندما انتقد الدكتور بشار تحركات السفير الأميركي الجديد في الأردن، وتحديدا حضوره المكثف للمناسبات العامة والخاصة، من أفراح وعزيات ونشاطات اجتماعية متنوعة. مرة أخرى، بدا الحديث صادما للبعض، واعتبره آخرون مبالغة أو تحميل الأمور أكثر مما تحتمل.

    غير أن الأسابيع التالية حملت تطورا لافتا، مع وصول هذه الملاحظات إلى قبة مجلس النواب، وبدء توجيه أسئلة رسمية للحكومة حول طبيعة هذه الزيارات ودلالاتها وحدودها. هنا فقط، أدرك كثيرون أن ما قيل سابقا لم يكن رأيا معزولا، بل تنبيها مبكرا لمسألة ذات أبعاد سياسية ودبلوماسية أعمق.

    الخلاصة أن الدول والمؤسسات لا تدار بردود الفعل ولا بحسابات الشعبية المؤقتة، بل بعقول قادرة على قراءة ما خلف المشهد، والتقاط الإشارات قبل أن تتحول إلى أزمات أو ملفات ساخنة. نحن بحاجة إلى نماذج إدارية وفكرية تشبه عقل الدكتور بشار حوامدة، عقول لا تخشى قول ما تراه صحيحا، حتى وإن خالف السائد، لأن ثمن الصمت أحيانا يكون أكبر بكثير من ثمن النقد المبكر.





    [24-12-2025 03:24 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع