الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    "المعركة الأخيرة" للحكومة!

    مع بدء العدّ التنازلي لعمر مجلس النواب، شرعت دوائر القرار بتدارس الخيارات المتاحة أمامها للتعامل مع المرحلة المقبلة، وتحديد عمر كلّ من الحكومة ومجلس النواب؛ فيما إذا كنا سننتظر إلى نهاية المدة الدستورية التي من المفترض أن تكون في بداية 2017، أم سنشهد انتخابات مبكّرة قبل نهاية العام المقبل.
    هذه الاهتمامات تنقل الحديث عن تعديلات قانون الانتخاب إلى مرحلة أكثر جديّة من قبل دوائر القرار. وستتوضّح الصورة أكثر خلال الفترة القادمة، فيما إذا كان المشروع الذي عمل على إعداده د. خالد الكلالدة، وزير الشؤون السياسية، بالحوار والتفاهم مع مراكز القرار الأخرى، سيمرّ، أم أنّه سيُعرقَل كالعادة من قبل المؤمنين بالصوت الواحد وأشباهه!
    الوزير الكلالدة عمل جاهداً، خلال الفترة الماضية، على ردّ الاعتبار لصيغة لجنة الحوار الوطني، عبر قائمة نسبية مفتوحة على مستوى المحافظة، مع إلغاء القائمة الوطنية. وهو السيناريو الذي لا يروق لنخب سياسية وبرلمانية عريضة، تصرّ على الإبقاء على القائمة الوطنية.
    وفق كلّ الحالات، ليست المعركة الحقيقية حول القائمة الوطنية، ضمن عدد المقاعد الحالي، بل هي على "الصوت الواحد" تحديداً، والدوائر الفرعية؛ فهذه التغييرات هي التي من الممكن أن تغيّر بنية مجلس النواب ودوره، ما ينعكس بصورة كبيرة على الحياة السياسية والمسار الديمقراطي المترنّح.
    ربما هذا يقودنا إلى السؤال الجوهري حول طريقة تفكير "مطبخ القرار"؛ فيما إذا كان هناك شعور بضرورة هذا التغيير والوصول إلى مجلس نواب قوي، بمشاركة المعارضة، بما في ذلك جماعة الإخوان الكبرى -أو حزب جبهة العمل الإسلامي (نيابةً عنها)- أم أنّ القناعة السياسية ترى بأنّ المطلوب هو ضبط قواعد اللعبة والحفاظ على الوتيرة الحالية من التحكم بمفاصلها، وعدم التورّط مع مجلس نواب طموح، يثير مشاغبة بنسبة أعلى، بخاصة فيما يتعلق بالوضع الإقليمي الضبابي.
    كان رهان الكلالدة، ذي الخلفية المعارضة اليسارية، على أنّه سيخرج من الحكومة الحالية بمشروع قانون انتخاب معدّل يبرر به وجوده فيها، وقبوله بموقع الوزارة، ما يساهم في نقل الحياة السياسية نقلة نوعية، وليس الأمر كما يقول خصومه مطامح شخصية فقط لا أكثر، بخاصة أنّ الهجمة التي نالت صديقنا الدكتور اليساري كانت أكثر سخونة من الآخرين، بسبب خطابه السياسي المعارض اللاذع سابقاً.
    خلال الفترة الماضية، تمتّع الكلالدة بالراحة والأريحية بالحديث عن قانون الانتخاب والإنجاز المطلوب، من دون أن يجد تشكيكاً في كلامه أو اهتماماً خاصّا به، ولم يزعجه أحد من المسؤولين حينها بالإصرار على "الصوت الواحد"؛ فالجميع كان يعرف أنّ المعركة الحقيقية على القانون تبدأ -لدينا- في "ربع الساعة الأخير"، ونحن الآن على عتبته، نستعد لاقتحامه، فبدأت التفاهمات التي توصّل إليها الوزير سابقاً تهتزّ، وأصبحنا نشاهد صيغاً جديدة يتم الحديث عنها، مثل الصوتين فقط، بدلاً من الصوت الواحد، مع الإبقاء على "الدوائر الفرعية".. إلخ.
    كنتُ قد شكّكت، سابقاً، وأنا الآن أكثر إصراراً على موقفي -وأتمنى أن أكون مخطئاً- بأنّه لا توجد إرادة حقيقية لتغيير "الصوت الواحد"، أو الخروج من نفق الدوائر الفرعية، والعودة إلى الأصوات المتعددة على مستوى المحافظة، بما يغير كثيراً من واقع مجلس النواب. وهناك قوى وشخصيات تتمتع بحضور داخل "السيستم" حالياً، مثل رئيس الديوان الملكي ووزير الداخلية وغيرهما، يؤمنون تماماً بأنّ "الصوت الواحد" أو ما شابهه هو خيارنا الوحيد!
    لن يخوض د. عبدالله النسور معركة قانون الانتخاب، فمعركته الحقيقية فقط هي "عمر الحكومة". ولا نتوقع أن يتصدى لهذه المهمة أيّ من الوزراء الآخرين. فيما الرهان اليوم متضارب على الوزير الكلالدة في معركته الأخيرة، وقد تكون الوحيدة!





    [28-07-2015 10:57 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع