الرئيسية 
مقالات واراء
حقيقة الايمان بالله
د نبيل الكوفحي
…
حقيقة الايمان تختلف عن ادعاء الناس بها، فادعاء كل المسلمين وغيرهم انهم يؤمنون بالله يحتاج إلى تمحيص قبل اكتساب هذه الصفة. وليس هذا من باب إطلاق الأحكام على العامة بل هو من باب التذكير والتفكر بهذا الأمر ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
يقول تعالى ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فالدلالة في الايات واضحة أن ثمة فرق بين ادعاء الإسلام وادعاء الايمان، فالثاني له لوازمه التي وردت بشأنه شواهد كثيرة في القران الكريم.
من هذه الايات قول الله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ). ارتباط الايمان بالعمل الصالح على إطلاقه كان واضحا في كثير من الايات وقد وردت عشر ايات تقرن بينهما؛ منها قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا). من هذه الايات كذلك التي جمعت بين افعال متعددة ومنها بعض اركان الاسلام ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا)
وفي أشكال اخرى في اثبات حقيقة الايمان، ما جاء بنفي صفة الايمان عن بعض الاعمال، كما في بعض الأحاديث والتي منها؛ (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن) مَن هو يا رسول الله؟ قال: (مَن لا يأمَنُ جاره بوائقه)، ومنها ايضا في علاقة المكان اي الجوار ما جاء بالحديث الشريف (ليس مِن المؤمنين مَن مات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائع وهو يعلم به)، وان حملها البعض على حالة نقصان الايمان وليس اسقاطه كليا.
تأتي احاديث اخرى لتشير إلى جوانب اخرى في السلوك البشري، ومنها ارتباط الأخلاق بالايمان، اي إسقاط معاملة المسلم لغيره كما في احاديث الجوار أعلاه، ومنها ( أكملُ المؤمنين إيمانا أحسنُهم خُلُقا). ويلخص الحديث التالي علاقة الايمان بسلوك الإنسان مع غيره ( المؤمن مَن أمنَه الناسُ على دمائهِم وأموالِهم وأعراضِهم) وهذا يشمل المسلمين وغير المسلمين. وقد يستهين البعض بافعال اللسان، لذلك جاء الحديث موجها بتحري الكلام هدفه وحسنه وأسلوبه (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).
اللهم اجعلنا ممن يؤمنون بالله حق الايمان.
