الرئيسية
مقالات واراء
في كل مرة نسمع كلمة ذكاء اصطناعي يتبادر إلى أذهاننا المستقبل والتطور، لكن في الأردن، لم يعد الأمر مجرد خيال، فالذكاء الاصطناعي بدأ يدخل مدارسنا وجامعاتنا، يغيّر طرق التدريس، ويطرح أسئلة جادة: هل هو أمل طال انتظاره لإصلاح التعليم، أم تهديد يخبئ مشاكل جديدة؟
الاقتصاد الرقمي في الأردن يكبر بسرعة، من المتوقع أن يقفز من أقل من مليار دينار اليوم إلى حوالي 4 مليارات دينار خلال عشر سنوات فقط، وهذا يعني أن البيئة أصبحت جاهزة أكثر لتجربة أدوات الذكاء الاصطناعي داخل التعليم.
من أبرز مزايا الذكاء الاصطناعي في التعليم أنه يكسر فكرة المناهج الموحدة، فالأنظمة الذكية قادرة على تحليل مستوى الطالب وتقديم محتوى يناسبه بالضبط، فالطالب المتفوق يتقدم بسرعة، والطالب المتعثر يحصل على دعم إضافي، بدل أن يسير الجميع بالوتيرة نفسها، وهذا النهج يفتح الباب أمام عدالة تعليمية أوسع في الأردن.
الذكاء الاصطناعي لم يعد محصورًا في العلوم، بل دخل بقوة إلى طرق التعليم نفسها، اليوم يمكن للأطفال أن يتعلموا عبر روبوتات وألعاب ذكية تجعل الدرس تجربة ممتعة تبعد الملل وتزيد الفضول.
لكن الصورة ليست وردية تمامًا، هناك خطر أن يلجأ بعض الطلاب لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للغش أو الحصول على إجابات جاهزة بدل التعلم الحقيقي، كما أن ضعف الوعي بأخلاقيات الاستخدام قد يجعل هذه التقنية أداة للكسل بدل أن تكون وسيلة للإبداع.
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى التعليم يزداد القلق من تأثيره على سوق العمل، فبعض الوظائف التعليمية التقليدية قد تختفي مع الوقت، مثل مهام التصحيح أو إعداد الاختبارات، بعد أن أصبحت هذه الأعمال تُدار بأنظمة ذكية بشكل أسرع وأدق، وهذا التغيير قد يوفّر المال للمؤسسات، لكنه في المقابل يهدد بزيادة البطالة والفقر بين فئات من المعلمين والإداريين، خصوصًا إذا لم ترافقه برامج تدريب وتأهيل تنقلهم إلى أدوار جديدة تناسب التحول الرقمي.
الذكاء الاصطناعي في التعليم الأردني بين الأمل والخوف، أمل في نظام أكثر عدالة وفعالية، وخوف من سوء الاستخدام وغياب الضوابط، والكرة اليوم في ملعب صانعي القرار والمعلمين: هل نُحسن توظيف هذه الأدوات لبناء جيل جديد قادر على المنافسة عالميًا، أم نتركها تتحول إلى عبء جديد على مدارسنا وجامعاتنا؟



