الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    د. محمد الزعبي يكتب : تأثير المساعدات الأمريكية للأردن في المجال الصحي 4

    أحداث اليوم - من المهم معرفة أن المساعدات الأمريكية وبالتالي تأثيرها، قد خضع بدوره للمتغيرات وشروط الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتناقضاتها الداخلية والخارجية.
    فزمن القطبين غير زمن القطب الواحد، وزمن استقلالية منظمة الصحة العالمية غير زمن خضوعها للإملاءات الأمريكية، وزمن الازدهار الأمريكي غير زمن أزماتها الاقتصادية. فقد ولى الزمن الذي كان يستطيع فيه الأردن وغيره من الدول النامية رفض الإملاءات الأمريكية، كما ولى الزمن الذي تستطيع فيه الولايات المتحدة تقديم المساعدات بسخاء وما قرار ترمب الأخير بوقف أو تخفيض المساعدات إلا خير دليل على ذلك.
    استطاع الأردن التخلي عن هذه المساعدات التي توقفت بقرار أمريكي مرتين، الأولى إثر العدوان الإسرائيلي عام 1967 وحتى أحداث أيلول عام 1970، والثانية بعد احتلال العراق للكويت، بسبب اتخاذ الأردن مواقف لا ترضي الجانب الأمريكي، حيث عوضت ليبيا ودول الخليج الأردن بمساعدات بأكثر من قيمة المساعدات الأمريكية.
    لا تحسب الولايات المتحدة حسابا لأحد ولا تخشى إلا من غضب الشعوب، ولذلك توقفت عن فرض إملاءتها بعد انتفاضة نيسان عام 1989، وتخلت عن المزيد من خصخصة القطاع الصحي، ومشروع المؤسسة الطبية العلاجية. كما توقفت إثر انتفاضة الميادين العربية، التي أجبرت الأردن على تغيير دستوره بما يتضمن رعاية المسنين والأطفال الأمر الذي أدى لشمولهم بالتأمين الصحي المجاني.
    صحيح أن الحكومات الأردنية المتعاقبة كانت وما زالت تميل للاستجابة لتوصيات البنك الدولي وأمريكا، لكن الجهاز البيروقراطي كان ممتعضا من هذه التوصيات، لم يأت هذا الرفض ولم يكن من منطلق استقلالي، بل للمحافظة على المكاسب التي حققوها خلال الفترة الريعية التي عاشها الأردن، ووجود رعاية صحية مجانية على حساب خزيتة الدولة، يعكس النيوليبراليين الذين شاركوا بحكم الأردن ابتداء من الربع الأخير من القرن الماضي، وتبنوا وروجوا لكل توصيات البنك الدولي وأمريكا.
    كما أن التغيرات التي أحدثتها المساعدات نفسها في نوعية الكوادر الصحية في الأردن وربط جزء منها بالسياسات الصحية الأمريكية ليتبناها، ويتخلى عن أي أجندة وطنية مستقلة للقطاع الصحي، بل قد يحاربها. ولا عجب في ذلك فهذا الجزء هو المستفيد من المزايا المادية والمعنوية ضمن النظام الصحي الأردني الذي تشظى في تمييز واضح فيه.
    كان دعم اللاجئين أحد الوظائف الرئيسية للمساعدات الأمريكية والأجنبية وحتى العربي، ومن أجدر من الأردن؟ لتلقي هذه المساعدات لمساعدة توطين اللاجئين الفلسطينيين، أو استيعاب اللاجئين العراقيين أو دعم اللاجئين السوريين. فهل انتهى الزمن الذي يستقبل فيع الأردن لاجئين جدد، أم سيتمكن ترمب وإسرائيل من تهجير الفلسطيين للأردن؟!





    [06-03-2025 11:50 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع