الرئيسية
تقارير
أحداث اليوم - أحداث اليوم -ما هو العمر الرسمي الذي يمكن عنده أن تعتبر نفسك قد أصبحت كبيرًا في السن؟ وأصبحت غير مهتم بما يدور حولك؟
سؤال ملتبس لجهة أن شعور الإنسان بأنه أصبح كبيرًا بالسن مرتبط بأبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية وبيئية وطبية، والمعايير التي تحكم هذه الأبعاد متغيرة، لأنها أبعاد متغيرة بالفعل. لكن تشير بعض استطلاعات الرأي المنشورة إلى أن الشعور بكبر السن يبدأ في منتصف الثلاثينيات من العمر.
إذن، ما هو العمر المثالي في حياتنا؟
يعتقد بعض الناس أن العمر المثالي هو سنوات المراهقة الخالية من الهموم، أو سنوات الدراسة في الجامعة. لكن بلوغ الإنسان عمر 35 عامًا، قد يكون نقطة تحول في حياته، على المستويين الشخصي والمهني.
فوفقاً لدراسة أجرتها جامعة "كِنت" البريطانية، فإن عمر 35 سنة ليس فقط هو العمر الذي يُنظر فيه إلى الشخص على أنه لم يعد "شبابًا"، وإنما هو العمر الذي يصل عنده الرجال إلى "قمة الشعور بالوحدة"، والنساء إلى "قمة الشعور بالملل".
إضافة إلى ذلك، فإن هذا العمر هو الذي يبدأ المرء عنده في كُره عمله أو مهنته، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته شركة "روبرت هاف" للموارد البشرية في بريطانيا، وشمل أكثر من ألفي موظف.
تشير بعض الأبحاث إلى أنه خلال مرحلة منتصف الثلاثينيات، تزداد الضغوط العائلية، والمسؤوليات المالية، لتسبب كثيرًا من المشاكل في كل من العمل والمنزل.
زيادة الضغوط؟
في منتصف الثلاثينات، تصبح فكرة الأمن الوظيفي أكثر إلحاحًا. فوفقًا للبيانات التي جمعها المكتب الوطني للإحصاءات في بريطانيا خلال استطلاع أجراه في الربع الأول من عام 2017، كان الموظفون في المرحلة العمرية من 35 إلى 49 سنة أكثر عرضة للتسريح من العمل بنسبة تصل إلى الضعف، مقارنة بالموظفين في المرحلة العمرية من 25 إلى 34 سنة.
بالإضافة إلى ذلك، كان العاملون في تلك المرحلة العمرية (من 35 إلى 49) أقل رضى في عملهم من أقرانهم الأصغر سنًا، وفقا لذلك الاستطلاع.
وأشار الاستطلاع كذلك إلى أن واحدًا من بين كل ستة موظفين بريطانيين فوق 35 سنة ليسوا سعداء في وظائفهم، وهي نسبة تبلغ ضعف النسبة الخاصة بالموظفين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة.
يقول خبراء في التنمية البشرية إن العاملين الأصغر سنًا يستفيدون في الغالب من انخفاض سقف توقعات مدرائهم، ومن الطموحات الكبيرة أمامهم، بينما يعاني العاملون في منتصف الثلاثينيات من أعمارهم من أجل الإجابة عن السؤال: هل حققتُ ما أريده؟
لكن من هو الذي يصنع الاختلافات في المراحل العمرية؟
هل هو الشخص نفسه أم عوامل أخرى لا يمكن ضبطها؟
من الإنصاف اعتبار أن بعض الاختلافات بين مرحلتي ما قبل 35 سنة، وما بعدها، تعود إلى حقيقة أن الأشخاص أنفسهم من يصنعون هذا الحد الفاصل.
من الشائع بين شركات الأبحاث أن تستخدم شرائح عمرية تفصل بينها عشر سنوات أو أكثر. لذا، قد لا تكون هذه التصنيفات العمرية متوافقة مع بعضها البعض.
فمثلا، الشخص الذي يبلغ من العمر 20 سنة يكون في الغالب في مرحلة عمرية مختلفة عن الشخص الذي يبلغ 29 سنة، ومع ذلك يوضع الاثنان في شريحة عمرية واحدة.
وبالتالي، فإن أول مرحلة عمرية للموظفين، كما ترى خبراء، ينبغي أن تكون من 18 إلى 24 سنة، ثم من 24 إلى 34، وهكذا.كما أن النساء فوق سن 35 سنة، من اللائي يردن إنجاب أطفال، يواجهن مخاوف بشأن الخصوبة، رغم أن دراسات حديثة تشير إلى أن الخصوبة عند النساء لا تتراجع بشكل حاد ومفاجئ كما يتصور بعض الناس.
ويشير خبراء إلى فهم خاطئ مفاده أن مرحلتي العشرينيات والثلاثينيات من العمر ستكون أفضل سنوات حياة الإنسان، وأن التراجع في مختلف أوجه الحياة يبدأ في مراحل لاحقة.
لكن في الواقع، تمتلئ هذه السنوات بالضغوط والمخاوف المختلفة المتعلقة باتخاذ القرارات المصيرية في حياة الشخص.
كما أن ارتفاع متوسط الأعمار في الدول المتقدمة، وما يصاحب ذلك من وفرة الخيارات المتاحة في ظل اقتصاد متشابك عالميًا، يجعل عملية الاستقرار في وظيفة واحدة، وموقع جغرافي واحد، أمرًا أكثر صعوبة مقارنة بما كان عليه الأمر لدى الجيل السابق.
ويقول الخبراء: في الماضي، كان الناس يتخذون قرارات مصيرية طويلة الأمد في بداية سن العشرينيات، لكن أبناء جيل الألفية الجديدة اليوم يواصلون تأجيل مثل تلك القرارات، فهم يؤخرون الزواج، ويؤجلون الإنجاب، وبالتالي فإن العديد من الضغوط التي كانت تقع في مرحلة مبكرة من الحياة أصبحت تقع الأن في سن الثلاثينيات".
لكن الخبر السار يتمثل في أن بقية حياة الإنسان ستكون أسعد. نعم، قد لا يكون التقدم في السن شيئًا مبهجًا، لكن قدراتك العقلية قد تتحسن بمرور عقود من العمر، فمع التقدم في العمر يعرف الإنسان نفسه أفضل، ويتخذ قرارات حكيمة، ويميل إلى أن يكون أقل أنانية. هذه هي الحكمة التي تأتي مع الخبرة، والتي تتحصل عليها فقط عندما تكبر في السن.