الرئيسية تفسير احلام

شارك من خلال الواتس اب
    ماذا لو أحببنا الأردن كما أحبنا؟

    أحداث اليوم - عبدالله الكفاوين

    كثرة الكوارث حولنا أثارت العديد من التساؤلات غير المشروعة أحيانًا في عقائد الشعوب السوية النشأة، لكن السؤال الأبرز الذي يدور في أذهان الكثيرين: هل نحب الأردن فعلًا؟ لا تجيبوا عن هذا السؤال قبل أن نعرّف معنى حب الأرض والوطن ومكوناته.

    الحب ليس مجرد كلمات تردد في المناسبات الوطنية، ولا شعارات تُرفع وقت الأزمات، بل هو التزام وسلوك يومي، يظهر في احترام القوانين، والإخلاص في العمل، والتعاون بين أبناء الوطن. هل فكرنا يومًا كيف يكون حب الوطن ممارسةً حقيقية؟ كيف نجسّد هذا الحب في أعمالنا، لا في أقوالنا فقط؟

    كلما صاح ديك في شرق الأرض أو مغربها، ينقسم نسيجنا المجتمعي من جديد، وكأننا في مراحل الحياكة. في كل مرة نظن أنه مجرد انقسام مرحلي، لكننا ننظر إلى ما يفرقنا لا إلى ما يجمعنا. على مقربة منا، هناك في غزة المجد، كل دواعي الانقسام والتفكك قائمة، ورغم ذلك ضربوا مثالًا تاريخيًا في الوحدة والتعاون، وخلقوا ما يجمعهم بدلًا مما يفرقهم. أليس في ذلك درس لنا؟

    لدينا الأرض والدم والدين، لكن ظاهر الكثيرين لا يعكس باطنهم، ولن نفلح في لمّ الشمل قبل أن ندرك قيمة النعم التي منحنا إياها الأردن، تلك التي اعتدنا عليها حتى لم نعد نحصيها، بل ولم نعد نشكر الله عليها. هل تأملنا يومًا معنى أن نكون في وطن مستقر، آمن، وسط إقليم مشتعل؟ هل أدركنا أن نعمة العيش بكرامة ليست أمرًا بديهيًا في هذا الزمن؟

    نحن آمنون في بيوتنا وبين أحبتنا، نشعر بمن حولنا، ونقدم ما نستطيع، لعلّه يسعف ما تبقى من كرامة. بعيدًا عن المراهقة السياسية والنفسيات التي أدمنت الخذلان والحزن، لماذا لا نشكر الله على نعمة الأردن؟ لماذا لا نربي أبناءنا على أن لهم وطنًا يحبهم، فلا يجوز لهم إلا أن يحبوه، بضرائه قبل سرائه؟ لماذا لا نؤمن بأن الله مَنّ علينا بنعمٍ تستوجب الشكر، كما تستوجب الاستعداد للحفاظ عليها؟

    الأردن لم يكن يومًا بلدًا غنيًا بالموارد، لكنه غنيٌ بأهله، بتاريخه، بموقعه، برسالته التي حملها منذ تأسيسه. كم من دولة تمتلك النفط والذهب، لكنها لم تمتلك الأمن والاستقرار؟ وكم من وطن ضاع لأن أبناءه لم يدركوا قيمته إلا بعد فوات الأوان؟

    آن الأوان أن نجهر بحب الأردن، ونقدر إغاثته للملهوف والجريح، ودعمه لأشقائه بأيدي أبنائه. فلن نبخل على الأرض التي تحتضننا ونحتضنها بالبوح بمشاعرنا التي تستحق، فلنا وطنٌ نعيش فيه، ويعيش فينا. ولكن، حب الوطن ليس أغنية عابرة أو صورة في يوم الاستقلال، بل هو التزام بأن نكون أوفياء له في كل حين.

    فلنسأل أنفسنا: ماذا قدمنا لهذا الوطن مقابل ما قدمه لنا؟ هل حافظنا على مرافقه؟ هل دعمنا اقتصاده؟ هل احترمنا قوانينه؟ حب الأردن لا يكون بالصوت العالي، بل بالأفعال الصادقة، بالنوايا الحسنة، بالعمل الجاد، بالترفع عن الصغائر، بالتكاتف عند الحاجة.

    فماذا لو أحببنا الأردن كما أحبنا؟





    [07-02-2025 01:07 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع