الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    مبارة القدم و"تغييب" الجمهور .. كالمستجير من الرمضاء بالنار

    أحداث اليوم - كتب: محمد أبوعريضة
    "كالمستجير من الرمضاء بالنار" ... هذا هو حال الحكومة، حينما قررت إقامة مباراة الفيصلي والوحدات من دون جمهور، تفاديًا لاحتكاكات وصدامات قد تحدث في ظل حالة استقطاب حادة بين جمهوري النادييّن، أخذت منحًّى خطيرًا، قد يشق المجتمع عموديًا.
    فالحكومة بفعلها هذا، تزيد من حالة الاحتقان، فلا جمهور الوحدات راضٍ عن هذه الخطوة الحكومية، وبالتأكيد جمهور الفيصلي لم يرحب بها، والسؤال هنا: هل خففت هذه الخطوة حالة الاحتقان، أم زادتها، أم جمدتها؟
    في كل الأحوال، من المؤكد أن الحكومة هربت من مواجهة استحقاقات، عليها التعاطي معها بكفاءة ومهنية، إلى سياسة المنع، وكأنها تؤكد وجود المشكلة، لكنها غير قادرة على معالجتها إلا بالمنع. شأنها في ذلك شأن رب الأسرة، الذي يمنع أفراد أسرته من الدخول إلى "الانترنت"، حفاظًا على الفضيلة، فهل يحمي هذا المنع في هذه الحالة من الوقوع في الرذيلة؟
    المنع يا سيدتي الحكومة؛ تعبير عن عجز، وليس تعبيرًا عن قوة تمتلكها الحكومة، لممارسة سلطتها. فممارسة السلطة، يا حكومة، لا يكون صحيحًا إلا إذا اقترن بتحقيق أهداف، وهنا الهدف من المنع، كما تقولي أنت يا حكومة: تفادي الاحتكاك، ووقوع حوادث عنف، يمكن أن تعكر صفو المجتمع. فهل هذا المنع، يا حكومة، يمنع الاحتكاك في الشارع، أو في أي مناسبة أو في أية مبارة في المقبل من الأيام؟
    الجذور العميقة للمشكلة، التي تتفادى الحكومة الخوض فيها، الحكومات المتعاقبة أسهمت في صنعها وتنميتها. وتعود إلى أكثر من نصف قرن. وبالتأكيد من عاش تلك التجربة مات، أو أصبح غير مؤثر، كما هو حال الأجيال الحديثة، بخاصة أن أدوات التحشيد والتأثير الحالية: هي منصات التواصل الاجتماعي، التي يتقنها الشباب، ويستعملونها بكفاءة، وعصيّة على كبار السن، أو أنهم يتعاملون معها بصعوبة بالغة.
    طيب؛ لماذا هذا الاحتقان؟
    دعوني أقول بصدق: إن الأيام تجاوزت الجذور الحقيقية للاحتقان المُفترَض، فالكل في الأردن، بغض النظر عن منبته، نحن اليوم مهددون من "عدو" واضح جاهز للانقضاض علينا جميعً، فلماذا نختلف على ماضٍ، أصبح في رحم التاريخ، ونحن أمام تحدٍ راهن يستهدفنا جميعًا؟
    من يتابع ما يجري في الضفة الغربية، وما جرى العام الماضي في معركة "سيف القدس"، وهذا العام في معركة "وحدة الساحات"، ومقدار التفاعل الشعبي الأردني معه، يدرك أن المعركة الحقيقية تدور هناك على الأرض في مواجهة عدو مدجج بالخرافات وبكل أنواع الأسلحة، ويستهدفنا جميعا، أردنيين وفلسطينيين، ولا تدور هنا في ملاعب كرة القدم، إلا أذا كان هناك أطراف متربصة، تستثمر مبارة كرة قدم، لشق المجتمع، والعبث بالسلم الأهلي. وهذا بالتأكيد لا يصب إلا في مصلحة "العدو" الصهيوني، الذي، كما تؤكد الشواهد، يدير نزاعاتنا على مبارة كرة قدم أو ما شابهها من هناك، من تل أبيب، فهل نعقل؟
    وهل تبحث الحكومة عن آليات لتعزيز الوحدة الوطنية، وتبتعد عن سياسات المنع التي لا تعالج، بل تؤجج وتستفز؟





    [14-10-2022 03:44 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع