الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    شرُ البليةِ ما يُضحِك

    أحداث اليوم - محاولة لفهم كلام وزيرة الثقافة
    ما بين كلام وزيرة الثقافة عن حماية القيم الوطنية ونشر التفكير النقدي والريادة والإبداع، وكلامها عن التحول الرقمي، وكيف جلب الترابط التكنلوجي عنصرًا من التهجين في الثقافات حول العالم، وأن هذا التطور من منظور أردني جعل الثقافة ساحة تهجين بفضل الترابط التكنلوجي، حيث أصبح الانتقال بسلاسة من الثقافة الوطنية إلى ثقافة عالمية ممكنًا من خلال الاستثمار الحكومي في البنية التحتية الرقمية.
    أقول: ما بين كلامها عن حماية القيم الوطنية، وكلامها عن تهجين الثقافة ثمة تناقض فج، لا يمكن لأي عين إغفاله، فنحن في بداية كلمتها التي ألقتها أمام مؤتمر وزراء الثقافة في منطقة الأورومتوسطية، نلحظ تأكيدها على القيم الوطنية أو بمعنى أدق "الثقافة الوطنية"، لكنها بعد قليل في الكلمة نفسها، تعود وتنسف "الثقافة الوطنية" وتربطها بالـ"تهجين" الثقافي في إطار ثقافة عالمية، بفضل الترابط التكنلوجي، إذًا نحن أمام مشروع لـ"تهجين" ثقافتنا الوطنية، ومحوها لصالح ثقافة عالمية يهيمن عليها خطاب الليبرالية الجديدة.
    وبعيدًا عن اللغة المستخدمة في كلمة معالي الوزيرة، التي من المؤكد أنها مترجة بشكل سيء، أقرب إلى ترجمة "جوجل"، فإن تفاصيل ما ورد في الكلمة ينطوي على مشروع تغريبي، في وقت تحاول دول كثيرة في العالم استعادة ثقافاتها الوطنية، بعد أن تعثرت الثقافة المعولمة، وأضحت الشعوب الحية تعي أن "العولمة" كذبة أمريكية انطلت على العالم ثلاثة عقود، لكنها انكشفت، وأخذت الشعوب تستعيد مفرداتها الثقافية الخاصة.
    الأخطر في كلمة الوزيرة غرابة الكلمات والمصطلحات التي جاءت فيها، فقد جاء في الخبر المنشور في هذا السياق: "تساءلت النجار عن دور وزارة الثقافة في التصنيف يجب وتقييم مجالات الثقافة والتراث الأكثر تضررًا من الأزمات والصدمات المفاجئة مثل الأوبئة والأزمات المالية والمناخية أو الصراع المستمر، ومن هم الأكثر عرضة للخطر ضمن القطاعات الإبداعية والتراثية وما هي المجتمعات التي تعتمد على حيوية هذه القطاعات في سبيل عيشهم" – انتهى الاقتباس -.
    بالله عليكم؛ ماذا فهمتم؟
    أنا شخصيًا لم أفهم شيئًا، إلا إذا كان المحرر، الذي كتب الخبر، مبتدأ.
    وتطرح الوزيرة ما أسمته "السؤال المركزي"، وهو: كيف يمكننا بناء المرونة ودعم التحول الرقمي العادل والشامل المستدام اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا وسياسيًا للأجيال القادمة التي تواجه تحديات غير مسبوقة في المستقبل؟
    هل تلاحظون "بناء المرونة"، ماذا تعني؟
    أنا أعمل في مجال الكتابة منذ ثلاثة عقود أو يزيد، لم أصطدم بهذا المصطلح.
    الأمر الآخر بخصوص هذا السؤال: ما علاقة وزيرة الثقافة بالتحول الرقمي الشامل والعادل اقتصاديًا وبيئيًا وسياسيًا؟
    النجار تجيب عن هذا السؤال بقولها في الكلمة نفسها إن وزارات الثقافة حول العالم تعد أساسية لهذه المهمة، ويمكنها رفع مهارات الناس ودعمهم.
    أتساءل هنا: كيف لوزارة ثقافتنا أن تطلِّع بهذه المهمة، وميزانيتها بالكاد تكفي لدفع رواتب العاملين فيها، وإن فاض بضعة آلاف تنفقها الوزارة على بعض المطبوعات، والمهرجانات.
    وما يؤكد أن الكلمة ترجمة "جوجل" الفقرة الأخيرة، التي جاء فيها: وختمت النجار أننا نواجه فرصة فريدة لاستخدام كل ما هو متاح في متناول أيدينا لاغتنام التحول الرقمي لدعم ركائز التنمية البشرية في المجتمعات المحلية والعالمية المترابطة.
    من نافلة القول إن الثقافة هي روح الأمة، وأن المثقفين ضميرها، لذا فإنهم يستحقون وزارة يرأسها مثقف مشتبك مع قضايا الناس، أما ما نراه، وما هو واضح من كلمة الوزيرة محور الحديث أنها قد تنفع وزيرة لأي وزارة أخرى غير وزارة الثقافة، فهي مفصولة عن المشهد الثقافة، ومعزولة عن المحيط.





    [18-06-2022 12:43 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع