الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حتى نلتقي - محمظ

    في شهر رمضان يصبح للطعام مكانًة أكبر، فالجوع يدغدغ المعدة، والروائح الزكية التي تنبعث من المطابخ تجعل نكهة الطعام والصيام تحديًا كبيرًا لضعاف النفوس أو قل محبي الطعام.
    ولذلك نسرف في الإنفاق في هذا الشهر والأصل أننا نتكلف أقل. ولذلك نوهم أنفسنا بوضع الطعام الزائد عن حاجتنا في البرادات للاستعمال في اليوم التالي، وفي الحقيقة غالبًا لا يحدث.
    هذه الحالة الطبيعية ، قبل عالم البرادات كان الناس يعتمدون الطقس، فإذا بقي طعام اليوم للغد تقوم الأم عادة بتذوق الطعام، ما نسميه بالعامية طبيخ بايت وتقرر استعماله أو الإعلان بقوة أنه محمظ.
    هذا الإعلان يعني فساد الطبيخ الذي كان جيدًا قبيل ساعات، ولن يجروء أحد على تناوله ومن يفعل فلا يلومن إلا نفسه من مغص وألم في البطن، وربما إسهال لا يتوقف، وتأتيك الأسئلة المحرجة عن سبب المغص فلا أحد يعترف أنه أكل طبيخًا محمظ.
    ما الذي يدعونا إذًا أن نتعامل مع كل المحمظ بأنواعه اليوم؟ لا أحد يريد تناول الطعام المحمظ، سوى أننا وبسهولة ننزلق نحو نفس المبدأ.
    هناك أفكار قد حمظت منذ زمن بعيد وما زال البعض يريدنا أن نتجرعها فقط لأنها كانت أفكاره أو وافقت فكره.
    هناك قادة أصبحوا محمظين منذ زمن بعيد وعلامات ذلك هو الاجترار المتكرر للكلمات ومحاولة إدخال أنوفهم في كل الأمور حتى تلك التي لا يفهمون فيها شيء.
    هناك قيم بالية ليست سوى تراثًا مغبونًا حينًا، أو مستوردًا حينا أخر قد حمظت وليس من السهل الإيمان بها، حتى ولو تغطت بقيم عالمية نوعًا ما.
    العلامة الفارقة لمعرفة المحمظ من الافكار والقادة هو القيء المتكرر، فلا يعقل أن يقيء المرء كل يوم وكل ساعة ولا يدرك أن هناك طعام محمظ في بطنه، وقد أدركت يوما إحدى النساء وهي تصف هذه الحالة بأن من يقيء بكثرة مبشوم، وعندما استفسرت عن المعنى قيل أنه الأمر مركب فالطعام لم يك فاسدًا ولكن معدة للشخص قد حمظت.

    إذًا ما الحل المقترح وكيف نفرق بين الغث والسمين؟ بين الطبيخ البايت والمحمظ ؟ وكيف نتجنب الوقوع في هذا المأزق؟ أسئلة كثيرة إلاجابة عليها كانت وما زالت ما فعلته أمهاتنا، فقد شممنَّ الطعام قبل تذوقه، ثم ترددن بوضع الطعام على اللسان، ثم مرحلة المضغ، وقد يصل الطعام إلى الفم ثم تقرر الأم قذفه خارجًا، حتى إذا تعدى هذه المراحل الثلاث أيقنت الأم أن الطعام لا خطورة فيه لأهل البيت.
    هكذا علينا التدرج في قبول الأشخاص والافكار القديمة حتى لا نرمي عبثًا بالجيد منها، ولا نقبل بسهولة بتلك التي فسدت حتى ولو كانت رائعة في يوم من الأيام.
    التدرج يعطينا القدرة أن نفهم جيدًا أن نتفحص الوجوه والأشخاص واكثر شيء ماذا يختفي خلف الأفكار.
    أخطر الأنواع المحمظة هي القادة التي تقيء صباحًا مساء ولا نرى في ذلك عيب، لا شك أن أحدهم قد يدعي أن الثوابت تستحق منا الإعادة، هذا لا شك فيه سوى أن هناك فرقًا بين القيء من بطن المبشوم والإعادة والشرح للثوابت.
    وحتى نلتقي، احذروا الطعام والأفكار والقادة المحمظين، من السهل التعرف عليهم سطحيو التفكير، كثيرو القيء، وأياكم أن تغتروا بالغلاف الجميل كشهادة أو منصب فهذه لا تمنع أبدًا أن يكون محمظ إحداها.





    [16-04-2022 04:28 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع