الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    يوم الاثنين الحزين في "الضمان الاجتماعي" وكوبونات رمضان

    أحداث اليوم -

    كتب : محمد ابو عريضة - لم يأتِ أحدٌ من الواقفين في الطابور في أحاديثهم الثنائية والثلاثية على ذكر أي شيء عن الانتخابات البلدية واللامركزية، برغم أن ما كان يفصل الأردن عنها أربع وعشرون ساعة فقط.

    جميع الواقفين في الطابور،أو جلهم، كانوا من الناخبين، وصناديق الاقتراع تنتظر أوراق اقتراعهم، لانتخاب أعضاء المجالس البلدية واللامركزية، غير أن ما كان يؤرقهم، ويدفعهم للوقوف في البرد القارص، بشكل غير لائق، شيء آخر، لا يمت بصلة لحسابات المرشحين، ولا لحسابات المسؤولين الحكوميين.

    لو كنت في موقع المسؤولية، أو من المرشحين، وهذا بالتأكيد ضرب من الخيال، واعتبرت تجمعهم هذا فرصة سانحة لتحسين صورة الحكومة أمام جمهور مل عجزها، وفرصة مواتية للترويج للانتخابات، وإقناع الناس بجدواها.

    ولأنني لست مسؤولًا، ولا مرشحًا، ولا معنيًا بهذا "العرس الديمقراطي"، لأسباب ليس هنا مكانها، فإن مشهد الواقفين في طابور "كوبونات رمضان" أمام مديريات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي قبل ظهر يوم الاثنين يشي بأننا لسنا بخير البتة، وأننا مجتمع لا نحترم كبار السن، ودولة لا تراعي مشاعر المتقاعدين.

    منذ صبيحة يوم الاثنين "الحزين" هرع آلاف المتقاعدين إلى مكاتب "الضمان الاجتماعي"، ليحصلوا على "كوبونات رمضان"، ولأن قيمة هذه الكوبونات متواضعة، فإن المتقاعدين الفقراء هم من "سرى" باكرًا بحثًا عن فرصة لتقسيط مشترياته في شهر رمضان الفضيل، وفق ما أعلنت "الضمان الاجتماعي".

    كأحد المتقاعدين الفقراء وضعت بطاقتي الشخصية في محفظتي إلى جانب قائمة غير منتهية من السلع المطلوبة لرمضان، وتوجهت، كغيري، إلى أحد مكاتب المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

    ما أن وصلت حتى هالني ما رأيت، فطابور الانتظار بالمئات، وكلهم من كبار السن، وأدعي أنني أصغرهم ... رجال هرمون يمشون على ثلاث ... ظهور محنية ... رُكَّب أكل عليها الدهر وشرب ... ولولا أن الأقوياء منهم، ومنهم أنا، أقاموا حاجزًا بشريًا على حافة الرصيف، ليتكئ عليه المتعبون من الوقوف، لتدحرجت الأجساد، كما الرؤوس، إلى الشارع.

    في خلفية المشهد، تبين أن مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يزور، في جولة تفقدية، هذا المكتب، وخرج وبطريقة لطيفة اعتذر من الواقفين، ووعد بأن تنجز معاملاتهم بسرعة.

    الأسئلة كثيرة في هذا السياق، كلها تتمحور حول الآلية التي اتبعتها المؤسسة لصرف "كوبونات رمضان" للمتقاعدين، وهي طريق بائسة تشي بأن العقل الذي يدير هذه المؤسسة محشور داخل "الصندوق". فالوسائل لمعالجة هذا الشأن كثيرة، لا تبدأ بالتطبيقات الذكية، ولا تنتهي بتقسيم المراجعين إلى فئات على أساس السن أو حسب الحروف الأبجدية أو أرقام الاشتراك في الضمان أو أية وسيلة أخرى. الشرط الوحيد المطلوب توفره أن لا يجري امتهان كرامة المتقاعد، الذي أفنى عمره في العمل ليرتاح عند التقاعد، ويجد من يحترمه في كبره.

    لا أريد أن أتحدث عن تفاصيل حياة المتقاعدين في دول العالم الأول ولا الثاني، ولا حتى الثالث، فمشهد المتقاعدين في طابور "كوبونات رمضان" يوم الاثنين الحزين لا ينتمي أبدًا إلى الأمم الحية، بغض النظر عن تصنيفاتها.





    [23-03-2022 11:20 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع