الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حتى نلتقي - رخصة صيد


    الصياد الماهر يخرج للصيد وحده، ينتظر الفرصة يقتنص الفريسة ويقرر ماذا سيصنع منها طعامًا، وأي قطعة سياكل، وعادة يكون هذا في عالم الفرائس الصغيرة السهلة المنال، سوى أن أنواع الفرائس تعددت وأصبح صيدها وحيدًا يعتبر من الصعوبة فلجأ الصيادون إلى حيلهم المعتادة وغير المعتادة، كان لا بُدَّ من نظام معين وخطة واستراتيجية وتكتيك وكل معاني الحرب ومستشارين وغيره، وهكذا ستسقط الفريسة لا محالة، في مرحلة الطعام كان الصيادون قلة والطعام وفير، ومع مرور الأيام أصبح الصيادون عائلات وأفواه تنتظر الطعام وكان لا بُد من تقسيم الفريسة قبل قنصها، وهكذا هو الحال وحتى لا تنقرض الطرائد وضعت قوانين، في الغالب كتب هذه القوانين القوي واعتبرها بأبسط الكلمات قوانين اللعبة وأحيانًا بمعنى الديمقراطية.
    من قال أن على الطريدة أن تبقى حية ويجب ترتيب جديد لنظام الصيد والقنص أُبعد، ومن دعا بقوة للصيد لأن خلفه أفواه جائعة كثيرة استفرد بالقرار وهكذا يدور فلك العالم، كما المثل العربي الشهير، "مكسور لا تاكل وجابر لا تكسر" .
    الطرائد في عالمنا اليوم محددة ومن يحاول صيدها جماعات كثيرة كلهم يريد قنصها وقتلها، من يريد بقاءها حية ليس له سلطة ولا قوة، كل ما حولنا يعتبر في نظر الكثيرين طريدة ربما للصياد وحده أو مجموعته ودون خجل، الوظائف العامة طريدة، المجالس البلديات، المكاتب الحكومية، المناقصات حتى الصداقات تبنى على مستوى التخطيط الاستراتيجي للصياد، وليس بهدف الصداقة البريئة النظيفة.
    في المجتمعات العادية التنافس في الصيد مسموح، ولكن قوانين اللعبة واضحة ( او سمها الديمقراطية) في الشرق قوانين اللعبة تبنى فقط لحاجة في نفس يعقوب، فلا نستغرب أبدًا النتائج، وخصوصًا عندما تنتظر الأفواه لحم البر والبحر.
    وجراء عمليات القنص أصبح موضوع الاحتكار وارد، وتقسيم غير المقسم أصبح حقًا لمجموعات محددة وليس لغيرها.
    لماذا أكتب هذا الكلام لأن البعض يعتقد أن الغرب مقدس والشرق فاسد والبعض الأخر العكس تمامًا، الواقع يشير إلى تشابه كبير سوى أن الغرب حدد نسبة الفساد، أما في الشرق فلا تحديد، ولا حقوق وقانون الغاب القوي صاحب العلاقات يسيطر ومن هنا أصبح الجوع ورغيف الخبز أمنية صعبة المنال، والتعليم حلم والبلديات والمجالس غنيمة وليست مصلحة عامة، اختلطت علينا القوانين، نسبة الإجرام والفساد الداخلي المغطى بقوانين اللعبة أكبر من أن تتحمله الطرائد فتبقى هزيلة ضعيفة تسقط عند أول محاولة لصيدها.
    تاجر أغنام أردني يروي كيف استطاع الصيادون حرمان شعب بأكمله من عدم توريد اللحوم للأردن، احتكار للسوق، ومن يحاول ان يتذكر الأرباح الخيالية لشركات الهواتف وكيف أنهى الإحتكار.
    عجيب حال الغالبية العظمى تعتقد أنها في عالم الأفواه وهي لا تدري أنها بعيدة كل البعد، فلذلك تبقى تنتظر، تبحث عن تغير القوانين ممن؟ من أولئك الذين يكتبونها لأنفسهم وهذا محال.
    والمصيبة الأكبر إذا أطعم الصياد فاهًا تحولت غالبًا إلى كلب صيد أو في أحسن الحالات كلب حراسة، وهكذا يضمن القوي استمرار هيبته وبناء عصابة من حوله قد تكون عصابة إجرام أو بطانة مصلحة لكنها قليلًا ما تكون بطانة حسنة.
    هل يعني ذلك استمرار الأمر؟ كلا لسبب بسيط هناك نقاط تحول في كل المجتمعات، على شكل انتخابات، ثورات، إنقلاب، عوارض طبيعية كمواسم الجفاف تؤدي في النهاية إلى موت كثير من الطرائد ورحيل الصياد.
    وحتى نلتقي، في الغالب نحب جميعًا أن نكون في جهة الصياد وليس الفريسة، ولكن نحن في زمن انتقل العالم فيه إلى عدم أكل اللحوم أو نباتيين، وحتى أكثر من ذلك طبيعين، هناك احتمالات كثيرة وليس خيارًا واحدًا، لا تحاولوا البقاء جانبًا، فطعم الغزال ليس أجمل من رؤيتها تركض في السهل الممتد نحو الأفق.





    [10-12-2021 12:11 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع