الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قمة مؤجلة

    لم تعقد القمة العربية العام الماضي، بسبب جائحة كورونا، والقمة كان مفترضا أن يتم عقدها في الجزائر، التي ما تزال مصرة، على عدم تسليم أعمال القمة لأي طرف آخر.

    وزراء الخارجية العرب توافقوا خلال الشهر الماضي، على عقد القمة خلال شهر أيار، في الجزائر، والمعروف هنا، ان القمة إذا تعذر عقدها لسبب او آخر، في أي بلد عربي، فيتم عقدها في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، مع الإشارة هنا، الى المخاوف من انخفاض التمثيل السياسي العربي في قمة الجزائر لاعتبارات مختلفة، الا ان الكلام عن هذا المستوى من التمثيل يبدو مبكرا، وقبل أوانه، مع ادراكنا هنا، ان التمثيل عموما في القمم العربية بات منخفضا، ولم تعد القمة العربية، تحظى بأولوية واهتمام، وباتت شكلية في كثير من الحالات.

    هذه القمة إذا عقدت تأتي في ظل عناوين جديدة، فهي أول قمة عربية بعد فوز الرئيس الأميركي الحالي بالرئاسة، كما انها ستأتي في ظل مصالحات عربية مختلفة، وفي ظل انفتاح عربي على العراق، وتوتر في العلاقات مع ايران، وتقلبات في العلاقات مع تركيا، ثم تغير المزاج السياسي العربي بشأن الملف السوري، ووجود تحولات قد لا تمانع بعودة سورية للصف العربي، في سياقات تحاول فك التحالف السوري الإيراني، وتعترف بفشل الثورة.

    تأتي القمة وسط كلام عن توجه عربي لتشكيل وفد سباعي عربي يزور واشنطن من اجل تقديم تصور عربي، الى الولايات المتحدة، حول عملية السلام، واهمية اطلاقها، دون ان نغفل هنا، نتائج الانتخابات الفلسطينية، من جهة، وما يجري في إسرائيل بشأن تشكيل الحكومة.

    على المستوى الشعبي العربي، لم تعد القمم العربية، تحظى بأي متابعة، وهناك غياب للثقة واليقين بمؤسسة جامعة الدول العربية، وبكل القمم، وهناك نزوع الى العلاقات الثنائية والثلاثية في العالم العربي، على شكل مجالس تنسيقية غير مسماة بالاسم، كما في العلاقة الأردنية العراقية المصرية، وتركيز على العلاقات الاقتصادية، فقط، والتنسيق في بعض القضايا بين الدول، بما يعد أيضا اقرارا بفشل العمل العربي المشترك، والجماعي، خصوصا، ان هناك عوامل إقليمية تؤثر على المنطقة، ومن بينها البرنامج الإيراني، ثم البرنامج التركي، الذي قد تستجد عليه تعديلات لصالح التهدئة مع دول المنطقة، ومع كل هؤلاء المشروع الإسرائيلي، بما يعنيه من مهددات مؤقتة، او استراتيجية لدول المنطقة، والاقليم، أيضا.

    من المعروف هنا ان الجزائر على صلة إيجابية بدمشق الرسمية، وهذا يعني ان الملف السوري، قد يكون حاضرا بقوة، خصوصا، على صعيد استعادة دمشق لمقعد سورية في جامعة الدول العربية، مع التغيرات التي اشرت اليها سابقا، بشأن تغير مواقف دول عربية كانت ضد دمشق الرسمية، لكنها اليوم، تريد تغيير خطة التعامل مع السوريين، بشكل يشبه التعامل المستجد مع العراقيين، على أساس عدم ترك البلدين ساحات مفتوحة لإيران، دون تدخل عربي، او محاولة استرداد البلدين، بشكل كلي الى الحاضنة العربية.

    علاقات الجزائر أيضا جيدة مع اغلب الدول العربية، وهناك توترات بين الجزائر وبعض الدول قد تؤدي الى إعادة تأخير عقد القمة وتأجيل موعدها، خصوصا، ان جائحة كورونا قابلة للتوظيف السياسي، هنا، وبحيث تكون الذريعة تفشي الوباء، وقد يبرز سيناريو استحالة عقد القمة المؤجلة أساسا، وبحيث يمر العام الثاني دون قمة عربية.

    يشعر الانسان العربي بالضعف، ويفقد ارتباطه بهويته القومية، وهو يرى كل هذه التراجعات في العالم العربي، على كل المستويات، ويبحث عن نافذة امل، في ظل انعزاله أيضا في غرف هويته الوطنية، التي تعرضت الى هزات كبيرة، أيضا، بسبب الازمات في كل بلد عربي، وعلى هذا الأساس، فإن تراكمات أداء الدول العربية في القمم المتتالية، تقول للعربي ان القمة العربية، في أي بلد، لم تعد قمة منجزة، ولا منتجة، فهي تكرس التقسيمات، ولا تنجح في محو سلبياتها، ولا تجاوز الصراعات الخفية الناعمة، ولا تلك العلنية.

    العالم العربي يتجه على الاغلب نحو العلاقات الثنائية والثلاثية، والمجالس المصغرة التي تعبر عن تحالفات بين عدد قليل من الدول، وهذه الصيغة تهدد فعليا كل وجود جامعة الدول العربية.





    [05-04-2021 11:20 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع