الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فكّر عالميا وتصرف محليا

    ليدرك المرء، وبخاصة الذي يفكر سياسياً، فيما إذا كان لأفكاره معنى، أو قيمة، أو قابلية للعمل، يجب عليه أن يفكر عالمياً وأن يتصرف محلياً، ومن ذلك طرح السؤال على نفسه: هل تصلح أفكاري هذه هناك أم لا؟ فإذا لم تصلح هناك فإنها لا تصلح هنا.
    ومن ذلك أن يفكر أحدنا بالإسلام السياسي أو بإقامة الدولة الإسلامية في الأردن فيسأل نفسه: هل تصلح هذه الفكرة في الهند مثلاً حيث يوجد ملايين المسلمين؟ وهل تصلح في الفلبين أو في الصين أو في روسيا؟ فإذا لم تصلح هناك، يجب ان يكف عن التفكير بها هنا.
    ولتعرف المسألة أكثر يسأل: هل الإسلام السياسي السني هنا يصلح في إيران الشيعية، أو العكس؟ وهل تصلح القومية العربية في العراق أو في سورية أو في الجزائر؟ إذا لم تصلح هناك فإنها لا تصلح هنا.
    المعنى أنه يجب على الواحد منا أن يفكر في الجامع المشترك الأعظم الذي يصلح للجميع ومن ذلك الحرية، والديمقراطية، والمواطنة، وحقوق الإنسان لأنها تتجاوز المفرِّقات والمقسِّمات في المجتمع أو الدولة وإلا فإن عليه أن يوافق على المثل في الهند أي على إقامة دولة هندوسية تحكم أكثر من 250 مليون مسلم هندي هناك، أو على إقامة دولة أرثوذكسية في روسيا تحكم عشرات ملايين المسلمين هناك، أو على إقامة دولة شيعية في إيران تحكم ملايين السنة، او على إقامة دولة إسلامية سنية في تركيا تحكم ملايين العلويين هناك، أو على دولة اسلامية في مصر تحكم ملايين الأقباط هناك، وهكذا، أو على إقامة دولة كردية في العراق، أو في سورية، أو إمازيغية في الجزائر، أو في المغرب، وهكذا.
    ليكن شعارنا الدائم: فكّر عالمياً وتصرّف محلياً، ولا تخترع أعذاراً أو مبررات تخدع بها نفسك تمسكاً بفكرتك السياسية غير المتوازنة دولياً التي تحتلك، لأنك بالتفكير عالمياً والتصرف محلياً قد تكتشف أن فكرتك ناشزة وخطرة على غيرك ممن تؤاخيهم بالدين أو القومية… كما تثبت لك أنك متعصب أعمى تشعل النار في رأسك الصغير: تريد تغيير العالم ولا تفكر في تغيير نفسك. .

    نشأ في سويسرا في بداية القرن التاسع عشر عدد من المدارس الثانوية الخاصة لتعليم وتهذيب أبناء الطبقة الاجتماعية العليا ونباتها في سويسرا وأوروبا، ثم لبقية العالم فيما بعد، وقد كانت نوعين :
    مدارس ثانوية «داخلية للأولاد» تعلم اللغات الفرنسية والألمانية واللاتينية، ومواد أخرى، كالرياضيات والعلوم والآداب والفنون؛ ومدارس ثانوية «داخلية للبنات» تعلم الاتيكيت والأصول بالإضافة إلى مواد اخرى.
    وقد سميت هذه المدارس بما يمكن ترجمته بمدارس التشطيبات أو التحسينات التربوية Finishing schools حيث يكتمل تعلم الولد والبنت بها كما يكتمل البناء بالتشطيبات المعروفة ويصبح قادراً على القيام بدوره في البزنس والمجتمع للولد، وفي إدارة المنزل للبنت.
    غير أن هذا النظام الخاص لم يستمر إلى اليوم إثر قيام الثورة النسائية عليه من أجل المساواة بين الجنسين في التعليم، وملاءمة التعليم لدور المرأة الجديد في المجتمع، فأعادت المدارس تنظيم نفسها، وكأنها ولدت ولادة جديدة في تسعينيات القرن الماضي. لقد تغيرت كلياً، ولم تعد تجد منها اليوم إلا مدرستين حافظتا على هذا النمط، ولكن المُطور ليلائم العصر أيضاً. وقد درست الأميرة ديانا في أحدهما.
    وأخيراً لم يبق سوى مدرسة تشطيب خاصة واحدة، معظم طلبتها بريطانيون وألمان وآسيويون وأميركان جنوبيون. وللحفاظ على سرية الأسماء يتعامل طلبتها بالاسم الأول لكل منهم كي لا يعرف أحد من سجلات المدرسة إن كان بينهم أطفال لأناس مهمين، قد يهددون وتهدد المدرسة من إرهابيين.
    ومنهاج المدرسة نظري وتطبيقي تدريبي يمتد لمائتي ساعة في السنة الدراسية ويجب ألا يزيد عدد تلاميذ/ات الفصل على 30 – 50 أي حسب موضوع التدريب.
    وبالإضافة إلى منهاجها الدراسي السنوي، فإنها تعقد لقاءات ودورات قصيرة وللجنسين الراغبين في تعلّم الإتيكيت الخاص بثقافة ما. أو لتعلّم الدبلوماسية والبروتوكول، وهي مستعدة لعقدها في البلد الذي يطلبها.
    ولطالما تمنيت إدراج الإتيكيت أو الآداب (Manners) في المدرسة لأن التلميذ/ة بدونها يتخرج فيها خشناً/ دفشاً وأحياناً فظاً في التعامل مع الناس أو فاشلاً في التعامل مع الظروف المختلفة. إنني أعتبرها مدارس لازمة ليتعلم الكياسة واللباقة والفطنة والتعامل مع الناس في المواقع أو المواقف المختلفة. لسنا بحاجة إلى مدارس تشطيبات مستقلة، وإنما إلى إضافة حصص خاصة بالموضوع إلى البرنامج العام، أو في وقت مستقل عنه.





    [05-04-2021 08:15 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع