الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    النواب والجامعات .. بكفي

    منذ حوالي اسبوع اتابع بكثب وفضول صحفي جلسات النواب وتصريحات النواب. كنت اتمنى ان اسمع نائبا يتحدث عن ازمة التعليم المدرسي والجامعي في ظل جائحة كورونا. وان يستجوب وزير التربية والتعليم والعالي، وليطرح اسئلة مقلقة من صميم انشغال الناس حول ما نشر من تقارير تقييمية تؤكد على ان تجربة التعليم عن بعد « اون لاين « في الاردن فاشلة، وتحتاج الى مراجعة عاجلة.
    شاهدت قبل ايام مقتطفات سريعة من جلسة للبرلمان البريطاني، نواب اول ما طرحوا الثقة في وزير التربية والتعليم. وصراخ وسجالات ومعارك تحت قبة خوفا على مستقبل التعليم في بريطانيا، وخوفا على تأهيل جيل كورونا تعليميا وتربويا. وذهب نواب الى ان خوفهم الحقيقي ليس من الفايروس وما يفتك بارواح الناس ويدمر الحياة، انما على التعليم المدرسي والجامعي والاجيال القادمة.
    الخوف على التعليم ام خوف من التاريخ. لأن البريطان عرفوا كيف ينهضون بعد الحرب العالمية الثانية بالعلم والمعرفة والتعليم والاقتصاد الصناعي القوي والمستقل. صنعوا من دم الحرب والدمار والخراب الذي اصاب لندن ومدن بريطانيا العريقة وحيا لاحياء امجاد امبراطورية عالمية غزت العالم بقوة العقل والعلم والمعرفة.
    في امريكا بعد ما اعلنت روسيا عن اطلاق اول صاروخ ومكوك فضائي يدور حول الكرة الارضية، تم اعلان حالة طوارئ قصوى، وعقد اجتماع لاعلى مرجعيات في الدولة، واول قرار اتخذ ردا على السوفييت انذاك، وتعديل جوهري على مناهج المدارس والجامعات، واقالة وزير التربية والتعليم، وبعدها باقل من عام هبط اول انسان على القمر وهو رائد الفضاء الامريكي « ارمستورنغ «.
    حكاية الدول المتقدمة، في اوروبا وكندا وامريكا واسيا الصاعدة الصين وكورويا الجنوبية والشمالية وسنغافورة بدأت بذروها من التعليم المدرسي و الجامعات، وبيوت العلم والمعرفة، وتدشين المكتبات ودور الابحاث والدراسات .
    ولا اظن اننا في الاردن والعالم العربي قد تراجعنا وتخالفنا، ولولا تخلينا عن التعليم وانتكاسة التعليم، وتراجع مكانة العلم، ونكوص دورالمتعلم والتخلي عن المثقف والمفكر والعالم، واستبدال الانظمة السياسية والحكومات لتحالفات بديلة مع قوى التدين والبزنس ومتسلقي السلطة من سياسي الغفلة وتجار السياسة .
    ما يقع على مسامعنا من تصريحات لنواب وغيرهم اغتيال للقيادات الاكاديمية الاردنية. واغتيال ونحر لمرجعيات اكاديمية وعلمية وازنة ورفيعة. وعوضا عن الاصطفاف خلف الجامعات الحكومية وادارتها في هذه اللحظة العصيبة والقاسية التي تمر البلاد.
    من الواجب وطنيا حماية بيوت العلم والتعلم والمعرفة . ولتكون الجامعة محصنة باستقلالية متينة. وليرفع عن الجامعات تدخل المتنفذين وسطوة الرقابة النيابية التي تنحرف عن مسارها الدستوري الصواب و القويم، وتذهب الى ما بعد في خدمات وامور وتفاصيل نيابية.
    رئيس الجامعة ليس وزير عمل وديوان خدمة مدنية. والجامعات لم توجد اصلا لتوفير فرص عمل وتشغيل عاطلين عن العمل. فلا بد من ترسيم للعلاقة بين السلطات الثلاثة بخطوط حمراء تحمي الجامعات واستقلالية الجامعات من توغل نواب وطلبات الخدمات والمنافع الجهوية والمناطقية على حساب العلمية التعليمية واستقلال الجامعة والبحث والتقدم والتطور العلمي والتعليمي.
    نعم، نحتفل على مقربة ايام بمئوية الدولة الاردنية. والعلم والتعليم عرضة للنهش والتهميش والاقصاء، فهل هذا معقول ومقبول في بلد اول من دشن جامعات ومدارس وخرج اجيالا واجيالا من خيرة الخيرة ساهموا في نهضة الجوار العربي والاقليمي ؟ اتمنى ونحن نتحدث بأمل وثقة عن الدولة في احتفالاتها المئوية ان يدرك اصحاب القرار ورؤساء السلطتين التنفيذية والتشريعية أن الجامعات خط احمر وعنوان وطني مقدس.
    اتمنى في غمرة احتفالات المئوية ان تستعيد الجامعة والتعليم مركزيته في عقل الدولة. وان نحاكي من التاريخ الاردني، كيف ولدت جامعات كبرى وعملاقة كالاردنية والتكنولوجيا واليرموك ومؤتة وال البيت، ونصون و نحافظ على رمزيتها وقيمتها العلمية والتعليمية اردنيا واقليميا وعالميا.
    و الله..كتبت هذه السطور وانا مجروح عما اسمع عن اخبار عن الجامعات، وما اسمع ايضا من تصريحات لنواب عن التعليم والجامعات.





    [04-04-2021 08:28 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع