الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الغاز الإسرائيلي مجددا

    في الحديث عن اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل، لا يمكن أبدا أن نغفل التطورات السياسية في العلاقة مع المحتل، في وقت تمعن إسرائيل في انتهاكاتها وممارساتها الهمجية في الأقصى والقدس، وتتطاول على الأردن وحقه التاريخي في الوصاية على المقدسات.
    وبالتزامن، يسير الاحتلال بسرعة كبيرة في استكمال مخططاته لتهويد المسجد الأقصى، وغير ذلك من الانتهاكات، آخرها اغتيال الشهيد القاضي الأردني رائد زعيتر، والذي لم نعرف بعد نتائج لجنة التحقيق في حادثة اغتياله.
    ما نقصده هنا، هو أن الاتفاقيات لا تنفع مع هذا الكيان، فكل الدبلوماسية لم تمنع قتل القاضي زعيتر على الحد بين البلدين، فكيف لنا أن نسلّم أمن الطاقة الوطني ونضعه في يد دولة لا تحترم القانون الدولي، فما بالك بالاتفاقيات الثنائية؟
    آخر التطورات في ملف الغاز، مطالبة نواب بالاطلاع على الاتفاقية، وتخصيص جلسة مناقشة عامة لها، وذلك حق، خصوصا أن الاتفاقية تربط الأردن بهذا المصدر من الطاقة مدة خمسة عشر عاما.
    لكن النواب أنفسهم يردون على مطلبهم، فيصوت العشرات منهم لصالح عدم إخضاع الاتفاق للبحث، فيما يغيب بعضهم عن الجلسة، ويجري الاتفاق على تحويل نسخة من الاتفاقية للجنة النيابية خلال 24 ساعة.
    بالتفصيل، صوت 23 نائباً من أصل 96 نائبا حضروا لصالح تخصيص جلسة مناقشة عامة، ورفض 73 نائبا عقد جلسة عامة حول اتفاقية الغاز، بعد أن وجدوها غير صالحة للنقاش، وسط تعهدات حكومية لمجلس النواب بتزويده بنص الاتفاقية.
    وزير الطاقة إبراهيم سيف قال أمام مجلس النواب إن الحكومة أبلغت لجنة الطاقة بأنها ستضعها في كل بنود اتفاقية الغاز، لكن بعض البنود التجارية يصعب الكشف عنها أمام الملأ، والحجة أنها بنود سرية تتعلق بمصالح مالية للشريك.
    عند هذا الحد انتهى الموضوع نيابيا وحكوميا كما يبدو، بيد أن تفسير وتبرير الحكومة لم يكونا مقنعين، وكان من الممكن أن يكونا كذلك، لو أن الحكومة حصلت على أسعار تفضيلية من الاتفاق، لكن الأسعار التي حصلت عليها كانت تجارية.
    بحسب المتفق، ستسري الاتفاقية في العام 2019 لاستيراد 40 % من حاجة الأردن من الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء، والجهة المعنية هي شركة الكهرباء الوطنية التي وقعت الاتفاقية مع شركة نوبل إنيرجي الأميركية، وتم التوصل إلى الصيغة النهائية للاتفاقية العام الماضي، علماً بأن الكمية التي ستستوردها الشركة بحلول العام 2019 تبلغ نحو 225 مليون قدم مكعب.
    ما هو متوفر من معلومات، لم تؤكدها الحكومة أو تنفِها، أن السعر قد يكون أقل بقليل من الأسعار العالمية، لكنه ليس تفضيليا، حيث تشير المعلومات إلى أن السعر يتراوح بين 7 – 9 دولارات لكل مليون قدم مكعب، وما تقوله الحكومة هو أن بلوغ سعر النفط 100 دولار للبرميل سيوفر على الخزينة مبلغ 400 مليون دينار، لكن ماذا لو جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن؟ وبقيت أسعار النفط منخفضة؟
    في المحصلة؛ الحكومة وقّعت الاتفاق ولم يعد ممكنا التراجع عنه، لكن المنطق يقول أن تقبل الحكومة نفسها بمناقشة الاتفاقية أمام مجلس النواب، وتقدم وجهة نظرها للشارع الرافض للاتفاق، أقله لكي تقول للرافضين للاتفاق سياسيا ومبدئيا، إن الاتفاق مقبول ماليا.
    سواء وافق المجتمع أم لا، وسواء رضي عنها أو رفضها، فإن من حقه الاطلاع على اتفاقية رهنت مستقبله بعدو لا يؤتمن جانبه، وعلى الحكومة الرد على كل القضايا المتعلقة بهذا البند، والتأكيد للشارع على أنه لا يمس بالاستقلال الطاقوي، ولا يرهن مستقبل الأردن بمصدر يغطي غالبية احتياجات الأردن من الطاقة.
    على الحكومة أن تعرف أن الرفض الشعبي وأشكال الاحتجاج على المبدأ لن تتوقف، وواجبها أن تشرح موقفها وأن تحترم حق الناس بالمعرفة.





    [19-03-2017 09:05 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع