الرئيسية أحداث البرلمان

شارك من خلال الواتس اب
    تساؤلات حول «التجاهل السعودي» للأزمة المالية

    أحداث اليوم - بسام بدارين - لا تبدو شخصية أردنية وازنة من طراز الجنرال مازن القاضي قريبة جدا من السؤال الاستفهامي وهي تطرح سؤالا خاصا ومثيرا بعنوان مطالبة الحكومة بشرح وتفصيل مصير قانون الصندوق الاستثماري الذي أقر حصريا لأغراض التعاون الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية.
    ونظرا لأن القاضي قطب بارز في البرلمان ووزير سابق للداخلية وتربطه صلات مهنية قوية بأطراف سعودية يمكن الاستدلال ان صيغة سؤاله العلني الذي وجهه لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي تميل إلى الاستنكار والحث على المتابعة بسبب الأزمة التي تعيشها بلاده وبصورة حادة.
    وبدلالة لا يمكن اسقاطها من حسابات سياسية ذكية، ربط القاضي استفهامه العلني عن الصندوق بسؤالين فرعيين في المداخلة نفسها: هل صحيح ان التنسيق الأردني ـ الخليجي ضعيف الآن، وكيف سيؤثر ذلك على المنحة النفطية؟ ثم السؤال اللاحق: ماهي استراتيجيتنا في التعاطي مع الوجود الإيراني قرب حدودنا؟
    المقايسة والمقايضة السياسية التي يلمح لها القاضي بدت عميقة وتستهدف الإشارة مجددا إلى تجاهل السعودية ودول الخليج للأزمة الاقتصادية الأردنية وبصورة تضعف المملكة عندما يتعلق الأمر بالوجود الإيراني على خاصرتها الشمالية. لا يقف القاضي وحيدا عندما يتعلق الأمر في التفكير بجدوى الاستمرار في الرهان اقتصاديا على علاقات تحالفية مع السعودية لا تنتج ماليا واقتصاديا مع الاحتفاظ بعلاقات تخاصمية وسلبية جدا مع إيران.
    سياسيون مطلعون سبق ان وضعوا «القدس العربي» في صورة استفهامات استراتيجية أعمق طرحها رئيس الوزراء المحنك الأسبق الذي يحتفظ بعلاقات عميقة مع دول الخليج عبد الكريم الكباريتي عندما لفت النظر ومن موقع الحرص الشديد على علاقات عميقة دوما مع السعودية والخليج بالانتباه إلى خريطة الواقع الموضوعي التي تقول ان حدود الأردن مع بلدين أساسيين لاقتصاده الوطني هما العراق وسوريا بين يدي النفوذ الإيراني في هذه المرحلة.
    عموما مقايضة الجنرال القاضي قد لا تبدو مبرمجة لكن حتى الدوائر السياسية التي تتحسس من طرح اسئلة استنكارية عامة لها علاقة بالتجاهل السعودي أو الخليجي لأزمة الأردن الاقتصادية ترى من الضروري أحيانا ان يعبر الأردنيون عن مخاوفهم واستفهاماتهم على أمل ان يلتفت الطرف الآخر.
    هذا حصريا ما يشير له بين الحين والآخر سياسي مخضرم من وزن طاهر المصري يلتقي قيادات خليجية وسعودية ويصر على مطالبتها بدعم بلاده.
    وما يلمح له القاضي ومن منطلق الحرص الوطني المسؤول هو حسم الجدل حول ما إذا كانت المساعدة ستأتي فعلا لبلاده من الشقيق السعودي ومن دول الخليج مع الإيحاء بأن حسم الإجابة على اسئلة من هذا النوع قد ينهي الجدل والنقاش أو يخصص مساحة مرنة لبلاده في التعامل مع الملف الإيراني الذي يضغط بشدة على حدود الأردن مع العراق وسوريا مع ان سياسات الأردن العلنية ما زالت تلتزم وبقوة بالمعيار المصلحي السعودي تحديدا والخليجي عموما بالرغم من ضعف الرهان على تقديم مساعدة حقيقية وفي الوقت الملائم.
    عندما توقف عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني مؤخرا في استراليا ونيوزلندا تقصد عدم الخروج عن السياق وانتقد الأداء الطائفي والخطاب الإيراني.
    وعندما طرحت بصورة علنية مسألة من وزن حسم التمثيل السوري في المقعد الشاغر في القمة العربية التي تستضيفها عمان، التزمت حكومة الأردن بالخط البياني الخليجي والسعودي وأعلنت انها لن توجه دعوة حضور القمة للحكومة السورية. عمان بموقفها الأخير تلفت قصدا النظر إلى انها ما زالت معنية بالوقوف في منطقة ملائمة لمنطوق ومضمون بيان القمة الخليجية الأخير الذي رفض الاعتراف بوجود مقعد للنظام السوري في مستقبل سوريا.
    تفعل عمان ذلك قصدا لهدف ولإظهار قدرتها على تجاهل مصالها الذاتية عندما يتعلق الأمر بالمصالح الحيوية الأساسية وموقف منظومة دول مجلس التعاون الخليجي على أمل ان يساهم ذلك في الرد على استفهامات الشارع الأردني من طراز تلك التي يطرحها النائب القاضي وعلى أمل ان يعاد النظر في ميكانيزمات التعامل الخليجي والسعودي مع الأزمة المالية الحادة لخزينة الأردن.
    على هذا الأساس يمكن قراءة المداخلات التي برزت مؤخرا تحت قبة برلمان الأردن وهي تطالب بشروحات وايضاحات لها علاقة بملفات محددة هي طبيعة ومستوى التنسيق مع دول الخليج ومصير مجلس التعاون الاستراتيجي مع السعودية والجانب التنفيذي لمشروع قانون صندوق الاستثمار السعودي الأردني الجديد مع التركيز أيضا على مخاطر النفوذ الإيراني في سوريا والعراق المجاورتين ثم طرح السؤال الذي يبدو انه تماما خارج السياق عن ما آلت إليه مقترحات انضمام الأردن رسميا لعضوية مجلس التعاون الخليجي.
    طرح الكثير من الأسئلة هنا على الصعيد الأردني الداخلي يستحث الحكومة ويستعجلها ويخدم بالتوازي موقفها التفاوضي إذا ما أجادت استثمار الظروف السياسية والاقليمية لإعادة إنتاج الموقف الخليجي والسعودي حصريا من أزمة الأردن الاقتصادية والمالية.
    الجديد تماما في الموضوع ان مثل هذه التساؤلات كانت تطرح عبر الشارع والمعارضة أو المتصيدين في المياه العكرة لكنها باتت تطرح اليوم من قبل شخصيات بارزة في مؤسسة النظام الأردني معروفة أصلا بإيمانها بالعلاقات العميقة مع دول الخليج والسعودية تحديدا ولا مجال للمزايدة عليها في هذا المضمار.
    عن القدس العربي.





    [18-12-2016 12:47 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع