الرئيسية أحداث رياضية

شارك من خلال الواتس اب
    "أديب الدسوقي" أسطورة الملاكمة الأردني

    أحداث اليوم -

    من أكثر المُتع والالعاب الرياضية التي كانت تستهوي شباب عمان في الخمسينات والستينات من القرن الماضي هي لعبة كرة القدم ثم الملاكمة .


    وكان من أشهر الملاكمين في ذلك الزمن : غريب البكري و أديب الدسوقي وفهد الطنبور ، حيث كانت تُقام معظم المبارزات على مسرح سينما بسمان و على المدرج الروماني و النادي الاهلي في عمان .


    لكن أديب الدسوقي نال شهرة أكبر!! حيث ورد في المراجع التاريخية أنه تحدى الملاكم العالمي « محمد علي كلاي» خلال تواجدهما بالصدفة في فندق هلتون بحضور رجال الصحافة والإعلام في دولة الكويت في ستينات القرن الماضي! لكن كلاي اعتذر عن ذلك !! .


    يعتبر البطل أديب الدسوقي من أبرز رواد رياضة الملاكمة في فلسطين والأردن والبلاد العربية، ونتيجة للانتصارات الرياضية التاريخية التي شهدتها حلبات المصارعة لقب الدسوقي (بطل الشرق الأوسط) كما تدل العبارة باللغة الانكليزية حول حزامه.


     كانت بدايات أديب الدسوقي الرياضية في يافا خلال سنوات الأربعينات حيث أسس نادياً رياضياً يحمل اسم النادي الأولمبي، كما درب اللاعبين في النادي الإسلامي بيافا.


     وكان يتولى تدريب الشباب الرياضي على مهارات وأصول اللعب حسب المواصفات العالمية. وكان من نتيجتها أن تخرج الكثير من الملاكمين المحترفين والهواة على يديه.


     وكان من أبرز اللقاءات التي فاز بها الدسوقي اللقاء الذي جرى بينه وبين بطل تركيا البطل محمود أظنة والذي جرى بيافا. وكسرت خلاله عظمة في وجه البطل التركي. أما الفوز الثاني فكان تغلبه على بطل مصر الملاكم المصري عبده كبريت « صخرة مصر الــسوداء» وعرفه السيد ومحمد فرج. ويقول الدسوقي لقد كنت معروفاً في مصر وكأنني بين أهلي.


     كما أجرى الدسوقي عدة مباريات مع أبطال فلسطين في الملاكمة في صالة سينما الحمراء وملعب كلية الفرير بيافا نذكر منهم: شوقي أبو حجر الريس وسنحريب بطل النادي السرياني بالقدس وماردو بطل النادي الأرمني بالقدس وفيلكس البريطاني الذي شغل منصب مدير البوليس في المسكوبية. وقد تغلب الدسوقي عليهم جميعاً خلال هذة المباريات.


     وبعد عام 1948 م انتقل إلى الاقامة الدائمة في عمان حيث بدأ مشواره الرياضي من جديد وأعاد تشكيل ناديه حيث تتملذ على يديه عدد من الملاكمين نذكر منهم: فــهد الطمبور الذي أصبح فيما بعد بطل المملكة الأردنية الهاشمية في الملاكمة.



    تشجيع الملك الحسين
    وفي عام 1961 م أعلن البطل أديب الدسوقي أنه على استعداد للدخول في مباراة في الملاكمة مع الملاكم الأمريكي باترسون للحصول على بطولة العالم في الملاكمة... وما أن علم جلالة الملك الحسين برغبة أديب الدسوقي في إجراء هذه المباراة العالمية باسم الأردن أصدر أوامره بتقديم الدعم والمساعدة اللازمة له. ويقول البطل أديب الدسوقي أود أن أشير بهذا الصدد أن جلالة الملك حسين حفظه الله حرص على تكريمي في عدة مناسبات تقديراً لما قمت به في ميدان الملاكمة.


    وعلى الفور باشر الدسوقي باجراء تمارينه الرياضية بالسير على الأقدام وركوب الدراجات الهوائية في شوارع عمان، وفي أيام الجمعة كان يحضر الى رام الله مع فريقه الرياضي للقيام بنفس التمارين الرياضية حيث يلتقي مع صديقه الحميم الصحفي جورج نعيم شامات صاحب مكتب يافا للدعاية والاعلان والذي بدوره تولى القيام بحملة إعلامية لتغطية أخبار نشاطات البطل أديب الدسوقي.


    ومن ذكريات الصديق الصحفي الراحل فوز الدين البسومي عن أديب الدسوقي»
    وحين كانت الهجرة التقى صاحبنا بالبطل اديب الدسوقي في عمان، حيث كان اديب يدرب مجموعة من الشباب على الملاكمة في طليعتهم محمود سرور واستمرت علاقة صاحبنا (أي الصحفي فوز الدين) بأديب الدسوقي سنوات طويلة شهد خلالها مبارياته مع ابطال من الاردن ولبنان ومصر – كان اخرهم البطل فهد الطنبور احد ابطال الملاكمة المعروفين في ستينيات القرن الماضي..



    مع جمال عبد الناصر
    وظل اديب الدسوقي يتربع لسنوات طويلة على عرش بطولة الملاكمة في الاردن ، حيث قدر لصاحبنا ان يسافر الى مصر لملاقاة بطل الجيش المصري في الملاكمة .. جرت حفلة كبيرة على مدرج جامعة المنصورة حضرها الالاف من ابناء الشعب المصري ومحبي رياضة الملاكمة قدر فيها لاديب الدسوقي ان يحقق نصرا على البطل المصري، يومها كرم الرئيس المصري عبدالناصر اديب الدسوقي وهو يقدم له وساما رفيعا .. وراح عبدالناصر يشيد بالدسوقي ويصفه بالبطل المعروف من ايام فلسطين . ويقول البسومي : وحين كان المجلس يضم صاحبنا بالدسوقي كان الدسوقي يقفز بحديثه الى ايام الصيف في يافا .. و كان يلتقي بصاحبنا صباح الجمعة على طريق يافا – الرملة فيتوقفان للحديث ثم يمضيان الوقت معا.. في المشي او الركض على ذلك الطريق الواسع حتى اذا فرغت الجعبة من الحديث يتوقف احدهما هنيهة فيروح يمسح دموعه التي هطلت حزنا على تلك الايام الجميلة.


    والباحث و المترجم الراحل صلاح حزين تحدث عن ذكرياته حول أديب الدسوقي قائلاً :
     « في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لم تكن ألعاب رياضية مثل: الجودو، والكونغ فو، والكاراتيه، معروفة للجمهور في عمان . لكن كانت هناك رياضتان: الملاكمة، والمصارعة. وبين الرياضتين كانت الملاكمة هي الأكثر جذباً للشبان الأردنيين. وكان الملهم الرياضي الأكبر آنذاك هو أديب الدسوقي.
    ولم يكن أديب الدسوقي آنذاك شاباً، بل أقرب إلى سن الكهولة بجسمه الضخم وشعره الذي خطه الشيب، وكان يعتمد في الترويج لنفسه على تاريخه كملاكم في مدينة يافا وتتذكر أجيال تُحسب اليوم في عداد الكهول صورة لأديب الدسوقي في وضع «قتالي»، قريب مما كان ينشر من صور لملاكمين عالميين آنذاك، وقد كتبت تحتها عبارة «أديب الدسوقي: بطل فلسطين والشرق الأوسط.»



    الدسوقي وأبطال العالم
    بصفته هذه أعلن الدسوقي عام 1963 تحدي بطل العالم في الملاكمة آنذاك، فلويد باترسون، وفي العام التالي حين خسر باترسون لقبه أمام سوني ليستون ..وتحدى الدسوقي ليستون، وأعلن ذلك في مقابلة إذاعية استقطبت اهتمام الشباب ،الذين استهوتهم فكرة أن يكون لديهم بطل في الملاكمة يتحدى بطل العالم.
    سوني ليستون الذي كان قوياً وشرساً، ما لبث أن خسر بطولة العالم في الملاكمة أمام شاب صغير السن لم يتجاوز الرابعة والعشرين آنذاك اسمه كاسيوس كلاي، الذي أعلن اعتناقه الإسلام فور فوزه.



    الملاكم فهد الطنبور
    في تلك الأثناء، كان نجم آخر يصعد في عالم الملاكمة في الاردن ، هو فهد الطنبور. وكان الطنبور قد غادر إلى سورية في أواخر الخمسينيات، وقد بقي هناك حتى العام 1965، حيث شارك في عدد من مباريات الملاكمة ، وحين عاد في العام المذكور بدأ الطنبور ينافس أديب الدسوقي، ويقدم نفسه بوصفه ملاكماً شاباً استقطب بطوله الفارع وجسمه الضخم جماهير الرياضيين، وإن كانت جماهيريته لم تصل إلى ما بلغه أديب الدسوقي الذي كان قد تقدم في السن.

    وتحولت المنافسة إلى مباراة بين الملاكمين جرت على المدرج الروماني في عمان. وأسفرت النتيجة عن فوز الطنبور، لكن جمهور الدسوقي أبى أن يشاهده مهزوماً، حتى وإن كانت سنن الحياة تقول إن هنالك جانبا مأسويا في فكرة «البطولة» التي لا يمكن الاحتفاظ بها، مع تقدم الزمن وظهور أبطال جدد في اللعبة نفسها. وقد حدث أن عرض في صالة سينما بسمان في عمان في تلك الفترة فيلم يتحدث عن هذه الحقيقة المأسوية حمل عنوان «صلاة من أجل ملاكم من الوزن الثقيل».


    لم يقبل الجمهور بالنتيجة، فبقي الدسوقي بالنسبة له بطل فلسطين والاردن والشرق الأوسط، وهو لقب منحه الجمهور لبطله، ولم تكن هنالك يوماً بطولة بهذا الاسم.


    توفي الدسوقي في تسعينات القرن الماضي، وتقدم الطنبور في السن الذي كثيراً ما يشاهده البعض تلك الأيام متوجها كل يوم جمعة إلى الجامع الحسيني لأداء صلاة الجمعة – وتوفي الطنبور قبل عدة سنوات - . وخلال تلك السنوات تصعد في المقابل رياضات جديدة لها أبطالها من الشباب، لكن أيا منهم لم يتحول إلى أسطورة مثل أديب الدسوقي.


     وعن بعض مما ذكره الباحث الرياضي محمد الجالودي عن الدسوقي :
    « لقد شهدت الساحة الاردنية خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، ذكريات جميلة عاشها سكان العاصمة عمان ممن يعشقون رياضة (الفن النبيل) حيث كان (المدرج الروماني) بوسط البلد مسرح لقاءات أديب الدسوقي مع اقوى الملاكمين العرب والعالم وهو الشاب اليافع القادم من مدينة يافا بفلسطين.
    في تلك الايام سرقت لعبة الملاكمة البريق من كرة القدم ، حيث كان المدرج الروماني يمتلئ بالحضور الجماهيري لمتابعة نزالات أديب الدسوقي الذي تحدى عام 1963 بطل العالم آنذاك فلويد باترسون ، وفي العام التالي وحين خسر باترسون لقبه أمام سوني ليستون تحدى الدسوقي ليستون ، وأعلن ذلك في مقابلة إذاعية استقطبت اهتمام الشباب ، الذين استهوتهم فكرة أن يكون في الاردن بطل في الملاكمة يتحدى بطل العالم.


    مرت الايام سريعة بعد ذلك ليشكل الدسوقي مع فهد الطنبور ثنائيا مشهودا له بالتميز ، حيث عرفت حلبات الملاكمة وخصوصا صالة (سينما بسمان) بوسط البلد ومقر (النادي الأهلي) بمنطقة رأس العين العديد من اللقاءات التنافسية الرائعة والمميزة والتي جمعت الطرفين وامتعت جمهور رياضة الملاكمة الذي كان لديه شغف كبير لمتابعة نزالات البطلين .


    وقد كانت تذكرة الحضور للنزالات في تلك الايام بـ (نصف دينار) ، ورغم ان هذا المبلغ يعتبر مرتفعا قياسا لمتوسط دخل الفرد انذاك الا ان الجماهير لم يكن تهتم كثيرا لذلك ، وبقيت تحرص على متابعة لقاءات الثنائي الدسوقي والطنبور ومع من يحضر من ابطال العالم الى الاردن.


    بعد ان كبر الدسوقي والطنبور في العمر ، لم تشهد ساحات الملاكمة الاردنية ظهورا لافتا لثنائي شهير ، اذ ان الاسماء التي برزت سطرت انجازات فردية ولم تكن تجد الند القوي المنافس لها كما كان يفعل دسوقي وطنبور.
    اسماء كبيرة سطرت انجازات كبيرة للاردن ولكن بقي الطرف الند القوي غائبا حاضرا امثال: محمد ابو خديجة وايمن النادي وخالد شحادة وسعيد النوباني وفرج درويش وعبدالله الباعوني والمرحوم عبد الناصر شباب ومهند عقيلان وايهاب دوريش وابراهيم الزعبوب ومحمد عبد العزيز (بطل العرب) وايهاب درويش ويوسف رسمي ومنذر عقيلان وايمن عوض وتيسير الجمال وغيرهم ... « .



    رواية .. مؤنس الرزاز
    ويذكر الروائي الاردني مؤنس الرزاز في روايته « جمعة القفاري « ما يلي :
    « ... ومن هذا المنطلق، رفضت التعرف إلى بطل أحلامي أديب الدسوقي، خصوصاً بعد أن هزمه فهد الطنبور في المدرج الروماني. يا إلهي كم أبغض الهزائم.

    بكيت مثل طفل صغير حين فقد أديب الدسوقي لقبه. ولهذا السبب بالتحديد أرفض لعب ورق الشدة، أو البلياردو، أو التنس، لأنني أخشى الهزيمة. وأديب الدسوقي أقام حوله هالة أسطورية صغيرة. قال إنه تحدى كاسيوس كلاي قبل أن يشهر إسلامه. وتغلب على بطل الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس.

    ونسجنا نحن حول هالته الأسطورية الصغيرة هالة أسطورية ملحمية. فقلنا إنه هزم أبطال الاستعمار. حتى أنه ضرب بطل أمريكا الشمالية والجنوبية (لم نكن نعرف أن أمريكا الجنوبية معترة مثلنا) ضرب بقبضته العربية الحديدية، فإذا بأمعاء الملاكم الاستعماري، تندلق من بطنه» .-الرأي





    [04-11-2016 11:39 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع