الرئيسية حدث وصورة

شارك من خلال الواتس اب
    لماذا أُقيل مدير الجمارك وبقي أمين عمّان ؟!

    أحداث اليوم -

    كتب : عبدالله الرعود

    من حق أي مواطن أن يتساءل عندما ينظر إلى "الشيوزفرينيا" التي تعيشها حكومة عبدالله النسور، والمكاييل التي تستخدمها في قضايا وطنيّة حسّاسة، وغاية في الأهميّة.

    قبل حادثة فيضانات عمّان بأيام قليلة، تنمّر رئيس الوزراء على مدير عام الجمارك السابق منذر العساف، بعد انفجار حاويات فيها ألعاب ناريّة، أنهت حياة 7 أشخاص.

    طار النسور إلى مكان الانفجار، تجاهل العسّاف، وعامله بطريقة لا تليق، وبعد اجتماعات، لم تخل من التهويل، والاستعراض، والكذب، والنفاق، حُمّل العساف المسؤوليّة، وأٌقيل.

    تقارير الدفاع المدني أكدت سلامة إجراءات دائرة الجمارك العامة، وأكد مدير الأخيرة السابق، أن الخلل في التشريعات، التي لا تتيح خيارات أخرى، تتخلص بها الجمارك من جرائم حيتان، سنّوا تلك التشريعات، ومنحوا معارض الحكومات الثقة.

    ما حدث في جمرك عمّان خطير، وكبير، كان من الطبيعي أن تُقدّم بعده الحكومة استقالتها، إن كانت تملك حرصاً على حياة الإنسان، وإن بقي في وجهها ماء.

    نظريّاً قالت الحكومة إنها تتحمل المسؤوليّة، لكن في الواقع تنصّل النسور من القضية، وقزّمها، وحصرها في شخص المدير، الذي شرح، ووضّح، عقم التشريعات، وتحدث أيضاً عن عضو في غرفة التشريع الأولى، توسّط لمهرّب ألعاب نارية خطير، وهو ما رفضه العسّاف على حد قوله للنائب.

    الخميس حدث ما هو أخطر، وأعمق أثراً، غرقت عمّان بعد رشّة مطر، وخلال أقل من نصف ساعة، طاش العمانيّون بسيّاراتهم على بحر، في حين كان عمدة العاصمة في لندن، يتقاضى مياومات، ويتغنّى بزيارة من وصفها بـ "سيّدة العالم الأولى" للأردن، ميشيل أوباما.

    وكانت جاهزيّة الأمين وهماً، دفع ثمنه أطفال، وشباب، ماتوا غرقاً، وبيوت دُمّرت، وشوارع خُرّبت، ومركبات عُطبت، وتجّار كانت خسائرهم بالملايين، أضف إلى ذلك المعاناة التي عاشها المواطن، وأجهزة الدولة.

    لم تنبس الحكومة ببنت شفة، غاب بلتاجي دهراً، وعاد لينطق كفراً، فحمّل ووزيرة التنمية المسؤوليّة للضحايا، مستنكرين بطريقة ساذجة إقامتهم في "تسوية"، وكأن وضعهم يسمح لهم أن يسكنوا قصوراً، لكنهم تعمّدوا خدش راحة مسؤولي الشللية، وجوائز الترضية.

    قضيتان خطيرتان، الحكومة المسؤول الأول والأخير عنهما، لكنها سجّلت فشلاً كبيراً فيهما.

    المسؤول المباشر في القضية الأولى، ابن دائرته، تدرج فيها، حتى وصل إلى مكانة تؤهله ليكون مديراً عاماً لها، فتقدم مع عدد من زملائه، وبعد مقابلات، واختبارات، اختير، وعُيّن.

    أما بلتاجي فكان تنصيبه عمدة على رؤوس العمانيين فرضاً، في جلسة مسائيّة خاصة، وقع مجلس وزراء النسور قراراً، عيّن فيه بلتاجي، وأبعد أبو هديب.

    لم يكن تعاطي الحكومة مع القضيتين عادلاً ولا صحيحاً، ولم يكن في حساباتها الإنسان الذي دفع الثمن غالياً.

    وتعاملت معهما على أساس اعتبارات بعيدة عن الحس الوطني، وعن هم المواطن المنكوب، فكان العسّاف فريسة سهلة، ضحّت به الحكومة، ليكون مكانه مسرحاً لتعيينات المحاسيب، أو ربما جائزة ترضية، تُقدم لهذا الكبير، أو ذاك.

    مقابل ذلك أرخت العنان لأمين عمّان، ليقدم سلسلة أطول من ملحمة جلجامش، من التبريرات، والدفاعات، كلها لأجل بقائه في منصبه، لا لبيان حقيقة، أو توضيح مبهم، أو تحمّل مسؤوليّة.

    العسّاف كان فاقداً لسند متين وقوي، مثل الذي يتمتع به عمدة عمّان، سوى خلاف سخيف، قد يكون مصطنعاً، مع وزير الداخليّة، لم يحدث بين الحكومة وبلتاجي، بل على العكس تماماً، انبرت وزيرة التنمية بتصريحات دعمت بها العمدة، وساندته بلاإنسانية في إدانة الضحايا.

    وقال مواطن في لقاء على قناة الحرة : إنه عندما شكا للوزيرة ما حدث في منزله، أجابت : مين قلّك تسكن في الطابق السفلي ؟!

    لم يُسعَف العسّاف إعلاميّاً، ليسهب في شرح جريمة الحكومة في جمرك عمان، لكن تلفزيون الحكومة، وأذرعها الإعلاميّة الأخرى، سُخّرت للعمدة، ليتفنن في جلد الضحايا، وتحميلهم مسؤوليّة ما حدث.

    حدثان في أسبوع، كشفا النقاب عن شلل كلي، ألمّ بـ "صاحبة الولاية العامة"، وأكدا أن لغة الفاعلين الكبار في الأردن لا تشمل الدوار الرابع.

    أكدا أن حكومة النسور لا تستأسد إلا على الضعيف الذي لا ظهر قويّاً له، حتى لو امتلك حسّاً وطنيّاً، وكان أميناً على أموال الشعب.

    لماذا أُقيل أمين الجمارك وبقي أمين عمّان ؟!





    [08-11-2015 11:37 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع