الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    عوادم محركات الديزل .. خطر يلامس صحة الاردنيين

    أحداث اليوم -

    فيما تحذر دراسات علمية عديدة من خطر عوادم محركات الديزل في التسبب بالإصابة بأمراض القلب والشرايين وسرطان الرئة، تعتبر أخرى أن عوادم الديزل تنفث مادة تشكل مسببا رئيسيا لتغير المناخ، وذلك وفق تقارير ودراسات دولية، اشارت إلى ان حجم الأضرار، التي يسببها للمناخ تزيد على 3200 ضعف ما يسببه ثاني أكسيد الكربون في المدى القريب.

    وفي البلدان التي لا تتوفر فيها وسائل السيطرة المناسبة مثل الأردن، تطلق محركات الديزل مزيجا من الجزيئات الصغيرة المعروفة بـ"تركيز الجسيمات"، ومن المعروف منذ القدم أن هذه الجزيئات الدقيقة، التي يمكن استنشاقها بعمق في الرئتين، تضر بالصحة، وفق التقارير ذاتها.

    ونتيجة لما تشكله هذه العوادم من ضرر، كانت مصفاة البترول الأردنية أعلنت عن نيتها البدء بالاقتصار على استخدام الديزل الخالي من الكبريت في العام 2008، ليكون مطابقًا للمواصفات والمقاييس الأردنية والعالمية التي لا تضر بالبيئة وصحة الإنسان، غير ان تلك الوعود التي أطلقت لم يتم تحقيقها لغاية هذه اللحظة.

    وتأتي مسوغات التأخير من إدارة المصفاة، على لسان الرئيس التنفيذي للشركة عبدالكريم العلاوين، الذي يقول بأنه "لا يمكن في المرحلة الحالية استحداث المصانع والوحدات الخاصة بإزالة الكبريت من الديزل، لارتفاع التكلفة المالية لهذه الغاية والتي تصل لنحو 400 مليون دينار".

    وعلى الرغم مما أورده من مبررات، لكنه لم ينف وجود مشكلة الكبريت في مادة الديزل، التي يتم تزويدها لمحطات الوقود، بيد أنه لفت إلى أن مسألة ازالة الكبريت تحتاج الى إنشاء مصنع خاص لاستخلاصه بالهيدروجين ووحدة لامتصاص الغاز وأخرى خاصة بالدخان الناتج عنه، وجميعها تتطلب فترة زمنية تزيد على الخمسة أعوام.

    وبين العلاوين أن أهداف المصفاة المستقبلية تتمثل بإقامة مشروع التوسعة الذي سيكون من ضمنه انشاء الوحدات والمصنع الخاص بإزالة الكبريت من الديزل، وذلك بعد الحصول على التمويل اللازم لذلك.

    وتوقع ان يتم إنجاز مشروع التوسعة في العام 2020، عقب الانتهاء من إعداد الجدوى الاقتصادية ووضع التصاميم الأساسية لإنشائه.

    وحول وحدة استخلاص الكبريت الذي دشنها رئيس الوزراء عبد الله النسور أخيراً، أوضح العلاوين أن الغاية من إنشائها تخفيف انبعاثات الكبريت في الهواء، والحد من أكسيد الكبريت تماشيا مع أحدث المعايير البيئية العالمية.

    بدوره، يؤكد أمين عام وزارة البيئة احمد القطارنة أن الوزارة منذ ما يزيد على 15 عاما تقوم بمتابعة نوعية الديزل والوقود للتأكد من مطابقتها للمواصفات العالمية تفاديا لتلوث الهواء.

    ولفت القطارنة الى أن شركة مصفاة البترول قامت مؤخرا بافتتاح وحدة لاستخلاص الكبريت، وهو ما يعتبر انجازا تم تحقيقه بعد متابعات حثيثة من وزارة البيئة لموضوع الديزل.

    وبين أن المصفاة التزمت بأن يتم تقليل نسبة الكبريت في مادة الديزل وهو ما يتم فعليا على ارض الواقع وان هنالك خطة تم وضعها من قبل القائمين فيها من اجل تلك الغاية.
    وسجلت المؤسسة العامة للمواصفات والمقايس ارتفاعا بنسب الكبريت في عينات أخذت من مادة الديزل التي يتم تزويدها من قبل مصفاة البترول لمحطات الوقود، حيث "وصلت إلى 10 آلاف ضعف المسموح به عالميا"، بحسب ما كشفه مدير مديرية المقايس والرقابة على المشتقات النفطية محمد الأسكر.

    وكانت أرسلت المؤسسة كتابا لشركة مصفاة البترول تطالب فيه بتحسين نوعية الديزل وإزالة المخالفات التي رصدت في نِسَب الكبريت، كما تم التأكيد من قبل الشركة أنه سيتم العمل على ذلك خلال العام المقبل من قبل مشروع التوسعة الذي سيتم انجازه مستقبلا.

    وأضاف الأسكر ان معظم الشكاوى التي ترد للمصفاة تتعلق بوجود "رغوة بيضاء في مادة الديزل وليس حول نسب الكبريت".

    وأبدى مواطنون استغرابهم من عدم تدخل الحكومة في إيجاد حلول جذرية لإنهاء تفاقم خطر عوادم السيارات التي تلوث سماء المملكة والمحافظات، والتي باتت ظاهرة تؤثر في صحة المواطن وانتشار الأمراض الصدرية.

    ويقول المواطن أحمد شطرات: "يجب على الحكومة أن تقوم بواجبها إزاء هذه المشكلة، لأن تلوث البيئة أصبح مصدر خطر جسيم على صحة ونفسية الإنسان، بينما يجب على الجهات المعنية محاسبة المخالفين، وأن تضع ضوابط تحد من هذه الظاهرة كأن تفرض غرامات مالية".

    فيما ترى المواطنة سامية عوايشة أن "على الحكومة أن تقوم بالعمل من أجل تنفيذ مشروع الحزام الأخضر المحيط بالعاصمة، وأن تزيد من حملات التشجير لزيادة الرقعة الخضراء وتوفير الأوكسجين الذي افتقده الإنسان في المدينة".

    وشهدت المملكة خلال الأيام الماضية موجات من العواصف الترابية التي أصبحت هي الأخرى نقمة على المواطن، إذ إن الجزيئات العالقة التي تحملها تلك الأتربة تمتزج بالدخان المنبعث من العوادم، وهو ما يشكل مصدر خطر حقيقي على صحة الإنسان.

    وفي هذا الشأن، أكد خبراء في منظمة الصحة العالمية أن أبخرة عوادم محركات الديزل تتسبب بالإصابة بسرطان الرئة، وربما تؤدي إلى ظهور أورام في المثانة.

    واستند الخبراء إلى دراسة شملت أشخاصا يتعرضون لمعدلات كبيرة من أبخرة العوادم، مثل العاملين في المناجم وخطوط السكك الحديدية وسائقي الشاحنات.
    ونصح الخبراء بتقليل فرص التعرض لعوادم الديزل.

    وفي الوقت الحالي، تصنف الهيئة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة الدولية، عوادم الديزل بأنها "مادة مسببة للسرطان".

    ويعتقد أن العاملين الذين يتعرضون لمعدلات مرتفعة من هذه العوادم يزيد احتمال إصابتهم بسرطان الرئة بنسبة 40 في المئة.

    ويتفق مدير مكتب مكافحة السرطان اختصاصي سرطان الرئة في مركز الحسين للسرطان الدكتور فراس الهواري مع ما جاء في تحذيرات منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن تلوث الهواء يتسبب بنسبة 10 % في إصابة الإنسان بسرطان الرئة.

    وأوضح الهواري أن 90 % ممن يصيبهم سرطان الرئة في الأردن هم من مدخني السجائر، وان النسبة المتبقية تدخل ضمن عوامل البيئة وتلوث الهواء والتعرض للإشعاع ولمواد كيمائية، كالمستخدمة في مواد العزل في الأبنية.

    وبين أن هنالك دراسات وأبحاثا علمية جديدة بدأت تظهر وتشير إلى أن تلوث الهواء واستنشاق مادة الديزل يساهمان في الإصابة بسرطان الرئة.

    ويحتل سرطان الرئة الذي يصيب الذكور في الأردن المرتبة الأولى بين مختلف أنواع السرطان الأخرى، حيث تسجل سنويا 300 حالة جديدة، وفق ما جاء في إحصائيات السجل الوطني الأردني للسرطان.
    واعتبر الهواري أن تلك النسب تدق ناقوس الخطر في الاردن، وتعتبر مسألة خطيرة لا بد من اتخاذ الإجراءات لخفضها، ومنها تطبيق القوانين المتعلقة بالتدخين في الأماكن العامة، والبيئة، حيث ان نسب الإصابة بسرطان الرئة بين غير المدخنين تصل الى 30 %.

    بدورها اعتبرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة للأمم المتحدة تلك الجسيمات المنبعثة من عوادم السيارات مسببة للسرطان، كما حذرت جمعية القلب الأميركية من أن هذه الجسيمات يمكن أن تعجل بالوفاة والعجز الناجم عن أمراض القلب والشرايين، ومن بينها الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

    ويعتقد كذلك أن هذه الجسيمات تسبب التهابا حادا في القصبة الهوائية وإصابة الأطفال بالربو أو تفاقم من الإصابة بهما.

    ورصدت فرق الإدارة الملكية لحماية البيئة 13159 مخالفة تتعلق بعوادم السيارات منذ مطلع العام الحالي حتى نهاية تموز (يوليو) الماضي، بحسب الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن الرائد عامر السرطاوي.

    وأوضح السرطاوي أن تلك المخالفات تم تصويبها من قبل المخالفين، في وقت أطلقت فيه الإدارة بالتعاون مع وزارة البيئة المرحلة الأولى من حملتها "بيئتي حياتي"، للحد من ملوثات الهواء الناجمة عن عوادم المركبات والتي تستمر لمدة أسبوعين.

    وعقب انتهاء الحملة التي تركز على توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة ودورهم كأصحاب مركبات وسائقيها في الحفاظ على البيئة من خلال صيانة المركبة بشكل دوري بما يضمن عدم انبعاث الدخان منها بعد شهرين، بحسب السرطاوي، سيتم تحرير المخالفات بحق المخالفين، حيث سيتم حجز رخص المركبات لحين تصويب السائقين لأوضاعهم.

    ولا يقتصر تأثير عوادم الديزل على صحة الإنسان، بل يتعداه إلى التأثير على الغلاف الجوي، حيث انتهى تقييم أجري العام 2013 إلى أن ثاني أكسيد الكربون يأتي بعد الكربون الأسود كأهم ملوث في الغلاف الجوي من حيث تأثيره على رفع حرارة الأرض في المدى القريب، وأن عوادم الديزل هي واحدة من أبرز المصادر الغنية للغاية بالكربون الأسود، وفق تقرير البنك الدولي حول عوادم الديزل الصادر في نيسان (ابريل) العام الماضي.

    وتعليقا على ذلك، قال سمير أكبر، وهو خبير أول في شؤون البيئة في البنك الدولي، والذي قاد فريق إعداد تقرير يفحص المنافع المشتركة التي يجلبها الحد من انبعاثات الديزل على التنمية والتحرك إزاء المناخ، "إن معالجة هذه الانبعاثات يمكن أن تحقق نفعا مزدوجا، فهي لا تتعلق بالصحة فحسب، ولكن تتحقق منافع مناخية محتملة أيضا".

    وأضاف أكبر أنه في المستقبل القريب، يمكن أن يؤدي تخفيض كميات الكربون الأسود المُنبعث في البيئة إلى إبطاء معدلات الزيادة في ارتفاع درجة حرارة الأرض.
    ويمكن السيطرة على عوادم الديزل الخطيرة بعدة طرق، منها التحول لاستخدام الوقود الأكثر نظافة، والذي يتطلب استخدام فلاتر خاصة للعادم، وتشجيع التصميم الأفضل للمحركات.

    وأكد الخبير في مجال التغير المناخي حسين الكسواني أن انتشار الكبريت المنبعث من مادة الديزل في الهواء ينعكس سلبا على صحة الإنسان وخاصة بين الأطفال والمسنين، حيث يتسبب بإصابتهم بالامراض الصدرية ومن بينها الحساسية والربو.

    لكنه أوضح أن بقاء تلك المادة في الأجواء لا يكون لفترات زمنية طويلة وإنما قصيرة، نظرا لاختلاطها بالأمطار أثناء فصل الشتاء.

    وأثبتت تقارير دولية تتعلق بالتغير المناخي، أن نسبة الكبريت تؤدي الى عكس أشعة الشمس التي تدخل وتخرج من وإلى الأرض، لكنها ليست ذات أثر بعيد المدى على مسألة التغير المناخي والانحباس الحراري.

    ويعاني الأردن من تأثيرات التغير المناخي على موارده المائية والبيئية والزراعية، حيث كشف التقرير الوطني الشامل حول التغير المناخي عن توقعات بارتفاع درجات الحرارة بحلول العام 2050، بمعدل 1.5 - 2.5 درجة مئوية، مشيرا الى ان العام 2050 سيشهد ارتفاعا بحدود 1.5 درجة مئوية "بحسب السيناريو المتوسط"، تزيد إلى 2.5 درجة مئوية "بحسب سيناريو الحد الأقصى".

    وفيما يشير التقرير إلى تراجع ملموس في هطول الأمطار في المناطق الغربية، فإن هذا التراجع سيزيد في المناطق الجنوبية والشرقية بنسب تصل إلى 30 % في بعض الحالات.





    [19-08-2015 09:30 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع