الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فيتامينات لأنيميا الوعي!!

    ينفق كثير من الناس وعلى حساب اولويات صحية وتعليمية الملايين على ترشيق اجسادهم البدينة واضعاف ذلك على الثرثرة بالهواتف التي تحملهم اكثر مما يحملونها، وقد يستدينون كي يخفوا فقرهم تحت مختلف المساحيق كما لو انه ندبة او عورة . لكن من ينفقون كل ذلك ينسون ان هناك نوعا من الانيميا لا يشخّصها الاطباء ولا تظهر في التقارير التي تقدمها المختبرات، انها انيميا الوعي وهي مرض لا يقل خبثا عن اي مرض عضال، وله مضادات وفيتامينات لا تُباع في الصيدليات بل يكتشفها المريض الذي يعاني من نقص في المناعة الذهنية اذا قرر ان يعرف، وتحولت لديه الاسئلة العادية والعابرة الى مساءلات سواء كانت سياسية او اخلاقية . ولا يدرك المصابون بهذه الانيميا حجم خسائرهم الا بعد فوات الاوان، هذا اذا قُيّض لهم ان يدركوا ! وهنا لن نتحدث عن فوائد القراءة وتوسيع دائرة المعرفة، فذلك نوع من الرفاهية لا وقت له الان، بل نتحدث عن متطلبات وشروط حياة يومية تتوفر على حدّ أدنى من التمدن، فالجهل كما قال برتراند راسل ساخرا أعمق منبع للحرية، لأن المُبتلى به يتحدث في كل شيء وعن كل شيء بلا تردد وان كانت لديه بضع معلومات التقطها من الآخرين او من الاعلام الفضائي فهو يستخدمها في كل المناسبات، بحيث تبدو مجرد اصداء ببغاوية وقد أثار انتباهي بالامس فنان عربي حين أقسم بأنه سمع اشخاصا يتحاورون حول ما يسمى حكومة التكنوقراط، واتفقوا اخيرا على انها تعني حكومة جيدة من عيار اربعة وعشرين قيراط، لمجرد ان وردت فيها كلمة قيراط . ان مأساة الجاهل وملهاته ايضا هي في كونه لا يعي مساحة جهله، لأن المعرفة بمعناها الدقيق هي وعي هذه المساحة وبذل المحاولات لتقليصها . خسائر الامي سواء كانت أميّته أبجدية او سياسية او من أي فرع آخر، ليس لديه حاسوب يحصيها، ويرفض في الوقت ذاته ان يصغي لآخرين يحاولون افهامه ذلك . وما قاله المتنبي عن جحيم العقل وجنة الجهل ليس حكرا على زمانه، فهذه الثنائية أبدية، لكنها تحمل في كل عصر اسما جديدا واسمها في عصرنا : ما يسقط من السماء تتلقاه الارض !!





    [09-08-2015 11:33 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع