الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ملف ملكي بامتياز

    بدا من تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات، أنها تتطابق تماما مع ما دعا إليه الملك عبدالله الثاني خلال ترؤسه، الأربعاء الماضي، اجتماعا لتطوير العملية التربوية.
    الذنيبات الذي نجح في إنقاذ هيبة وسمعة امتحان "التوجيهي"، قال إن مؤتمر التطوير التربوي الذي عُقد قبل أكثر من أسبوع، أوصى بتبني برامج لتدريب وتأهيل المعلمين، والتوسع في التعليم المهني، وتطوير المناهج. وأشار إلى تشكيل هيئة من اللجان المعنية في مجلسي النواب والأعيان لمراقبة مدى التزام وزارة التربية بتنفيذ هذه التوصيات.
    هذه التوصيات هي تقريبا الأفكار نفسها التي عرضها الملك في اللقاء، لكن مع طلب ملح من جلالته بسرعة تنفيذ وتطوير توصيات ومحاور المؤتمر التربوي، وعدم التأخر في تطبيقها.
    لكن المهتمين بملف تطوير التعليم في الأردن تساورهم الشكوك حيال فرص التغيير في المستقبل، لا بل إن الكثيرين منهم محبطون من إمكانية تحويل التوصيات إلى سياسات وبرامج عمل ملموسة.
    أعتقد أن هؤلاء، وأنا منهم، محقون في موقفهم. فالتوصيات التي خلص إليها مؤتمر التطوير التربوي صحيحة ومطلوبة، لكنها مطروحة من قبل، وسبق لمؤتمرات واستراتيجيات وطنية أن تبنتها، وبتوسع أكبر؛ لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ طوال هذه السنوات. فما الذي يضمن تطبيقها هذه المرة؟
    لقد فقد الأردن مكانته المنفردة عربيا في مجال التعليم، وظهر منافسون كثر لنا؛ فيما الفجوة بين التعليم العام والخاص في ازدياد على المستوى الوطني. والتراجع في مستوى التعليم الجامعي ليس سوى مظهر من مظاهر تراجع التعليم في المدارس.
    "ثورة" إصلاح التعليم تبدأ من هناك؛ من المرحلة الأساسية. من يتأسس وفق قواعد سليمة، يكبر سليما؛ والعكس صحيح.
    والإصلاح في هذا الميدان الاستراتيجي لا يُترك لمزاج البيروقراطيين في الإدارة الحكومية. ينبغي أن تكون هناك خلية تفكير وتخطيط تعرف ماذا تريد من التعليم، بعد عقد أو عقدين من الزمن. خلية عابرة للحكومات والإدارات الميدانية.
    لقد تُرك لهؤلاء التخطيط طوال السنوات الماضية، فماذا حصل للتعليم؟ 206 مدارس في المملكة، كلفت ملايين الدنانير، يتراوح عدد طلبتها ما بين 1 إلى عشرة طلبة! كيف سكتت هذه الإدارات عن المهزلة طوال هذه السنوات؟!
    وثمة مهازل أكبر وأشنع أيضا؛ مناهج تروّج للفكر المتطرف، وهيئات تدريس غير مدربة ولا مؤهلة يُدفع بها للغرف الصفية فور التخرج من الجامعة.
    وإصلاح التعليم يحتاج موازنات ضخمة، لا تتوفر حاليا في خزائن الوزارة. هذه مسألة تحتاج لوقفة طويلة، ومراجعة لأولويات الإنفاق في الموازنة العامة للدولة.
    لا يمكن أن يحصل كل هذا من دون توفر إرادة على أعلى مستوى، تسمح باتخاذ قرارات جريئة وحاسمة للسير في خطط الإصلاح.
    لا شك عند كثيرين في النوايا الطيبة لوزير التربية. لكن النوايا وحدها لا تصنع التغيير. التغيير يتطلب موارد، وعقولا، وخططا، ونخبة مؤمنة بأن التعليم مفتاح التقدم.
    كي تشق خطط إصلاح التعليم طريقها في الأردن، لا بد أن يكون التعليم ملفا ملكيا بامتياز. في حالة الأردن، الإصلاحات المأمولة تأتي في العادة من فوق.





    [08-08-2015 12:00 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع