الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فهل صحونا؟! ..

    كلمات جريئة ومهمة في حديث كلّ من رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، ونائبه وزير التربية والتعليم د. محمد الذنيبات، في افتتاح مؤتمر التطوير التربوي، الذي نظّمته وزارة التربية والتعليم أول من أمس.
    ما لفت الانتباه في كلمات الرجلين، هو الاعتراف بأنّ هناك اختلالات جوهرية وقعت في مسيرة التعليم، أدت إلى إصابته بأمراض خطرة. ولعل الأبرز العبارة الطريفة التي قالها رئيس الوزراء "سهونا طيلة عقود عن النوع في التعليم وانصرفنا إلى الكم".
    الكلمة الأكثر دقّة من "سهونا"، هي أنّنا خلدنا إلى سباتٍ عميق، حتى أصبحت حالة التعليم العام الحكومي يرثى لها. لكن السؤال الأهم من ذلك الذي نوجّهه إلى الرئيس: فهل صحونا فعلاً؟ وهل نحن ندرك حقّاً، اليوم، حجم العطب والكوارث التي لحقت بهذا التعليم في العقود الماضية الأخيرة، حتى أصبح هدف إعادته إلى ما كان عليه من انضباط ونظام بمثابة إنجاز وطني؟
    وزير التربية والتعليم كان أكثر وضوحاً وصراحةً في الإشارة إلى حالة التعليم وما أصابه من تدهور، بسبب غلبة الاجتهادات الشخصية لدى المسؤولين في تحديد المسار المطلوب، والاعتماد على التجربة بدلاً من الرؤية المؤسسية العميقة المستندة إلى توافقات وطنية. ودلّل على ذلك بسياسات النجاح التلقائي، وانتقد بشدة حالة التردد والتراخي وغياب المساءلة وضمور القيم في هذا القطاع الحيوي والمهم.
    وأشار د. الذنيبات إلى أنّ هذا المؤتمر التربوي يأتي بعد قرابة ثلاثين عاماً على المؤتمر التربوي الأول (في العام 1987)، والذي شخّص نقاط الضعف والقوة في نظامنا التعليمي، متأملاً أن تكون مخرجات هذا المؤتمر دليل الإرشاد للمرحلة المقبلة.
    نأمل بالفعل أن يكون هذا المؤتمر بمثابة "نقطة تحول" حقيقية في مسار التربية والتعليم في الأردن، واستعادة الثقة بالتعليم العام؛ وهو التعليم الذي لا نبالغ إن قلنا إنّه انهار تقريباً، عبر سياسات الإهمال والتجاهل، وما وصفه الذنيبات بالمتاجرة بالتعليم خلال العقود الماضية، بما يتجاوز فترة "السهو" التي تحدث عنها الرئيس إلى فترة التدمير الكامل!
    أتمنى أن نشارك الوزير الذنيبات تفاؤله باستعادة الثقة بالتعليم العام، لكنّني لست متفائلاً، عادةً، بالمؤتمرات والخلوات. فقد تعودنا في الأردن أنّ مخرجاتها تبقى على الرفّ، وأصبحت الماركة التجارية للسياسات الحكومية الوطنية، التي تميّزنا عن غيرنا، هي "فن الدوران حول الذات"، أو "الركض في حلقة مفرغة". هذا بالإضافة إلى خشيتي من أن يكون المشاركون هم ممن أدمنوا العمل البيروقراطي، ويخافون من الأفكار الثورية الحقيقية المدروسة في التعليم، أو ممن لم يطّلعوا على النقاشات العميقة الدائرة اليوم في العالم عن التعليم!
    لا نريد أن نتسرع في الحكم، ودعونا نعطي فرصة للوزير الذنيبات ليطلع الرأي العام على نتائج هذا المؤتمر المهم والتاريخي (وهو من المفترض أن يكون كذلك) لإنقاذ التعليم العام؛ ودعونا نشارك رئيس الوزراء، عبدالله النسور، هواجسه واستعداده للعمل على تنفيذ المخرجات المقترحة. لكن علينا أن نتذكر في خضم ذلك كله، أنّ يداً واحدة لا تصفق، وأنّ إنقاذ التعليم العام يحتاج إلى موارد مالية حقيقية، في حين أنّنا ما نزال نتحدث عن 338 مدرسة حكومية لم ينجح منها أحد، أغلبها في المحافظات والمدن الأقل حظّاً، أو التي يمكن أن نطلق عليها وصف "منكوبة تعليمياً"، في حين أنّ المسار التعليمي كله اليوم يمر في حالة نكبة حقيقية!





    [03-08-2015 11:26 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع