الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    على هامش زيارة العريفي للأردن هل العريفي هو الشيطان الأكبر؟

    يبدو أن الحضور الكبير لمحاضرة العريفي في مدينة إربد الأردنية قد أثار لغطاً كبيراً، وجدالاً واسعاً في وسائل التواصل الإعلامي إلى درجة أن بعض المعلقين وصفوه بالارهابي، وبأنه يشجع على القتل، وآخرون اعتبروه مصدراً للتجهيل، بينما رد عليهم معارضوهم بعكس ذلك.
    معظم أصحاب هذه الانتقادات هم من الأخوة اليساريين والقوميين، وظهر من خلال ما طرحوه صدمة كبيرة من الحجم الهائل لحضور ندوته والذي تجاوز العشرين ألف شخص، وهو رقم كبير، وصادم بالنسبة للأردن حيث من غير المعتاد أن يصل الحضور لأي فعالية لهذا الرقم الكبير.
    شخصياً اختلف مع الدكتور العريفي في كثير من أفكاره، واعتقد أن جزءاً كبيراً منها نابع من بيئته، ومدرسته التراثية التي لا تعطي للعقل حقه الكامل في التفكير بالنصوص والإبداع فيها لإسقاطها على الواقع، ومع ذلك فلا أستطيع أنا أو غيري أن ننكر أنه شيخ فاضل، وأنه صاحب أسلوب مختلف عن الكثيرين، ويتمتع بشعبية كبيرة داخل الوطن العربي.
    للأسف فإن كثيراً من النقاشات التي دارت حول الشيخ لم تحترم قواعد الحوار، وامتلأت بالحقد والغيرة، والحسد والتجريح، فتشعر وأنت تقرأها وكأنها من ذلك النوع الذي يعتبر النجاح مذمة، والانتشار منقصة، وكأن الشيخ أصبح هو الشيطان الأكبر.
    اعترف أن بعض ما يطرحه الشيخ لا يساعد على تنوير الفكر، ولا يساهم في تطوير المجتمعات، ودفع الأمة للأمام، ولكنه جزء من خطاب إسلامي واسع يعاني من مشكلات لا حصر لها في مضمون الخطاب وأساليبه، وإذا حاكمنا الشيخ ضمن ما يطرح في الخطاب الإسلامي المحيط به، فإن ما يقدمه يعد متقدماً نوعاً ما عن غيره.
    وشيء آخر ركز عليه هؤلاء الأخوة وأتفق في جزء منه معهم، وهو التساؤل عن حجم الإنجازات التي يقوم بها الحاضرون في تلك الحشود في الحياة العلمية، والفكرية، فهل إذا ما أقيمت ندوة فكرية، أو طرح كتاب قيم، أو عملت ندوة عميقة ستجد عشر معشار هذا الحضور؟ هل يستفيد هؤلاء من حضور مثل هذه الندوة في تحسين سلوكياتهم في الحياة، وجعل المحيط الذين يعيشون فيه أفضل؟
    ومع ذلك أخالف الأخوة اليسارين والقوميين في هجومهم على الشيخ، فمن الواضح أن جل تركيزهم كان بسبب الصدمة من عدد حضور الندوة، فمن المعتاد أن نشاطات اليساريين والقوميين لا تجد حضورا كبيراً، بل على العكس فعدد من يتفاعلون معهم قليل جداً، ولو كنت مكانهم لما انتقدت هذه النقطة بالتحديد، فمن الأولى في هذه الحالة أن يراجعوا أنفسهم ويدرسوا أسباب تراجعهم في الشارع، وانفضاض الناس حولهم، بينما يحصل العكس مع الإسلاميين.
    لست في موقع تقديم النصيحة للأخوة في اليساريين والقوميين، ولكنني اعتقد جازماً أنهم هم – في غالب الأحوال- من ترك الناس، وراحوا يعيشون في برج عاجي فابتعد الناس عنهم، بينما راح الإسلاميون يقيمون المشاريع الخيرية، وينشئون المؤسسات التي تتفاعل مع الناس، وفي النهاية حصدوا شعبية واسعة – في الغالب-، ونجاحات متتالية في أكثر من جانب.
    أسفت كثيراً وأنا اقرأ تعليقات هؤلاء الأخوة، ووجدت أنها لا تخرج عما يصفون به أعداءهم من الإسلاميين، فهي مليئة بنفي الآخر، وشيطنته، واعتباره خارجاً عن المنظومة العامة للمجتمع، بل وتكفيره بأسلوب علماني ( التكفير العلماني يكون بوصف الآخرين بالجهل).
    وإذا ذهبنا إلى تعليقات الآخرين (الإسلاميين) فقد جاءت متوترة، مليئة بالشتائم، والتكفير، وووصف الآخر بالسوء، وضيق الصدر، والبعد عن الرد بالتي هي أحسن.
    موضوع ما حصل مع العريفي في الأردن هو عرض لمرض خطير يصيب الأمة في مكوناتها جميعاً، فعقلنا -نحن القوميون، والإسلاميون، واليساريون، والمسلمون، والمسيحيون، والسنة، والشيعة، والدروز، وكل مكوناتنا- بحاجة إلى إعادة بناء، وأن نتعلم كيف نستوعب الآخر، ونتقبله، والأهم من ذلك أن نعرف كيف نحترم بعضنا.
    اهنئ العريفي بجمهوره العريض، وأتمنى عليه أن يطور من مضمون خطابه بطريقة يساعد فيها على تطوير المجتمع، وجعله أكثر إيجابية، وأقدر على القيام بالسلوكيات القويمة التي تزيد المحبة بين الناس، وتجعل العقل المسلم أكثر قدرة على الإنتاج، والإنجاز، في زمن عز فيه استعمال العقل.
    والله من وراء القصد
    Mrajaby7@yahoo.com
    أكاديمي وإعلامي أردني





    [06-07-2015 05:21 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع