الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    شيخوخات متجاورة !

    ما من كائن أو مُنجز بشري لا يشيخ، حتى اللغات والحضارات والعمران والدول تشملها الشيخوخة كالانسان،وتمر بمراحل تحبو فيها وتتعثر ثم تراهق وتنضج واخيرا تسقط كثمرة عجزت عن مقاومة الجاذبية، لكن هناك حالات تتزامن فيها عدة شيخوخات دفعة واحدة مما يتطلب التفكيك واعادة البناء لتجديد الصلاحية وليس فقط تمديدها، وما نشاهده يوميا من انهيارات في البُنى التحتية لبعض العواصم العربية هو نتيجة تراكم الاهمال لعدة عقود، وكأن هذه الاوطان مُستأجَرَة وما يؤكد ذلك تعامل البعض مع الوطن كله خارج عتبة البيت على انه ملكوت آخر . وقد لاحظ سائح اوروبي كتب انطباعاته عن اكثر من عاصمة عربية ان بعض الناس يلقون القمامة على بُعد متر واحد من عتبة البيت ناسين او مُتناسين ان التلوث يعبر القارات ولا يتوقف على بعد متر واحد من بيوتهم . الوطن كمفهوم قابل للتمدد والانحسار الى ما لا نهاية، فهناك بشر يريدون الكوكب كله نظيفا وآمنا كي يعيشوا آمنين في وطنهم مقابل آخرين اختزلوا الوطن الى شقة وهم رعايا الموعظة الخرقاء القائلة مطرح ما ترزق الصق، وكأن الانسان ذبابة او كلب شريد يجره انفه الى حيث يُرزق . عدة شيخوخات تزامنت في عالمنا العربي، منها السياسي والعمراني العشوائي وكذلك الاجتماعي والثقافي، وهناك مَثَل عن الصحة يمكن تأويله ليشمل الحياة كلها هو من جار على شبابه جارت عليه شيخوخته، وتأويل هذا المثل قدر تعلقه بالاوطان هو ان من جار على بلاده وهي صبية جارت عليه وهو عجوز، فهل المطلوب لمعالجة الشيخوخات المتزامنة علاج سحري او نوع من اكسير الحياة ام المواجهة الواقعية واصلاح ما يمكن اصلاحه ؟ فقد ثبت ميدانيا ان فلسفة الترميم التي تُعنى بالسطح والشكل فقط قد فشلت حتى بالمعيار السياحي . وإعادة الشباب والحيوية لأية ظاهرة بلغت ارذل العمر ليست في التستر على ما اصابه التهرؤ او أصبح كالعورات، بحيث تصدق عليه اسطورة سيبيل التي طلبت من السماء ان تعيش الى الأبد، لكنها نسيت ان تطلب البقاء في سن الشباب، فتحولت الى امثولة في الزمن، معلّقة في قفص وتبكي طلبا للموت !





    [28-04-2015 10:21 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع