الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    الرأي : مدراء جاءوا من خلفيات شرطية او استخبارية

    أحداث اليوم -

    كتب - صبري ربيحات

     

    هل ستختفي الرأي مثل الشعب والدفاع؟ او تضمحل وتتهاوى مثل الدستور....؟

    غالبية المدراء الذين جاءوا من خلفيات شرطية وبيروقراطية او استخبارية لا ارتباط لهم بالصحافة الا بصفتهم رصدا لاوضاع امنية.
    قبل ما يزيد على العام انتفضت كوادر الصحيفة التي احبها الناس وبقيت عناوينها لا تخضع لاحكام القراء ولا تؤثر على حجم توزيعها او مواعيد صدورها الذي دام لاكثر من اربعة عقود دون توقف الا عند بعض الاعياد والعواصف وقرار اسرة تحريرها بالخروج من بيت الطاعة.

    لقد بقيت الصحيفة الرزينة مثل شيوخ القبائل تنقل اخبار وتصريحات السلطات التي يتعاون على جمعها اكثر من ستين مندوبا يطوفون على المؤسسات والمناطق ويحرصون مثل المسؤولين على اظهار صورة الحكومة كما يريدونها واكثر.

    لاختيار كوادر الرأي وحراس بواباتها طقوس ومواصفات تختلف قليلا عن مثيلاتها فلا احد يتأهل ليقف على بوابات تحرير صفحاتها ما لم يجر اختباره في عشرات المواقف للتأكد من قدرته على قراءة الخطوط الممحية وفهم دلالاتها اكثر من تدقيق نصوص التحقيقات والقصص الاخبارية .... لذا كان العاملون على تجهيز اعدادها مثل حراس المرمى يهتمون بحماية المرمى اكثر من تسديد الاهداف والذي يترك غالبا لفريق الهجوم الذي جيئ به من خارج ناديها كما يحصل في نوادي الاحتراف.

    الراي كانت مثل الجريدة الرسمية توثق الاحداث وتحمل الاعلانات وتبلغ المطلوبين وتنعى الاثرياء وتهنئ الوزراء والمدراء الجدد والناجحين والعائدين الى ارض الوطن وتحمل بالبنط العريض اعلانات من يودون شكر المسؤولين على تعزيتهم....

    دور الاعلان المجاورة لمباني الرأي ومدراء مكاتبها واداراتها الخلص كانوا اصدقاء واقارب...كما ان المصورون ورؤساء التحرير اكثر من اصدقاء لدرجة ان الزائر لا يعرف المقصود تماما بمعنى تعبير اسرة الراي... أهي الاسرة بمعناها القرابي ام الاسرة بمدلولها المجازي.....

    غالبية المدراء الذين جاءوا من خلفيات شرطية وبيروقراطية او استخبارية لا ارتباط لهم بالصحافة الا بصفتهم رصدا لاوضاع امنية.

    عبر تاريخها كان في الصحيفة منصة للرد على كل من يلمح او يصرح بالمعارضة او التشكيك بالمواقف دون ان تهتم بايضاح هذه المواقف او استقصاء الاراء خارج دوائر الفريق الذي يجري استطلاعه عند كل مفصل او استدارة من الاستدارات التي نتخذها.

    في الراي كانت قصص زيارات الحكام واخبار جولات الرؤساء تتقدم على اخبار الجريمة ومعاناة الفقراء وشكاوى المزارعين....

    كتاب الاعمدة لا يجدون عناء في انتقاء موضوعات اعمدتهم ولا يتذمرون من شح المعلومات المتاحة حول موضوعاتها.

    في عدد الامس كانت الرأي اكثر من خلفية للاخبار التي انتجتها وكالة الانباء او اعاد صياغتها المحررون في ضوء معايير سياسة التحرير الجديدة... اعلانات نعي كبار الموتى واخبار حزن مرؤسيهم في الشركات والبنوك لم تعد تحتل الاولوية التي كانت عليها قبل الامس....

    في اعداد الراي الصادرة بعد منتصف نيسان عتب ولوم وصرخات استغاثة في كل الاتجاهات ....وفي الاعداد الجديدة تحذير وتذكير شبيه بعتب الامهات اللواتي اختبرن نكران وعوق الابناء...في اخبار الراي وعناوينها لوم على تحميل المؤسسة للاعباء التي اثقلت كاهلها.

    العناوين الجديدة لم تعتدها الصحيفة التي كانت تحلق مثل طائرات الملكية على الارتفاعات التي لا تحتاج فيها لمضاعفة الجهد من اجل الوصول الى مسارها.

    الحديث عن تخبط السياسات الاقتصادية ومسؤوليتها عن اغلاق 1600 شركة ، خبر لم تالفه صفحات الرأي التي بقيت مثل الحكومة على مسافة واحدة من كل شيء في البلاد الا من الضرائب وتسعيرة المشتقات النفطية......

    الراي تواجه صعوبات في الابقاء على مجالس اداراتها العتيدة التي تتغير مع كل ربيع وتتساقط عند كل خريف....لا معايير لاختيار المجالس غير حب من يختارهم فقد يأتيك شخص ما ادار منشأة في يوم او محررا ما كتب مقالا او مديرا ما عرف كيف تعد الموازنة وتحسب الارباح....

    من المفروض ان تسد المطابع الجديدة حاجات غرب اسيا من الطباعة لو كانت الماكنات والتكنولوجيا والقرار في شرائها مناسبا..

    الكتاب الذين جرى اختيارهم واغلاق الباب بعد دخولهم يتقاضون مع الادارة ومجلسها ما يقارب المليون سنويا.. والصحيفة تدار مثلما جرت ادارتها قبل ربع قرن متوقعين ان يقبل الناس على محبة الصحيفة بصفتها موضع لرضا صناع القرار ومتخذيه...

    ما كنت اعتقد انني ساشهد على صفحات الراي ما ينتفد سياسات الحكومة ويصفها بالتخبط او يبرز اراء الناقدين ويحجب اخبار الوزراء فالصحيفة ادمنت على طاعة الحكومة وكانت سجلا لشرح نواياها التي تحققت ولم تتحق.

    محاولات الرأي تقديم مذاق جديد لمعنى الانحياز للحقيقة... يغري القراء التواقين للافادة من الحالة الجديدة ليشبعوا تعطشهم للتعرف على واقع الاشياء بعيدا عن شروحات وتاويلات الرئيس ورفاقه من الوزراء والتابعين.. لكن الكل يعلم ان ما يحصل لا يتعدى سحابة صيف لا تلبث ان تنقشع... عندها سنستمع مع كل القراء الى فيروز وهي تشدو "كتبنا وما كتبنا ويا خسارة ما كتبنا"....

    عندما تعود الرأي الى بيت طاعة الحكومة، ستتفتح عيون القراء وتطل من نافذة جديدة على واقعنا المرير لترى ان للواقع وجهين احدهما معاش واخر يصنعه الكتاب والمصورون والمحاورون لصالح فئة استطاعت ان تستميلهم وتبقي عليهم.. ويومها سيدرك معسكر الرأي ان باستطاعتهم ان يذكروا حلفاءهم بان الجميع شريك في الخطيئة والاستغفار والتوبة.... وبحاجة الى عهد جديد يقسم عليه الطرفان أن يخلص كل منهما للاخر حتى وان تلاشى الحب وبعدت المسافات ... فالحكومة بلا رأي عبء.. والرأي بلا حكومة ترف لا يحتاج له القراء.





    [19-04-2015 09:26 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع