الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الملك بوضوح

    بوضوح لا يقبل التأويل، صاغ الملك عبدالله الثاني، في مقابلته مع محطة "فوكس نيوز" الأميركية، مواقف الأردن من مختلف القضايا العربية الراهنة. باختصار، لم يعد هناك مواقف رمادية، يجتهد المحللون في استنباطها حيال موقف الأردن من الحرب على الإرهاب، أو الحرب في اليمن.
    يمكن القول إن موقف الملك من الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي، كان واضحا وجليا من قبل. لكن الجديد هو شعور الملك بأن التحالف العربي ضد الإرهاب آخذ بالتصدع. وهي نتيجة مؤسفة من دون شك؛ فالأردن، على ما قال جلالته، هو الدولة العربية الوحيدة التي تخوض الحرب على الإرهاب اليوم. ورغم تراجع الزخم العربي هذا، ما يزال الملك على قناعته بأولوية مواجهة "داعش" على سواها من العناوين في العراق وسورية.
    الشراكة مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، ومن أبرزها الحرب على الإرهاب، قوية ومستمرة. لكنها لم تعد امتثالية كما كانت في السابق. لقد نضجت على نحو يسمح للأردن بالمبادرة بشكل مستقل، والتعاون بندية، في إطار من الشفافية والوضوح لم يكن متوفرا من قبل.
    ويسجل المتابعون هنا اختلافا جوهريا في لهجة الحوار والتواصل بين الطرفين الأردني والأميركي، ناجما في الأساس عن إدراك الأردن لمكانته وأهميته في المنطقة، بعد سلسلة التغيرات الهائلة التي عصفت بدول وأنظمة.
    شعر الأردن في الآونة الأخيرة أن التطورات في اليمن سرقت الأضواء، وبدّلت الأولويات لدى أطراف أساسية في التحالف ضد الإرهاب. فبعض الدول الخليجية التي أرسلت طائراتها إلى الأردن للمساندة في الجهد العسكري، عادت وسحبتها بعد شن "عاصفة الحزم" في اليمن. وقد أشار الملك إلى ذلك صراحة في المقابلة.
    لكن الجملة المفتاحية في مقابلة الملك بخصوص اليمن، قوله إن الحل للأزمة في اليمن سياسي. لقد بدد هذا التصريح الغموض الذي اكتنف موقف الأردن طوال الأسابيع الماضية.
    كان هناك شعور بأن الأردن لا يميل إلى التصعيد العسكري في اليمن، ويفضل استمرار الجهد الدبلوماسي. إلا أنه، ولاعتبارات معروفة، لم يجاهر أي من المسؤولين الأردنيين بذلك. لكن في الأردن إذا أردت أن تعرف الموقف الحقيقي من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية، فعليك أن تنتظر حديث الملك. وفي أحيان كثيرة، يكون عدم الإدلاء بتصريح علني حول قضية معينة، موقفا بحد ذاته، يستطيع المتابع أن يفهم منه الرسالة.
    هذا ما حدث بخصوص اليمن، إلى أن جاءت مقابلة الملك الأخيرة مع المحطة التلفزيونية، لتبعث برسالة شديدة الوضوح هذه المرة؛ الحل في اليمن سياسي.
    اليوم، وبعد ثلاثة أسابيع على بدء العمليات العسكرية في اليمن، تظهر الحاجة إلى تبني مقاربة سياسية تعتمد مبدأ الحوار لتجنب الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية، ناهيك عن الوضع المتوتر طائفيا في المنطقة، والذي لا يحتاج إلى المزيد من الحرائق الطائفية.
    السؤال اليوم: هل يستطيع الأردن أن يدير خلافاته مع حلفائه العرب من دون أن يفقد دعمهم؟





    [15-04-2015 09:00 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع