الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حين يجد الطالب من يرافقه في التعلم… «سراج» والوجه الجديد للتعلّم في الأردن

    كتب - هبة داود حماد

    لم يعد الطالب اليوم يتعلّم بالطريقة التي اعتادها لسنوات طويلة، فأسلوب التلقين تراجع، وتغيّرت سرعة الحياة، واحتياجات الطلبة اختلفت، وأصبح الطالب يبحث عمّن يفهم طريقته في التفكير، يسانده عند التعثّر، ويشجّعه على الاستمرار، ومن هنا برز مفهوم الرفيق الذكي للتعلّم، بوصفه تجربة تعليمية أقرب إلى الطالب وأكثر وعيًا باحتياجاته اليومية.

    فكرة الرفيق الذكي تقوم على مرافقة الطالب أثناء التعلّم نفسه، يلاحظ تقدّمه خطوة بخطوة، ويلتقط لحظات التردد، ويتفاعل مع الأخطاء فور حدوثها، ولا ينتظر نهاية الحصة ولا نتيجة الامتحان، حيث يقدّم الدعم في اللحظة التي يحتاجها الطالب فعلًا، وهذا النوع من المرافقة يحوّل التعلّم من عملية فردية صامتة إلى تجربة تفاعلية حيّة.

    الرفيق الذكي يتعامل مع كل طالب بوصفه حالة خاصة، ويفهم أن سرعة التعلّم تختلف من شخص إلى آخر، ويغيّر أسلوب الشرح عند الحاجة، ويعيد الفكرة بطريقة أبسط عندما يلاحظ صعوبة، ويطرح أسئلة أعمق عندما يرى تقدّمًا، هذا التكيّف المستمر يساعد الطالب على الفهم دون ضغط، ويمنحه شعورًا بالثقة بدل الخوف من الخطأ.

    بالتالي فإن الدعم اللحظي هو جوهر هذه التجربة، حيث أن الكثير من المشكلات التعليمية تبدأ بخطأ صغير لم يُعالج في وقته، او فكرة غير واضحة تتحوّل إلى عائق مستمر، وهنا يظهر دور الرفيق الذكي، حيت يتدخل مبكرًا، ويُصحّح المسار قبل أن تتراكم الصعوبات، ويجعل الخطأ جزءًا طبيعيًا من التعلّم، ويحوّله إلى فرصة للفهم لا سببًا للإحباط.

    التعلّم في هذا السياق يصبح أكثر إنسانية، فالطالب يشعر بأن هناك من يرافقه ويفهمه، وعندما يواجه صعوبة، يجد توجيهًا هادئًا، وعندما يتقدّم، يحصل على تشجيع مناسب، هذا التوازن يعزّز الدافعية، ويجعل التعلّم تجربة أقرب إلى الحوار منها إلى التلقّي.

    داخل الصفوف، يبذل المعلم جهدًا كبيرًا لدعم جميع الطلبة، لكن الوقت والعدد يفرضان تحديات حقيقية، هنا يظهر دور الرفيق الذكي كأداةٍ مسانِدة، يُقدِّم الدعم الفردي والمتابعة المستمرة، ويمنح المعلم مساحة أكبر للتركيز على التوجيه وبناء العلاقة التعليمية وتنمية التفكير.

    في الأردن، بدأت هذه الفكرة تأخذ شكلًا عمليًا من خلال «سراج»، وهو مساعد تعليمي صُمّم خصيصًا لخدمة طلاب المدارس وفق المناهج الرسمية المعتمدة، «سراج» ينطلق من الكتاب المدرسي نفسه، ويتعامل مع محتواه بعمق، ليكون قريبًا من واقع الطالب اليومي داخل الصف وخارجه.

    يتعامل «سراج» مع المنهاج بصورة شمولية، ويربط المفاهيم بين المواد عندما يكون ذلك ممكنًا، فيساعد الطالب على بناء فهم متكامل بدل الحفظ المجزَّأ، وعندما يطرح الطالب سؤالًا، يحصل على إجابة دقيقة مأخوذة من الكتب الرسمية وأدلة المعلمين، مرفقةً برقم الصفحة والمصدر، ما يعزِّز الثقة بالمعلومة، ويشجّع الطالب على الرجوع إلى الأصل.

    كثير من الطلبة يواجهون صعوبة في فهم الصور والمخططات في الكتب الدراسية، «سراج» يشرح هذه العناصر بطريقة واضحة ومبسطة، ويحوّل المحتوى البصري إلى أداة للفهم بدل أن يكون مصدر ارتباك، كما يتيح التفاعل الصوتي باللغة العربية، فيطرح الطالب سؤاله بصوته ويتلقى الإجابة بأسلوب سلس وقريب.

    التجربة مع «سراج» تتكيّف مع مستوى الطالب حيث يُبسِّط الشرح عند الحاجة، ويقدّم تحديات إضافية عند التقدّم، ويستخدم أنشطة تفاعلية وأساليب تعليمية مشوّقة تحفّز الفضول، ويحوّل الدراسة إلى تجربة ممتعة عبر التحديات والمسابقات، فيزداد تفاعل الطالب وتعلّقه بالتعلّم.

    في الاستخدام اليومي، يساعد «سراج» الطلبة على المراجعة قبل الامتحانات من خلال ملخصات ذكية وتمارين تفاعلية، ويسهّل إنجاز الواجبات والمشاريع عبر شروحات مبسطة وتحليل واضح للبيانات والمخططات، في الوقت نفسه، يعزّز مهارات التعلّم الذاتي، ويقوّي قدرة الطالب على الفهم المستقل.

    تجربة «سراج» تعبّر عن توجّه أردني واعٍ نحو تعليم أكثر قربًا من الطالب وأكثر انسجامًا مع واقعه، وهي تجربة تنطلق من المناهج الوطنية، وتستثمر التكنولوجيا لخدمة التعلّم لا لإرباكه، خطوة تشير إلى إمكانية بناء حلول تعليمية محلية تجمع بين الدقة والمرونة، وبين الدعم التقني والبُعد الإنساني.

    في المستقبل القريب، قد يصبح وجود رفيق تعلّم شخصي أمرًا طبيعيًا في حياة الطالب، رفيق يساعده على الفهم، يسانده عند التعثّر، ويشجّعه على التقدّم بثقة، «سراج» يفتح هذا الباب، ويقدّم نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه التعليم عندما يصبح أقرب إلى الطالب، وأكثر احترامًا لرحلته الفردية في التعلّم.

    وهذا يُطرح سؤال مهم وحقيقي، ولا يتعلق بكيف نُدخل التكنولوجيا إلى التعليم؟ بل كيف نجعلها رفيقًا حقيقيًا للطالب؟





    [14-12-2025 06:42 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع