الرئيسية
أحداث دولية
أحداث اليوم - أحداث اليوم - خاص
باعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن ما جرى يوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر كان عبارة عن "إخفاق تام"، وأن "الجيش" أخفق في حماية المدنيين، تأكيد صريح من هذا "العدو" بأن المقاومة الفلسطينية، بعد سنوات من الصراع غير المتكافىء والتعثر في إيلام إسرائيل، تمكنت من إحداث اختراق تاريخي، سيكون له مفاعيله في المقبل من سنوات، ليس فقط على مستقبل الصراع، ومستقبل إسرائيل نفسها، بل على مستقبل المنطقة برمتها.
نشر جيش الاحتلال ملخص لتحقيق داخلي، وجاء في هذا الملخص، أن الجيش أجرى هذا التحقيق في الأحداث غير المسبوقة في تاريخ إسرائيل، وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه في الاستهلال من أن ما جرى "حدث غير مسبوق"، وسيكون له آثار كبيرة على إسرائيل.
لعل ما أقر به مسؤول عسكري إسرائيلي، كما جاء في وكالة الـ BBC، بأن "الجيش كان يتمتع بـ "ثقة مفرطة"، وأساء تقدير قدرات حماس قبل أن تشن هجومها غير المسبوق، يزيد من حالة الضبابية التي تسود في الأوساط العسكرية الإسرائيلية، وفي المستوى السياسي أيضًا. فالمسؤول نفسه يسأل: أين كان الجيش الإسرائيلي؟ وبالتالي: أين كان المستوىان السياسي والأمني؟
لكن؛ اعتراف رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي "هيرتسي هاليفي"، تعقيبًا على التحقيق: بأن المسؤولية تقع على عاتقه، لأنه كان قائدًا للجيش يوم 7 تشرين الأول / أكتوبر. وإقراره بأنه يتحمل المسؤولية الكاملة "عنكم جميعًا"، لا يعني ببساطة أنه يعفي المستويين السياسي والأمني من المسؤولية، لأن اعترافه وتحمله المسؤولية لوحدة من دون غيره جزء من الصراع داخل السلطة في إسرائيل، ومحاولة لتصفية حسابات أطراف على حساب آخرى.
وما يؤكد ذلك أن التحقيق لم يحدد بشكل مباشر مسؤولية الأفراد أو القيادات عن هذه الإخفاقات، لكنه أشار أن عملية المراجعة والتقييم ستستمر، وأنه قد يتم الكشف عن معلومات إضافية في المستقبل.
التحقيق كشف "إخفاقات استخباراتية وعسكرية واسعة" خلال هجوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر2023، والجيش الإسرائيلي لم يكن مستعدا لمواجهة هجوم واسع ومباغت بهذا الحجم، ما أدى إلى انهيار سريع للدفاعات في الساعات الأولى من الهجوم، ووقوع عدد كبير من القتلى والأسرى.
كما أظهر التحقيق انهيار التصورات الأمنية التي اعتمدتها إسرائيل على مدار سنوات، حينما اعتبرت حركة حماس كـ"عدو ثانوي"، وراهنت على إمكانية ردعها وإدارتها من خلال تحسين الظروف الاقتصادية للقطاع.
التحقيق أوضح أيضًا أن الجيش الإسرائيلي كان يعاني من نقص في القوات على طول الحدود مع غزة، بالإضافة إلى خلل في آلية الاستجابة العسكرية، موضحا أن ألوية الجيش انهارت سريعًا في مواجهة الهجوم.
ولفت التحقيق إلى أن قوات الاحتياط والوحدات العسكرية لم تُنقل بسرعة كافية إلى مناطق الاشتباك، وأن الطيران الإسرائيلي واجه صعوبات في تنفيذ هجمات دقيقة بسبب اختلاط المسلحين مع المدنيين الإسرائيليين.
وشدد التقرير على ضرورة إحداث تغيير جذري في النهج الأمني والعسكري، وأوصى بضرورة إعادة النظر في السياسة الأمنية تجاه غزة، مع التأكيد على أن "إدارة الصراع" لم تعد استراتيجية فعالة.
وفي التوصيات، طالب التحقيق بزيادة القوات المنتشرة على الحدود لمنع أي هجوم مماثل في المستقبل، وتحسين جمع المعلومات الاستخباراتية، وضمان وجود آليات تحليل أكثر دقة لمنع تكرار الفشل في تقدير نوايا حماس.
غير أن هذا التحقيق، أو ما خلصت إليه اللجنة التي أجرت التحقيق، لم يحظَ بتأييد بعض المستويات السياسية والعسكرية، فحتى وزير الدفاع "يسرائيل كاتس" تعامل مع التحقيق كتحصيل حاصل، فهو كان بعيدًا عن "صنع القرار" عند وقوع السابع من تشرين الأول، لذا أوعز بنقل جميع التحقيقات إلى مكتب رئيس الوزراء، وطالب بالاستعداد لعرض أي تحقيق يراه ضروريًا أمامه بالتفصيل.
رئيس حزب "المعسكر الرسمي"، "بيني غانتس"، الذي كان جزءًا من السلطة يوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر، دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أعقاب نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي، معتبرًا أن ما نُشر "يكشف فقط قمة جبل الجليد للمأساة الكبرى في تاريخ الدولة".
وأكد غانتس التزامه بالسعي لإنشاء اللجنة، قائلاً: "أعد جميع المواطنين الإسرائيليين بأن لجنة التحقيق الرسمية ستُقام".



