الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    الاستاذ نعيم



    هكذا يسميه طلابه القدماء ، كلما التقيت بطالب من جيلي أو الجيل السابق يبادرني على الفور بالسؤال التالي ، كيف الاستاذ نعيم، أبي كان أستاذا فوق العادة للطلاب الكادحين و المتفوقين و حتى الفاشلين، كلهم يحترمونه و يقدرونه و يتذكرون أيامهم في مدرسة الإمام البخاري في جيل النصر ، كان يجمع بين الشخصية الحازمة و المتسامحة على حد سواء .
    أذكر ذات مرة ضربني حين كنت أقول لأحد الطلاب انا بعمل ايش ما بدي و اذا بكف الاستاذ نعيم على وجهي غير متردد او آسف او نادم ، لقد كانت هذه الصفعة بمثابة إنذار ابدي بأن لا انغر و لا اتبدل و لا استقوى مهما وصلت.

    للأستاذ نعيم ذكريات ابتداءا من مدرسة السموع الخليل حيث أسس الرياضة وخصوصا كرة القدم و اليد و الطائرة إلى راكين الكرك ثم مدارس عبد الملك بن مروان في الهاشمي الجنوبي حيث ولدت أنا و بعدها للإمارات و ختاما بالإمام البخاري في جبل النصر ، درس الرياضة و الدين و العربي وكان ميزان العلاقات الطيبة بين المعلمين و الاهالي ، كان محبوبا من الجميع، رجل مسالم لم يمسك بيده سيجاره و لم يشرب و ليس له إلا على أمي ! و حتى أنه أمضى عمره دون أن يحصل على رخصة سواقة و لن تجدوا له ملفا كمالك لسياؤه أو عماره ، هو بيت وحيد بسيط نتيجة غربته في الإمارات، كان يمشي على قدميه من البيت للمدرسة و أذكر أننا سكنا في منطقة القويسمة و كنا نقطع مسافة ٦ كيلو حتى نجد سرفيس او تكسي او معلم لـــيصطحبنا معه ، منا نلبس أكياس نايلون حتى لا "نطيّن" أحذيتنا!!


    الاستاذ نعيم كان فخورا بابنائه و تعليمهم ، كان هذا هاجسه ، لا يعرف البزنس و إنما امتهن التربية قبل التعليم،
    رجل بسيط حتى يمكن أن تصفه بأنه غير طموح و لا لحوح ! أكثر امنياته حج أو عمرة و مشاهدة أحفاده ومباريات الوحدات!


    الاستاذ نعيم لم تغلبه جموع المعلمين أو صعوبة التدريس والتنقل و لم يشتكي يوما من أحد أو على أحد، لم يؤثر فيه حاقد او حاسد ، الاستاذ نعيم غلبه فقط شرايين القلب والدماغ، فوجع القلب يأتي دوما من الداخل ، لم يقدر شريان الحنية الذي يملكه على الشريان التاجي ، سبحان الله فمن كان يكره أي "مايع" أصبح يعيش على المميعات!.

    ودعته هذا الصباح و هو في المستشفى يقاوم الابر و الجلوكوز و الأسلاك و البرابيش البلاستيكية التي هيهات تقدر على يديه ، قلل لي من باب المداعبه خذني معك للقاهرة ، قلت له بإذن سنذهب معا حين تجتاز هذه الظروف القاهرة و سامحني أنني سأتركك يومين، ضحك و قال روح الله يوفقك !





    [28-04-2024 03:09 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع