الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ما هو تأثير انتخاب الرئيس الصيني لولاية ثالثة على السياسة الخارجية للصين؟


    اتجهت الأنظار نحو الصين خلال الفترة الماضية، وتابع الإعلام عن كثب نتائج انتخابات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، التى أعادت انتخب الرئيس شي جين- بينغ اميناً عاماً للحزب لولاية ثالثة، وهذا يعد خروجاً عما عهدته الصين منذ حدد رئيسها السابق دينغ شياو بينغ مدة تولي الرئاسة بفترتين رئاسيتين فقط في دستور عام 1982 في حين حُذفت المادة من الدستور عام 2018. فتولى الرئيس شي جين بينغ الرئاسة عام 2013 وهو معارض للولايات المتحدة الامريكية وسياستها وحليف قوي لبوتين.

    إن تولي شي جين بينغ لفترة رئاسية جديدة كانت بمثابة صدمة لواشنطنن، لإن أنتصار تيار بينغ عزز قبضتة على مفاصل الدولة، حيث استبعد المؤتمر جميع الشخصيات المهادنة للغرب وعلى رأسهم الرئيس السابق هوا جينتاو، الحليف الوثيق لواشنطن والغرب. فجاء هذا الفوز ليؤكد ان الصين بقيادتها الجديدة عاقدة العزم على المضي قدماً في التعامل مع التوترات السياسية والاقتصادية مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة مع استمرار بينج على رأس الهرم مما سيعزز من مكانة التحالف الروسي-الصيني بلوقوف في وجه الولايات المتحدة والغرب، كند قوي وعنيد وليس تابعاً.
    على الرغم من أن سياسات بينغ تواجه معارضة في الداخل والخارج نتيجة لسياسته "صفر كوفيد" التي أبطأت من نمو الاقتصاد الصيني قليلاً، وأثارت غضباً شعبياً وخاصة في شنغهاي التي تباطأ معدل نموها بنسبة 5.7%، مقارنة مع السنوات السابقة. إلا أنها بالنتيجة تعتبر قضية جانبية ذات تأثير محدود على الاقتصاد الصيني ككل.
    أما على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة على المستوى السياسي، فقد اشتدت في الأونة الأخيرة الخصومة بينهما في عهد الرئيس بايدن، التي كان من المتوقع أن تخبوا قليلاً بعد الموجة العاصفة التي أثارها ترامب في أزمة الكورنا، واتهامه الصين بأنها وراء هذا الوباء وتصدره للعالم، بل إنه أطلق عليه اسم الفيروس الصيني.
    أما على صعيد الاقتصاد فلا زالت الصين متفوقة بمراحل على الولايات المتحدة في المجالات كثيرة، ولا سيما في التقنيات المتعلقة بالذكاء الصناعي، وتقنيات ال5G وغيرها، ناهيك عن اصطفاف الصين إلى جانب روسيا حالياً ودعمها للموقف الروسي، رغم تشديد العقوبات عليها من قبل الغرب والولايات المتحدة. فالصين هي طرف في هذا الصراع وتعدها الولايات المتحدة عدواً لها طالما أنها لا تنصاع لقرارات واشنطن، ولا تتبعها في دعم وتطبيق السياسات العدوانية للولايات المتحدة بل معادية لها. ولهذا فلا ترى واشنطن أي سبب يردعها من جر الصين واستفزازها لتكون طرفاً في النزاع، إذ إنها تشكل خطراً على مراكز النفوذ المتنازع عليها في العالم، في حين تتفنن الصين في ممارسة سياسة ضبط النفس بعدم الرد على الاستفزازات الامريكية في الصراع على مناطق النفوذ، ولا سيما في بحر الصين الجنوبي، أو فيما يتعلق بتايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من الأراضي الصينية. وكلنا نتذكر زيارة "بيلوسي" الاستفزازية وما أثارتاه من زوابع، واعتبارها مقامرة غير محسوبة وفاشلة من قِبل الولايات المتحدة.
    لكن القيادة الصينية فوتت الفرصة في عدم الرد والتحلي بضبط النفس ولم تنجر وراء التصعيد في الرد على هذا الاستفزاز. بالأضافة إلى ذلك فقد سارعت الصين بالاتفاق مع روسيا في وضع الخطط لتوسيع حلف دول البريكس ليصبح بريكس+، بإضافة بعض الدول المهمة إلى هذا التحالف، ما سيشكل تحدياً سافراً لواشنطن. الأمر الذي تنظر إليه بمشاعر العداء وعدم الرضى.

    أما الآن ومع انتصار تيار الرئيس شي جين بينغ فسيشهد العالم فصلاً جديداً من الصراع، عبر اصطفافات جديدة، من شأنها أن تدعم الحلف الروسي – الصيني مقابل الغرب والولايات المتحدة خاصة في ظل أزمة الطاقة العالمية، التي نشأت على خلفية الصراع الأمريكي- الروسي على الأراضي الاوكرانية، ضمن سلسلة حروب الوكالة بين الدول الكبيرة، التي يكون المتضرر الرئيسي فيها غالباً هي الدول الفقيرة والصغيرة. وعليه فإن الصين مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضي أن تمضي قدماً في خططها الرامية إلى دعم التيار المعادي للولايات المتحدة والغرب من أجل إيجاد مجتمع أفضل أو على الأقل أقل عدوانية من الغرب، الذي اعتاد على سرقة كافة دول العالم من أجل رفاهه فقط. فنحن اليوم أمام معطيات جديدة على أمل أن تفرض واقعاً وأملاً في مستقبل واعداً للشعوب في حقها في تقرير مصيرها وفي رفاهها بعيداً عن الاستغلال الرأسمالي المتوحش.





    [01-11-2022 01:10 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع