الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أدوم تحت المجهر

    كان الأردن (بحدوده الجغرافية الحالية) وخلال الألف الأول قبل الميلاد تحت حكم أربع وحدات سياسية، هي من الشمال للجنوب، علماً أن الحدود بينها لم تكن ثابتة:
    1: آراميون يتبع بعضهم لمملكة دمشق الآرامية في المنطقة بين نهري اليرموك في الشمال والزرقاء في الجنوب.
    2: عمونيون : بين نهر الزرقاء في الشمال ووادي الموجب في الجنوب.
    3: مؤآبيون: بين واديي الموجب والحسا.
    4: أدوميون: إلى الجنوب من وادي الحسا.
    وهذا التوزيع لا يتفق بطبيعة الحال ورأي دارسي اللاهوت، إذ يتحدثون عن جلعاد، وسكنى قبائل روبين وجاد ونصف منسي في المنطقة الممتدة من نهر اليرموك إلى ووادي الموجب، أما أدوم فهي بطبيعة الحال عندهم ملكٌ للشخص "سعير" وهو أخ يعقوب، وسميت بهذا الاسم لأن لون بشرته حسب النص التوراتي مشابه للون الصخر الرملي في هذه المنطقة (أحمر). وحيث أن منطقة أدوم تحظى هذه الأيام، وقبلها، باهتمام بحثي مكثف، وددنا أن نسلط الضوء على الأبحاث والدراسات التي جرت وتجري حولها، لكن بإيجاز.
    تردد ذكر الاسم "أدوم" في المصادر المصرية الفرعونية، والآشورية والبابلية وفي النصوص التوراتية، لكن النصوص التوراتية تطلق أيضاً اسم "سعير" على المنطقة الواقعة للجنوب من وادي الحسا، بل إن بعضهم يعدُّ الاسمين مترادفين للمنطقة نفسها. لم تلق أدوم خلال القرون السابقة للآن الاهتمام الكافي من الباحثين، كذلك الذي حظيت به مؤآب وعمون، لكن الأمر اختلف كلياً خلال العقدين الماضيين. ونبين أدناه الدراسات الميدانية التي تمت في أدوم ابتداء من القرن التاسع عشر.
    1: قام عدد من الرحالة بزيارة المنطقة ابتداء من بداية القرن التاسع عشر وسجلوا لنا ملاحظاتهم حول طبيعة المنطقة والآثار الظاهرة فيها.
    2: خلال ثلاثينيات القرن الفائت قام اليهودي الأمريكي نلسون غلوك (Nelson Glueck) بإجراء ثلاثة مواسم حفريات في موقع "تل الخليفة " وأسماه "عصيون جابر" ، الواقع على رأس خليج العقبة. نُشِرت نتائج حفرياته، التي تحدثت عن الموقع في العصر الحديدي في عدد من الكتب والأبحاث، وكانت هي الأولى التي قدمت معلومات حول موقع أدومي. ولا زالت دراساته عند كثير من الباحثين تعدُّ الأساس في تفسير الآثار المكتشفة في منطقة أدوم.
    3: قامت الباحثة البريطانية كريستال بنيت Christal Bennett في الفترة الواقعة بين 1960 -1980 بإجراء مجموعة من الدراسات الميدانية في ثلاثة مواقع أدومية هي : بصيرة، وطويلان، وأم البيارة. وقامت حفرياتها على أسس علمية، بعيدة عن تأثير التوراة، ومن خلال دراسة المكتشفات الأثرية فيها، التي قام عليها باحثون من بعد وفاتها، مثل بيوتر بينكوفسكي Piotr Bienkowski استطاعوا وضع الأسس العلمية التاريخية لمملكة أدوم.
    4: على الرغم من هذه الدراسات العلمية لنتائج حفريات "كريستال بينيت" إلاّ أنه وحتى تسعينيات القرن الماضي بقيت الدراسات حول أدوم تعتمد بشكل كبير على الدراسات التوراتية، وإن كنا نعدّ أن بعض الباحثين الألمان، مثل مانفريد فايبرت Manfred Weippert، نهجوا منهجاً غير توراتي، وإن لم يبتعدوا عنه، في دراستهم لأدوم.
    5: اتبع الباحثون الآثاريون خلال العشرين سنة الماضية مناهج جديدة تعتمد على التقنيات العلمية الحديثة المتقدمة في تفسيرهم للآثار المكتشفة، وخير مثال على هذا المشروع الذي تقوم به جامعة سان دييغو الأمريكية بإشراف توماس ليفي (Thomas Levy)في وادي فينان. كما رافق هذا المنهج دراسات أنثروبولجية وإثنولوجية للمنطقة، وهذه كلها أضافت معلومات جديدة لمعرفتنا حول تاريخ أدوم.
    6: إضافة لمشروع وادي فينان، كانت هناك مسوحات أثرية قام بها الكندي "بيرتون ماكدونالد Burton MacDonald غطت معظم مناطق أدوم ، خاصة وادي الحسا. ورأى ماكدونالد أن طبيعة منطقة أدوم الجغرافية متعددة البيئات، وهذه بطبيعة الحال أثرت على طبيعة حياة سكانها عبر العصور.
    وبناء على ما ورد أعلاه، وعلى الرغم من أن الهدف من جميع هذه الدراسات التي قام بها الدارسون الغربيون على اختلاف مدارسهم ومناهجهم ، وهو البحث عن أصل الأدوميين، إلاّ أنهم لم يلتقوا على رأي واحد. لذا تشكلت خلال العقدين الأخيرين مدرستان برأيين حول أدوم، وعلى النحو أدناه.
    1: المدرسة الأولى : تتماشى أهوائها مع ما ورد في التوراة وتقول بأن أدوم والأدوميين كانوا موجودون في المنطقة من أيام خروج العبرانيين من مصر، أو حتى قبله (أي في حوالي 1200 قبل الميلاد)، ويتزعم هذه المدرسة اللاهوتيون وعلى رأسهم توماس ليفي (جامعة سان دييغو).
    2: المدرسة الثانية: تخرج عن النص التوراتي وتقول أن مملكة أدوم ازدهرت في القرن السابع قبل الميلاد، وما قبله لم تكن ذات أهمية، ويتزعمها بيوتر بيونكوفسكي التابع لمدرسة كريستال بينيت (المدرسة البريطانية).
    وعلى الرغم من هذا الاختلاف في الرأي، إلا أن هناك توافق على الهدف وهو البحث في أصل الأدوميين وحضارتهم ونسبهم، ومحاولة ربط تاريخهم بالقصص التوراتية. على أي حال ، أصبحت "أدوم" هدفاً بحثياً للباحثين خلال السنوات الأخيرة، ولمن يرغب في الحصول على المزيد من المعلومات ندرج أدناه قائمة ببعض آخر الاصدارات العلمية:
    Recent publications studying Edom:
    Juan M. Tebes 2022, “A Reassessment of the Chronology of the Iron Age site of Khirbet en-Nahas, Southern Jordan,” PEQ 154 (2022): 113–40.
    Juan M. Tebes 2021, “Les deux Édoms de l’âge du bronze recent,” NABU 2021/3 (2021): 188–91.
    Benedikt Hensel, Ehud Ben Zvi, and Diana V. Edelman (eds.)2022; About Edom and Idumea in the Persian Period: Recent Research and Approaches from Archaeology, Hebrew Bible Studies and Ancient Near Eastern Studies, Worlds of the Ancient Near East and Mediterranean (Sheffield: Equinox, 2022).
    Piotr Bienkowski 2022, “The Formation of Edom: An Archaeological Critique of the ‘Early Edom’ Hypothesis,” BASOR, ahead of print (2022), https://doi.org/10.1086/ 720775. 2.
    Bienkowski, P. (ed.) 1992; Early Edom and Moab. The Beginning of the Iron Age in Southern Jordan. Sheffield Archaeological Monographs 7. Sheffield: J.R. Collins.

    Bradley L. Crowell 2021; Edom at the Edge of Empire: A Social and Political History Archaeology and Biblical Studies 29 Atlanta: SBL Press, 2021.
    Nadav Na’aman 2021, “Biblical Archaeology and the Emergence of the Kingdom of Edom,” AO 19 (2021): 11–40.
    Peter van der Veen 2020, Dating the Iron Age IIB Archaeological Horizon in Israel and Judah: A Reinvestigation of “Neo-Assyrian (Period)” Sigillographic and Ceramic Chronological Markers from the 8th and 7th Centuries B.C., ÄAT 98 (Münster: Zaphon, 2020);
    حمى الله إرث الملك الأدومي "قوس -جبّار" من كل سوء، وحفظ الله الأردن من كل شر.
    عمّان في 20/ 10/ 2022م





    [23-10-2022 02:12 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع