الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الحجاب: تفسيرات غير دينية


    لن أتحدث عن الحجاب والتدين لأسباب عديدة لعل منها أنه موضوع حساس دينيًا على الرغم من تعدد التفسيرات وتباينها، وثانيًا لأن القناصين جاهزون سواء كنت ظالمًا أم مظلومًا، وثالثًا لأن الموقف ورد الفعل على من له رأي متهم بالبعد عن التدين على أبسط تقدير!
    لذلك سأتناول موضوع الحجاب من زاوية تاريخية واجتماعية، وفي ما يتعلق بارتباطه بالاحتجاجات النسائية الإيرانية الحالية والدائمة والممتدة إيرانيًا وغير إيراني.
    عرفت المرأة الحجاب في وقت مبكر من الحياة الإنسانية، وارتبط ذلك تاريخيًا بدور المرأة في مجتمعاتها، وكان الحجاب يفرض حين تتراجع مكانة المرأة، وكانت المرأة ترفضه حين كانت سيدة الإنتاج الاقتصادي ما قبل الزراعي. وفي الجذور التاريخية لم يكن هناك تمييز بين الذكر والأنثى حيث تستخدم نفس الكلمات في كثير من اللغات في الإشارة إلى الذكور والنساء، ويتم التمييز في سياق الجملة لا في مفرداتها، وفي النظام الأبوي اعتبرت المرأة من الممتلكات الخاصة للرجال. وبقيت النظرة الدونية للمرأة سائدة عند أعظم مفكري العالم: سقراط وإفلاطون وأرسطو. وفي حضارة مصر القديمة كانت النساء سافرات، حيث اندهش هيرودوت من تحرر نساء مصر، هذا ليس رأيًا بل ورد في الكتابات الفرعونية ٢٨٠٠ قبل الميلاد، وانحط دور المرأة المصرية بعد غزو الهكسوس لمصر، فاستعمل الحجاب لحمايتها من الغزاة.
    أما موقف الأديان: أرضية وسماوية فكان لصالح الحجاب مع مرونة بسيطة في الدين المسيحي. والعرب قبل الإسلام ميزوا العربيات عن سواهن بالحجاب.
    وفي العصر الحديث قال علماء النفس الاجتماعي إن وظائف اللباس: حماية وستر وتجميل وإبراز الشخصية. والمرأة بطبيعتها تعرف ما معنى الجمال وحجب الجمال بذرائع أخلاقية،أو اجتماعية أو غيرها.
    وفي سنة ١٩٦١ أحرقت النساء الكويتيات في الميدان العام ما فرض عليهن من عباءات وحجب، وكانت المرأة العربية في سوريا ولبنان والأردن ومصر وغيرها حرة اللباس، دون أي قيود.
    والآن ونحن نعيش عصر الصحوة الإسلامية بتأثير من الوهابية والمد الخميني انعكست الأمور وتمت السيطرة على المرأة وألبسوها الشادور وكل ما يخفي أي شكل لجسم إنساني، فاتسعت بالسواد، وامتد ذلك عند جميع النساء العربيات، وصارت من تخالف ذلك متهمة، بل وصار اللباس الخميني والوهابي طريقًا للزواج، والسيفور طريقًا للتمرد والحرية وربما لقلة فرص الزواج!
    واللباس اجتماعي، كان خلع غطاء الرأس للرجل الأردني عارًا دينيًا واجتماعيًا حتى خمسينيات القرن الماضي، وتنعم الرجل دون"حجاب" منذ ذلك الحين، فلا يغطي الرأس الآن سوى عدد قليل ونادر من الشيوخ.
    سيطرت الخمينية في إيران وامتد تأثيرها علينا، وسيطرت الداعشية وامتد تأثيرها وانحسرت الوهابية بفعل فاعل، وتسيد فكر الصحوة والتزمُّت! وعلى الرغم مما نسمع من حرية الاختيار فلا زالت المرأة تخضع كلية للخمينية بلباس موحد أسود لا يمكن قبوله لكثيرين، وإذا كانت الاحتجاجات في إيران غير مسيّسة - وهي ليست كذلك - ، وإذا كانت احتجاجات المرأة الايرانية من أجل التحرر من فرض الغطاء واللباس فأنا بالتأكيد مع حرية اللباس والاختيار مهما كانت المبررات.
    اللباس الموحد بكل أشكاله هو رفض للتنوع والتعدد، ومن حق كل أحدٍ في إيران وغيرها أن يختار لباسه، ولا يحق لسلطة مهما كان دوافعها التدخل في حرية الاختيار!





    [27-09-2022 01:39 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع