الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل ستحل الطاقة الخضراء مشاكل أوروبا؟


    قبل أن نناقش التوجه نحو الانتقال إلى الطاقة الخضراء التي أعلن عنها الغرب، دعونا ننظر إلى الأسباب التي دفعت الغرب إلى ذلك. لقد صمم الغرب أجندة المناخ لحشد الدول الغربية للانتفاض في حرب ضد ملوثي البيئة، فجاءت هذه الأجندة لتُظهر النموذج الغربي في العالم على أنه نموذج أخلاقي، وبالتالي ينضوي تحت الأيديولوجية التي يسيطر فيها الغرب على العالم من خلال ايهام السذج بأنه منارة للحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان.
    عن طريق تطبيق المبادئ الخضراء يبدأ الغرب بفرض العقوبات على الدول الملوثة للبيئة والغنية بالطاقة الأحفورية من البترول والغاز والفحم ليعيق من نموها الاقتصادي بدافع الحفاظ على البيئة. وبهذا يخفي الغرب انهيار نموذجه الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على قيادته الأقتصادية أمام تخلف العالم. لقد أحدث الغرب اختراقاً هائلاً في نهب المستعمرات وبناء نفسه وقدراته الصناعية، بحيث أصبح بقاؤه في القمة يستوجب استثمارات ورؤؤس أموال أقل بكثير مما قد تحتاجه دول العالم الثالث أو بمعنى أدق الدول النامية.

    أما الطاقة الخضراء فتحتاج إلى استثمارات مهولة وطاقات هائلة؛ وهي في متناول الدول الغنية فقط على حساب الدول الفقيرة التي ستحرم من تحقيق أي فرصة في تنميتها. فعلى سبيل المثال تستطيع الدول الغنية توليد كم هائل من الكهرباء بالاعتماد على المحطات النووية والقدرة الهائلة لديها بينما لا تمتلك الدول الفقيرة هذا الخيار. إن تطبيق المعايير الخضراء لمنع الصناعات الخاسرة في أوروبا والولايات المتحدة من الخروج من المنافسة، وبالتالي فرض الرسوم على موازنات هذه الدول التي تمر بعجز مزمن، أي أن هذه الرسوم بمثابة ضريبة جديدة تدفعها دول العالم الثالث للدول الصناعية الكبرى.
    بقيت هذه الحلول جزئية ومؤقته إلى حد كبير، فأزمة الرأسمالية في العقود الثلاث الماضية هي أزمة في فائض الإنتاج، فالأزمة العالمية عام 2008 وأزمة الكساد الكبير عام 1929، كلاهما كانتا نتيجة لفائض الإنتاج في الدول الصناعية، التي أدت إلى الإنخفاض على الطلب والإنتاج، وبالتالي إلى هبوط في الأسعار والإنكماش الاقتصادي. مما أضطر البنوك الأوروبية والفدرالي الأمريكي إلى طباعة النقود غير المغطاة لترتفع الأسعار من جديد وتحقق نوعاً من الرفاه الكاذب وحالة من الاستقرار الوهمي في محاولة لإنكار الأزمة وتجاهلها.
    فرض الرسوم الخضراء سيؤدي إلى تسارع أكبر في نمو الأسعار في الدول الغربية، في حين تكون القدرة التنافسية للدول الأخرى أكبر لشراء الموارد والطاقة أرخص مما يُسوِقَه الغرب، وبالتالي سيضطر الغرب إلى تهميش نفسه بنقل أكبر قدر ممكن من نشاطه الاقتصادي إلى دول آسيا. وهذا ما حصل بالفعل، لقد أغرقت الصين دول العالم بالمنتجات رخيصة الثمن والتي أصبح من الصعب منافستها وفي كافة القطاعات. إن كافة محاولات إنقاذ العالم الرأسمالي الغربي محكوم عليه بالفشل، وكذلك موجة الطاقة الخضراء ستزول مع انهيار النظام المالي العالمي وانتهاء هيمنة الدولار والذي يبدو وشيكاً.





    [26-09-2022 09:54 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع