الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أزمة الغذاء قادمة بلا محالة

    مهدي حنا

    تقوم الولايات المتحدة مع حليفها الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً بالتهرب من المشاكل التي يتسببون بها بشكل مباشر عن طريق إخلاء مسؤوليتهم، زوراً، واتهام الأخرين وتحميلهم المسؤولية عما يقترفونه من أفعال. فقد تم تحميل الصين في العامين الماضيين المسؤولية عن فيروس الكورونا، بل وذهب ترامب في تصريحاته بتسميته بالفيروس الصيني، في حين ثبت بعد ذلك بالدليل القاطع بإن هذا الفيروس قد صُنِّع في مختبرات بيولوجية تابعة للجيش الأمريكي ضمن برامج الأسلحة البيولوجية التي يطورها وينشرها، وقد تم إكتشاف العشرات من هذه المختبرات في مناطق عديدة منتشرة في شتى بقاع الأرض. كذلك الحال يتكرر بالنسبة لارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية والسلع الاستراتيجية كمقدمة لتبرير أزمة الغذاء التي ستطال العالم في المستقبل القريب، ويظهر ذلك جلياً في تصريحات بايدن حول مسؤولية روسيا عن ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية مثل القمح والأرز والسكر والصويا والأسمدة وغيرها مع إندلاع حربها المحدودة ضد أوكرانيا في الشهور الأربع الأخيرة. ولكن مزاعم الإعلام الأمريكي بالتحديد شيء والحقيقة شيء آخر تماماً. فأسعار هذه المواد بدأت في الارتفاع في منتصف عام 2020 مع تفشي فيروس الكورونا في ظل الإغلاق الذي فرضته الدول الغربية للحد من إنتشار الفيروس. ولكن السبب الأهم يرتبط بالسياسات غير الحكيمة للعديد من البنوك المركزية الأوروبية والفدرالي الأمريكي في طباعة ترليونات الدولارات واليوروات وضخها في اقتصاداتها من دون غطاء، مما زاد من حجم التضخم وساهم في ارتفاع الأسعار بشكل مباشر وغير مسبوق لكافة السلع بما في ذلك المواد الغذائية. وكان له تبعاته على كافة دول العالم.

    أما الحرب الروسية - الأوكرانية فقد جاءت بعدما هدأت الأسواق وهبطت الأسعار نوعاً ما. فهذه الحرب لم تؤثر على إمدادات الغذاء في العالم. إن ارتفاع أسعار سلعة كالأرز كان قد بدأ في يونيو 2020 أي قبل سنة ونصف من بدأ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. أما الآن فقد رجعت أسعار الأرز إلى مستواها قبل الحرب وكذلك المواد الأخرى وهذا يفند مزاعم الغرب حول ارتفاع الأسعار عامة بسبب الحرب. أما النفط فالغرب يريدة مرتفعاً حتى تستطيع الدول الغربية من إنتاج النفط ذات الكلف المرتفعة في بلدانهم وتسويقه بدلاً من النفط الروسي الأرخص كلفة.

    إن العالم مقبل على أزمة غذاء، فهي قادمة بلا محالة ولكنها ليست بسبب الحرب، بل بسبب التعنت الغربي وسياساته العدوانية وإشعال فتيل الحروب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وفرضها لتلك العقوبات المجحفة ضد دولة بحجم روسيا والتي تمتلك الكثير من المواد الخام والسلع الاستراتيجية الهامة التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل القمح والأسمدة والنفط الرخيص فمحاولة تدمير روسيا ستنعكس سلباً على كافة الدول في العالم. فروسيا هي المورد الرئيسي والأكبر للأسمدة في العالم، فإذا توقف تدفق الأسمدة إلى بلدان العالم سيخف الإنتاج الزراعي، وبالتالي سينعكس على المحاصيل الزراعية. وتبدأ بالفعل أزمة في إمدادات الغذاء. أما العامل الأهم هو الاستمرار في طباعة النقود وضخها في الأسواق. في الوقت الحالي تحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التوقف عن طباعة النقود والأوضاع الاقتصادية في العالم تشير إلى أننا سنشهد ركوداً اقتصادياً تبدأ معه العديد من الشركات بالإفلاس، عندها ستعاود البنوك في طباعة النقود وضخها في الأسواق من جديد وسيؤدي ذلك إلى زيادة التضخم بنسب عالية جداً وسيقود إلى إفلاس الكثير من الحكومات، وسيدفع بالأسعار إلى الارتفاع بشكل جنوني وسينعكس ذلك على كافة دول العالم. هذا ما تحاول الولايات المتحدة التمهيد له عبر إعلامها بإلقاء اللوم على روسيا من اليوم للتهرب من سياساتها القاتلة تجاه العالم بأسره والتي أصبحت لا تطاق..





    [18-07-2022 02:09 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع