الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أين أختفت جائحة الكورونا ؟

    ما أن بدأت الحرب بين أوكرانيا وروسيا حتى خبى سعير العالم حول جائحة الكورونا، ووجد الإعلام الغربي ضالته في توجيه ألته الإعلامية ضد روسيا، وأصبحت التغطية الإعلامية للجائحة في موجز الأنباء، ولم تعد تحظى بالأولوية والأهمية ذاتها، التي كانت عليها في السنتين الماضيتين. وكأن سحر الحرب قد محى الجائحة وأثارها، برغم من أن شيئاً لم يتغير، فما زالت هناك إصابات ومتحورات جديدة من الفيروس ووفيات وإغلاقات في مناطق من العالم وغيرها من الأحداث.

    المسألة برمتها تتعلق بالإعلام الغربي ودوره في صناعة الأحداث وتوظيفها وتوجيهها لتصب في مصالح الدول الرأسمالية الغربية في صراعاتها الدولية. فجائحة الكورونا استحدثتها ألة الإعلام الأمريكية بالتحديد، واستهدفت بها الصين، واتهمتها بالتعتيم على الفيروس ونشره، ودأبت إلى تسميته بالفيروس الصيني، كما ردد ترامب في العديد من المناسبات. فالهدف كان الحد من نمو العملاق الصيني في حربه التقنية والتجارية مع الولايات المتحدة، في محاولة لمنع الإطاحة بالتفرد الأمريكي في العالم. فتم جر العالم بأسره ليشارك في الخديعة لهذه الحرب الخفية.

    لكن؛ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أكتوت الولايات المتحدة بالفيروس، الذي انتجته في مختبراتها، وأصبحت غير قادرة على انكار وجوده في العديد من المناطق على مساحة الكرة الأرضية، في حين تعافى الصينيون من الفيروس، وكان تأثيره محدوداً جداً عليهم وعلى اقتصادهم، مقارنة بما حصل للولايات المتحدة. وبالتالي فقد خسرت واشنطن حربها ضد بكين، وعانى اقتصادها كثيراً نتيجة لذلك، ووصل التضخم إلى أرقام غير مسبوقة في التاريخ. ما اضطرها لطباعة المزيد من النقود غير المغطاة لإنقاذ الاقتصاد، لكن هذا لم يكن ذلك كافياً للخروج من الأزمة. فكان لا بد من البحث عن البدائل استمراراً لسياساتها العدوانية، فكان على سلم أولوياتها توجيه سهامها نحو الحليف القوي للصين، وهو الحليف الروسي. وبدأت تروج وتشعل فتيل حرب، أرادتها حرباً بالوكالة بينها وبين روسيا في عقر دارها، وفي محيطها الجيوسياسي.

    جاءت الحرب ضد روسيا بالنتيجة على خلفية خسارة الولايات المتحدة الحرب في سورية. فقد أجهضت روسيا مخططاتها للإطاحة بسورية وسيطرتها على الشرق الأوسط، وتزامن ذلك مع توالي الانتكاسات للسياسات العدوانية الأمريكية، وكان آخرها في أفغانستان. ما زاد من حجم التوتر في العديد من المناطق التي تخضع لنفوذهم، وفي الوقت ذاته، فقد عانت من الفشل الذريع والضعف في مقاومة الفيروس.

    فكان المخرج في حرب جديدة، ولطالما كان افتعال الحروب المخرج من الأزمات الاقتصادية الخانقة للدول الرأسمالية بغية تحريك الاقتصاد، وتشجيع الإتجار بالسلاح الذي يدر بدوره مبالغ طائلة ويستنزف الأطراف المتصارعة.

    فالحرب بالنتيجة هي فصل آخر من فصول صراعات الرأسمالية الدولية للسيطرة على العالم ومناطق النفوذ الجيوسياسية والعسكرية. فقام الناتو ببيع الوهم والحلم لأوكرانيا في الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي بغية تطويق روسيا وخنقها في محيطها ومناطق نفوذها.

    وسوقت للحرب من قبل أن تبدأ، وما أن بدأت حتى أختفت الكورونا مباشرة، وأختفى صخبها الإعلامي وخفّفت الدول الغربية ومنظمة الصحة العالمية التابعة لهيمنة الرأسمالية الدولية القيود المفروضة على الصحة والسفر والتنقل، ورُفع الحظر عن كل شيء، وتم الإبقاء على الشكليات فقط، مع أن الفارق ليس كبيراً قبل الحرب وفي أثنائها، فالفيروس ما زال موجوداً ولم تنتهي الجائحة، التي تم الإعداد لها وتهويلها بما يكفي.

    كانت الكورونا بالوناً للاختبار، نجحت الرأسمالية فيه من قياس قدرتها على التحكم في الاقتصاد العالمي والحد من نمو اقتصادات الدول الأخرى الصاعدة من أن تشكل قطباً في وجه الولايات المتحدة. عندما أذنت بانتهاء هذه المسرحية تم ذلك بهدوء ويسر، ووجدت شماعة أخرى تعلق عليها خيباتها وفشل نظامها المالي الأيل للسقوط. وهكذا أسدل الستار عن الجائحة التي أخلّت بالاقتصاد العالمي بلا داعٍ، وأزهقت الملايين من الأرواح، بخاصة من كبار السن التي تعدهم الرأسمالية عبئًا عليها. فكل جائحة وأنتم بخير وأبعد شرورها عنا وعنكم.





    [16-05-2022 12:04 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع