الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    العالم أمام خيارين .. إما الصين وروسيا أو أمريكا والغرب

    أحداث اليوم -
    مهدي حنا
    يتداول العديد من الناس، بغض النظر عن مستواهم الثقافي أو تحصيلهم العلمي أومكانتهم الاجتماعية أو وضعهم الوظيفي، الحديث عن إمكانية أن تحل دولة أخرى في قيادة العالم مكان الولايات المتحدة الأمريكية، فمن جهة تشعر بإن هناك الكثير من الرضى والشماتة بما يجري الآن على الساحة الدولية لأمريكا والغرب من الإذلال جراء الردود القاسية التي فرضتها روسيا عليهم للرد على العقوبات القاسية غير الشرعية التي فرضها الغرب عليهم، ومن جهة أخرى هناك تخوف وحيرة من كيفية التعامل مع البديل الصيني أو الروسي.
    يكاد يجزم الكثيرين في حكمهم سلفاً بصعوبة التعامل مع البديل، فالصين، حسب إعتقادهم، دولة دكتاتورية لا تؤمن بالفرد ومنجزات، فهذا البلد، حسبهم، قائم على المركزية الحكومية، وبحدود دنيا من الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريته في التعبير والتفكير والرأي والمعتقد. أما روسيا الحليف القوي فما زال الكثيرون يرون في الاتحاد الروسي عودة للاتحاد السوفييتي، البلد الشيوعي الملحد والكافر، حسب الرواية التي روج لها الغرب.
    دعونا نتناول المسألة بشيء من العقلانية، فنحن نعيش في عالم رأسمالي بحت، وطبيعة الصراع العالمي هو صراع بين الدول الرأسمالية العظمى، سواء إن تحدثنا عن تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية التي هي حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا. أو الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة. إذاً فالمسألة في ذهن الناس مرتبطة بالإعلام الغربي وما تعودنا أن نسمعه منه من الأكاذيب وتشويه الحقائق والدس والتدليس بما يخدم مصالح الدول الغربية من أجل استمرار هيمنتها على العالم وسرقته. ولكننا أصبحنا اليوم أمام استحقاقات للتاريخ الإنساني الذي عانى كثيرًا من استبداد العصر الأمريكي الأسوء في تاريخ البشرية. وآن الأوان للتخلص من سطوة الإمبريالية الغربية ومشروعها الليبرالي الجديد القائم على دمار الشعوب وفنائها لصالح حفنة من الطغمة الليبرالية التي تتحكم في الكوكب، وأوصلته إلى الدمار في كافة مجالات الحياة. فأصبح الاستحقاق التاريخي واقعاً حتمياً، فالعالم بأمس الحاجة إلى التغيير في النظامين السياسي والمالي العالميين لبناء عالم جديد. فكيف نطلق أحكامنا المسبقة من دون أن ندعو العقل للتفكير والتروي ودراسة التاريخ الإنساني للدول، كالصين أو روسيا. فهذان البلدان لهما تاريخهما العريق وحضاراتهما القديمة الممتدة والمتصلة، فكلاهما وريث لإرث هائل من الحضارة والعلوم والأدب والتاريخ. فالصين دولة ذات نظام إشتراكي استطاع أن ينقل دولته من براثن الفقر والجوع لتصبح ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وستغدو الأولى في غضون سنوات معدودة، وهي ما تزال الدولة الأكثر سكاناً في العالم. فكيف لنا أن نقزم إنجازاتها العظيمة وقد استطاع نظامها المتماسك والمركزي من أن ينقلها من دولة متخلفة إلى الدولة الأولى في العالم في كل شيء، من العلوم الإنسانية، إلى الطب والفلك والهندسة والتكنولوجيا المتطورة وعلوم الذكاء الاصطناعي واستحداث الطاقة وغيرها. أما روسيا فهي وريثة إمبراطوريتين عظيمتين، روسيا القيصرية والإتحاد السوفييتي، والتي كان لهما الفضل في الحفاظ على التوازن الدولي في القرنين الماضيين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فروسيا تقف اليوم في مجابهة الغرب، الذي يضعها أمام معركة يجب أن تنتصر فيها من أجل استقلالها الوطني، وإلا فستصبح دولة تابعة تدور في الفلك الرأسمالي الغربي. في حين تُقدم روسيا اليوم قِيماً لمشروع عالمي جديد بديل لليبرالية الجديدة التي دمرت القيم الإنسانية والمجتمعات.عداك عن التحالف والتقارب الروسي – الصيني الذي من شأنه أن يصوغ طريقاً جديداً ومشروعاً فكرياً واقتصادياً بديلاً، ولا سيما من خلال مشروع طريق الحرير التي تقدمه الصين لمساعدة العديد من الدول النامية للنهوض بها ونموها وتطورها على قاعدة التشاركية بعيداً عن النهب الممنهج للدول وثرواتها، التي قام بها الغرب والولايات المتحدة عبر القرون الثلاث الماضية. فدول العالم اليوم أمام منعطف تاريخي، وعليها أن تختار إما الخضوع لإرادة الغرب وإملاءاته التعسفية، أوإتباع سياسة مستقلة لمقاومة الغرب ودعم النظام البديل طور التشكيل. فصراع الاضداد سيؤدي إلى تغيير نوعي في طبيعة العلاقات الدولية والمجتمع الدولي ونحن مطالبون كشعوب واشخاص باتخاذ موقفٍ محددٍ وأن لا نكون على هامش الحياة.





    [06-05-2022 01:32 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع