الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    مؤشرات إنهيار النظام المالي العالمي

    دفع بوتين الغرب إلى حافة الجنون بقراره تسوية مدفوعات الغاز بالروبل بدلاً من الدولار أو اليورو. هذا القرار الروسي الذي فاجئ المجتمع الدولي وأولهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جاء رداً قاسياً لاذلال أوروبا على العقوبات التي فرضتها على روسيا منذ إندلاع الأزمة بين روسيا وأوكرانيا. فقد أوعز بوتين لشركات الطاقة الروسية بإستيفاء مستحقاتها بالروبل وأمهل الغرب حتى نهاية شهر آذار لتسوية أوضاعها، مما دفع بالروبل إلى الارتفاع مقابل الدولار بنسبة جيدة فاقت توقعات الاقتصاديين في الغرب الذين ظنوا بإنهم قادرين على فرض العقوبات والتصرف بهذه الغطرسة التي تعبر عنها وسائل إعلامهم من دون أن يكون هناك رداً قاسياً بالمقابل. والحديث لا يدور هنا فقط عن الغاز فقط فقد تمتد التعاملات التجارية للدفع بالروبل على الصادرات الأخرى مثل القمح والتيتانيوم والنيكل واليورانيوم وغيرها من المواد

    هذه الصادرات لا يستطيع الغرب الاستغناء عن استيرادها من روسيا لعدم وجود البديل في الوقت الحالي. بالإضافة إلى أن روسيا تتمتع بميزان تجاري إيجابي مع العالم كله، ومع أوروبا والولايات المتحدة بالتحديد، أي انها تبيع أكثر مما تشتري وهذا لا يدع مجالاً للشك بإن أوروبا لن تستطيع أن ترفض الغاز الروسي وعليها الانصياع للرغبة الروسية على قاعدة مرغماً أخاك لا بطل

    هذه الخطوة أثبتت مدى مقدرة الروس على الصمود وتخطي العقوبات التي وضعها عليهم الغرب، فتسوية مدفوعات الغاز التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات يومياً سيدفع بالدول الغربية إلى شراء الروبل من البنك المركزي الروسي، إما بطلب القروض من روسيا بالروبل، لتصبح تسوية المدفوعات بالروبل، ولن يكون بمقدور Swift المراقبة والتحكم. وبما أن العقوبات شملت نظام السوفيت Swift فلن يكون بمقدور البنوك التعامل بيسر مما سيدفع بالتفاوض على تسوية الديون إما بالذهب أو بفتح باب التفاوض للافراج عن الاحتياطات الروسية المجمدة لدى الغرب.
    ستشهد الشهور القادمة تطورات عير مسبوقة في ارتفاع أسعار الكثير من السلع الأساسية الأمر الذي سيفاقم من صعوبة الموقف وزيادة التضخم في الأسواق العالمية، لذلك فالاحتمال الارجح في ظل هذا الماراثون ستضطر الدول الاوروبية إلى تخفيف هذه العقوبات غير الشرعية تدريجياً ومن ثم إلغائها.
    للمقارنة فلو تمعنا قليلاً في حجم الانتهاكات التي مارستها الولايات المتحدة في العالم ففقد قامت خلال عهد الرؤساء الستة الأخريين باجتياح العديد من الدول من صربيا إلى أفغانستان والعراق والصومال وسوريا وغيرهم في 10حروب وقتلت أكثر من 6 ملايين شخص ولم تنل أي من العقوبات. إنها فعلاً لمفارقة عجيبة. فكيف لنا أن نفسر شرعية هذه العقوبات ضد روسيا؟ وهي دولة عظمى.

    بناءاً على ما تقدم فإن هذه الواقع والصراع بين الدول الكبرى سيفرض تغيرات جيوسياسية هامة، فالعالم متجه نحو تغيير شامل في الموازيين في عالم متعدد الأقطاب تشكل الصين وروسيا ركائز هامة فيه. كما يبدو فأن الصين ستحذو حذو روسيا في البدء بالتعامل باليوان بدلاً من الدولار وهو ما يشكل ضربة قوية لنظام الدولار في العالم بإسره. هناك عدة مؤشرات تشير بإن النظام المالي العالمي يتجه نحو الانهيار بأسرع مما كان متوقعاً فحجم الضرر الذي الحقته البنوك الأوروبية والفدرالي الأمريكي بضخ كميات كبيرة جداً من المال بالأسواق من دون غطاء سيفاقم من التضخم في الأسواق العالمية الامر الذي سيؤدي إلى انهياره بأسرع مما كان متوقعاً.





    [04-04-2022 12:47 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع