الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ما بعد الورشة الاقتصادية


    بذل العاملون في الديوان الملكي العامر جهوداً مضنية في سبيل انجاح الورشة الاقتصادية التي امر بها جلالة الملك والتي يشارك بها ما يزيد على ٣٥٠ مشارك ، فقد تم توفير المقاعد وشاشات العرض و جميع الخدمات اللوجستية اللازمة لانجاح هذه التظاهرة الوطنية، توزع المشاركون على اربعة عشر لجنة قطاعية رئيسة انبثق عنها العديد من اللجان الفرعية تبحث في الواقع و التحديات وتضع الرؤية العشرية المستقبلية وترسم خارطة الطريق التنفيذية.
    من المهم ان ندرك بان انعقاد الورشة داخل الديوان الملكي - بيت الاردنيين ليس عملاً خارجاً عن ولاية الحكومة ، فلب الفكرة و جوهرها يقوم على انها خارطة طريق وطنية عابرة للحكومات مصاغة من قبل فريق وطني وليست برنامج تنفيذي لحكومة معينة حتى تصاغ حصراً من قبل فريقها المختص.

    ما هو الجديد ؟
    قدمت حكومة الدكتور عبد الله النسور رؤية الاردن ٢٠٢٥ وقدمت حكومة الدكتور هاني الملقي خطة تحفيز النمو الاقتصادي بينما قدمت حكومة الدكتور عمر الرزاز أولويات النهضة ثم قدمت الحكومة الحالية برنامج تنفيذي لمدة ٢٤ شهر بعد مضي سنة على تاريخ تكليفها ، الا ان اي منها لم يكن عابراً للحكومات و لم يخضع اي من هذه الخطط للتقيم .

    الجديد اليوم هو الحاضنة الملكية عبر بيت الاردنين - الديوان الملكي العامر والجديد هو التأكيد الملكي السامي بأن المخرجات ستخضع لمتابعة شخصية منه، لتشكل الرؤية الوطنية الشاملة وما تتضمنه من خطط وبرامج، المرتكز الأساسي لكتب التكليف للحكومات، بحيث تبني على ما أنجزته سابقاتها. كما ان العدد الكبير للمشاركين من الخبراء و المختصين يؤشر على انها خطة وطنية وليست حكومية.
    ومن مظاهر التأكيد على جدية الورشة زيارة جلالة الملك لجميع جلسات الورشة والمشاركة في بعضها وهو ما تابعه ايضا سمو ولي العهد من خلال المتابعة والمشاركة في بعض الجلسات.

    يبحث المشاركون قطاعياً في كل شيء : ارتفاع تكاليف الاعمال ، سهولة الاعمال ، التمويل ، المهارات ، البيئة التشريعية ، اقتصاديات السوق ، التصدير، السياحة ، التعليم ، الصحة ، سلاسل التزويد ، الاتمتة ، التنافسية ، الذكاء الاصطناعي، الزراعة ،… وكل صغيرة وكبيرة، بينما سيتم في خطوة لاحقة اجراء الترابطات والتشبيك للمخرجات القطاعية بحيث تترجم على شكل وثيقة مرجعية شاملة و عابرة للحكومات.
    ومن اللافت للنظر تضمين الورشات ابعاد غير تقليدية مثل الصناعة الابداعية ، التغيير المناخي، صناعة التصميم ، صناعة الالعاب الاليكترونية والافلام .

    كل هذه الاسباب تؤكد الجدية في ظل انعدام ترف الوقت امام الظروف السياسية والاقتصادية الضاغطة محلياً واقليميا ودولياً


    الاردن يعيد انتاج ادواته - توازي المسارات
    يدرك الاردن عبر رأس الدولة - الملك - انه من غير الممكن الدخول الى المئوية الثانية من عمر الدولة اعتماداً على الادوات التقيدية القديمة في ظل المتغيرات الجيوسياسية والتطورات التكنولوجية و العلمية المتسارعة وخاصة في اعقاب الاثار العميقة التي خلفتها جائحة كورونا ، مما ولد الحاجة لأن يقوم الاردن باعادة انتاج ادواته ليصبح قادراً على التعامل مع المستجدات بشكل اكثر فعالية والتصدي للتحديات الكثيرة وخاصة تلك المتعلقة بارتفاع نسبة البطالة وتراجع مؤشرات الاقتصاد الكلي واطلاق الامكانيات وذلك عبر ثلاث مسارات تسير بشكل متوازٍ وهي :-

    مسار التحديث السياسي : وقد تمثل في مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية عبر اقرار تعديلات دستورية طالت ثلث مواد الدستور ثم قانون الاحزاب الذي اقره مجلس النواب ثم قانون الانتخاب الذي يؤمل له ان يكون رافعة العمل السياسي الحصيف عبر تشكيل حكومات حزبية ذات برامج.

    مسار التحديث الاقتصادي : وقد تمثل ذلك في الورشة الاقتصادية التي تجري في بيت الاردنيين بشكل مدروس و حثيث وما سينتج عنها من وثيقة مرجعية ترسم الملامح الاقتصادية للسنوات العشر القادمة.

    مسار التحديث الاداري : و يتمثل ذلك في عمل اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء لهذه الغاية

    المسارات الثلاثة تسير بشكل متوازٍ ، و يتوقع لها ان تكتمل ثلاثتها مع انتصاف العام الجاري، مما ينقلنا الى مرحلة جديدة يقف فيها كل مسؤول و مواطن امام مسؤوليته الوطنية لانجاح التطبيق الفعلي لهذه المسارات.

    ما بعد الورشة - التطبيق لاستعادة الثقة
    يدرك الجميع ان حالة فقدان الثقة ما بين المواطن والمؤسسات تعود الى عدم تلمس المواطن لاثار عملية للخط والاستراتجيات، فالمواطن الاردني ذكي و يعلم ان ذاكرته مزدحمة بالخطط والاستراتيجيات التي تُرك بعضها على رف النسيان بينما بقي الاخر على اجهزه الكمبيوتر على شكل (presentations ) بينما لم تنتقل الى حيز التنفيذ و لم يشعر المواطن باثر ايجابي في حال التطبيق.
    المؤشر الاهم الذي يحكم من خلاله المواطن على التطبيق هو نسبة البطالة التي بلغت مستوً غير مسبوق لامس حاجز 25%.
    كل شيء اصبح ممهداً امام الحكومة حتى تقوم بالتطبيق الفاعل ( رؤية اقتصادية واضحة ، خارطة طريق سياسية محكمة ، تطوير اداري ، مشاريع كبرى قادمة ، تحالف اقتصادي سياسي بمحور القاهرة - عمان - بغداد و دعم ملكي منقطع النظير )
    المطلوب من هذه الحكومة او اي حكومة قادمة ان تلتزم بمخرجات الورشة ( بموجب التأكيد الملكي بانها - اي المخرجات - ستكون المرتكز الاساسي لكتب التكليف ) وان تمد جسور الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص.
    ليس سراً ان الديوان الملكي انشأ وحدة للمتابعة مما يعني ان العمل لن ينتهي بانتهاء فعاليات الورشة بل سيتم متابعة التطبيق العملي من خلال مؤشرات اداء و جداول زمنية واضحة.
    مجلس النواب ايضاً يُفترض ان يقوم بواجبه في مراقبة التطبيق من خلالِ الادوات والصلاحيات المقررة له بموجب احكام الدستور والقوانين النافذة ، وهو تماما ما اكد عليه الملك اثناء اجتماعه الاخير مع رؤساء الكتل في مجلس النواب وحثهِ اعضاء المجلس على متابعة تطبيق مخرجات الورشة .
    ويبقى المواطن وحده هو الحكمُ على نجاح هذه المخرجات وتطبيقها، فهو الصابر المحّتمل ومن حقه ان ينعم بحياة افضل تليق به وتحفظ كرامته.





    [14-03-2022 11:58 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع