الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حول مسألة وصول الغاز المصري إلى لبنان ..

    أحداث اليوم - هل تستطيع كل من مصر والأردن، بالفعل، وفي ضوء اضطراراتهما الداخلية والخارجية، وحجم الإنتاج المتوفِر لديهما، الالتزامَ بالأرقام المعلنة عن توريد الطاقة الى لبنان؟ يفترض بالغاز المصري المرسل الى لبنان توليد 450 ميغاوات يومياً، أما الأردن فقد أعلن عن استجرار كهرباء إلى لبنان بواقع 250 ميغاوات خلال فترة الذروة في النهار، و150 ميغاوات في الليل.
    "تلقى الرئيس اللبناني ميشال عون اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، أبلغته قرار الإدارة الأميركية بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا عن طريق الغاز المصري. وستوفر الخطة الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن لتوليده إلى كهرباء إضافية يمكن نقلها إلى لبنان عبر سوريا، بالإضافة إلى تسهيل نقل الغاز الطبيعي إلى لبنان. وأكدت السفيرة الأميركية "شيا" أن المفاوضات جاريةٌ مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري، وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز" (1).

    من هنا كانت البداية. هكذا بدت الصورة بكلماتٍ واضحة ومقصودة: مساعدةٌ مشروطة بخضوع لبنان لمتطلبات البنك الدولي للحصول على قرضٍ يسمح بشراء الغاز المصري، ونقله عبر الأراضي العربية بعد موافقة أمريكية تستهدف من خطوتها حسب تصريحات مسؤوليها مقاومة المد الإيراني بالمنطقة.

    وعلى الرغم من هذا، بقي وصول الغاز، وإنارة لبنان الذي يحاصره الظلام، حلماً وإن جاء مفارقاً لخيالات الدعم العربي الهادفة للخروج بلبنان من أزمته دون زيادة عتمته بمضاعفة الدين الخارجي.

    ما زال الأمل متعلقاً بتصريحات تتوالى من مسؤولين في مصر والأردن ولبنان عن قرب التنفيذ، بعد إنجاز خطوات على طريق تهيئة خط الغاز العربي. إلا أن الظلمة ترنو من عدة جوانب، أولها يتعلق بحجم الصفقة في ضوء مبلغ الاحتياج داخل لبنان، وما يمكن أن يوفره الجانب المصري من غاز، والتساؤل عن غياب اختيار إرسال الكهرباء بشكلٍ مباشر، وثانيها ما يتعلق بارتهان الأمر بشروط اقتصادية لمؤسسات التمويل الدولية، ومخططات غربية تحمل مخاطر استراتيجية. فكيف يمكن تتبع تسلسل هذا الملف في ظل تأويلات القائم، واحتمالات القادم ؟

    احتياج وإنتاج
    • لبنان

    في أيلول/ سبتمبر 2021، قال مسؤولون مصريون إن كمية الغاز التي من المتوقع أن تصدّر لن تتجاوز بكل حال 65 مليون قدم مكعب يومياً لمدة 10 سنوات. وحسب المتوقع، فإن الغاز المصري حال وصوله سيتم توجيهه إلى معمل دير عمار شمال لبنان بما يسمح بتوليد 450 ميغاوات يومياً. أما مسؤولو الأردن فقد أعلنوا منتصف كانون الثاني/ يناير 2022 عن استجرار كهرباء إلى لبنان بواقع 250 ميغاوات خلال فترة الذروة في النهار، و150 ميغاوات في الليل.

    من جانبها، قالت وزارة الطاقة اللبنانية إن المستهدف مع بداية العام 2022 هو خفض ساعات التقنين بحلول نهاية السنة إلى 12 ساعة في اليوم الواحد. ويقدّر المتوسط السنوي للطلب على الكهرباء بحوالي3200 ميغاوات. وقد وصل إجمالي كمية الكهرباء المنتجة، والمشتراة إلى أقل مستوياتها في العام 2021، فلم تزد عن 1700 ميغاوات، وهو ما يعني الحاجة إلى تأمين 1500 ميغاوات من أجل تغذية كهربائية على مدار اليوم. أما في حال تحقُق الوعود السابقة، فهذا يعني فعلياً تغطية نصف العجز بأقصى تقدير. وقد بلغ إجمالي عجز الكهرباء المتراكم خلال الـ 25 عاماً الأخيرة ما قيمته 37 مليار دولار أميركي، بما يمثل حوالي 45 في المئة من إجمالي الدين العام.

    • الأردن

    يصل حجم الاستهلاك الكهربائي إلى ما يقارب 7000 ميغاوات يومياً، تعتمد في إنتاجها بشكل رئيسي على استيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي، فيصل لها يومياً 50 مليون قدم مكعب عبر خط الغاز الممتد تحت البحر من عسقلان إلى مدينة العريش المصرية، ومنه براً إلى الأردن. ويتم ذلك بناءً على صفقة أبرمت عام 2016 لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل لمدة 15 عاماً بقيمة 15 مليار دولار، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ منذ بداية العام 2020.

    وإضافةً إلى الالتزامات المعلن عنها نحو لبنان، تلتزم الأردن اتفاقية ربط أخرى أبرمتها مع العراق لإمداده بـ 1000 جيغاوات سنوياً. وقد جاءت هذه الخطوة أيضاً في ضوء السيناريو نفسه، من الموافقة الأمريكية وتمويل البنك الدولي.

    • مصر

    1-الغاز الطبيعي:

    قالت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) إن إجمالي متوسط إنتاج الغاز الطبيعي بلغ أكثر من8. 6 مليار قدم مكعب يومياً، وأنه تم إمداد جميع القطاعات بنسبة 100 في المئة، وتغطية كامل احتياجات السوق المحلي بمتوسط استهلاك تجاوز 6 مليارات قدم مكعب يومياً، وهو ما يعني أن حجم الفائض في ظل عدم وجود استكشافات جديدة لا يزيد عن 600 مليون قدم مكعب يومياً.

    على الرغم من ذلك، اتجهت مصر لاستئناف حركة التصدير، ليس فقط اعتماداً على الفائض المحدود في إنتاجها المحلي، ولكن في ضوء تطور هام ورئيسي بملف الطاقة في مصر وهو "الاستيراد" من إسرائيل.

    فقد استأنفت محطات الإسالة على البحر المتوسط أعمالها عقب تمرير قانون جديد للغاز الطبيعي من البرلمان عام 2016 الذي سمح، ولأول مرة للقطاع الخاص، باستيراد الغاز لأسباب تجارية، وهو التمرير الذي لاقى انتقادات واسعة في ضوء ما تمّ إرساؤه لعقود من الزمن من اعتبار أعمال التصدير والاستيراد بالطاقة عملاً سيادياً يتبع مباشرة للأجهزة الرسمية.

    عُقدت صفقة بين الحكومة الإسرائيلية، وشركة مصرية ليست بعيدةً عن أجهزة الدولة، يترأسها رجل أعمال شهير بصفقات التطبيع في مجال النسيج، وهو ابن ضابط حربي سابق مقرب من الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. أما اسم الشركة فهو "دولفين"، في تشابه مقصود مع شركة الطاقة الأولى في دولة الإمارات. وعليه تستقبل مصر منذ بداية عام 2018، يومياً 450 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي الإسرائيلي، في صفقة مداها الزمني 15 عاماً، يذهب منها 400 مليون قدم مكعب للإسالة، و50 مليون قدم يومياً إلى الأردن.

    فهل يمكن لمصر بالفعل في ضوء إنتاجها وحجم استهلاكها والتزاماتها في صفقات الإسالة، الالتزامُ نحو لبنان بالكم المحدود المطروح توجيهه نحوه؟

    تقول منصة oilprice إن مصر من الكيانات الواعدة في إنتاج الغاز الطبيعي، لكنها تقلل من إمكانية دخولها عالم التصدير بشكل واسع لسببين، الأول هو تزايد الاستهلاك المحلي، بما يشير إلى إمكانية الاحتياج مستقبلاً لبيع الغاز القادم من إسرائيل للحكومة المصرية نفسها، كما ومن ناحيةٍ أخرى تشير المنصة إلى ضغط المنافسة الكبيرة التي تلاقيها مصر في مجال توريد الغاز المباشر والمُسال إلى أوروبا، بما يؤثر على حجم التوقع من العائدات داخل سوق الغاز الطبيعي الدولي، حيث كانت حصة مصر حتى نهاية 2020 أقل من 20 في المئة من حجم تجارة الغاز المُسال.

    2ـ-الكهرباء:

    غير أنه ومن جانب آخر، تعالت أسهم إنتاج الكهرباء في مصر، خاصةً بعد تعاقد مع شركة "سيمنس" الألمانية، نهاية 2016، لبناء ثلاث محطات كبرى، أدت إلى حدوث وفرة في الإنتاج قدرها 20 ألف ميغاوات، دون أن تقابلها تعاقدات تصدير تسمح بالاستفادة من هذا الفائض.

    خطة الاستثمار التي أعلنت عنها وزارة الكهرباء المصرية عام 2019 تحت عنوان "خريطة تصدير الكهرباء المصرية لـ 7 دول عربية وأفريقية وأوروبية"، تضمنت مشروعات تم الاتفاق عليها بين مصر وثلاث دول، والتخطيط لتنفيذ 4 مشروعات أخرى. ففيما هو قائم، ترتبط مصر مع الأردن منذ عام 1999 بمشروع ربط كهربائي، عبر خط تصديري تصل قدراته إلى 400 ميغاوات كحد أقصى، تحصل عليه الأردن بحسب احتياجاتها. كما تقوم مصر بتصدير الكهرباء إلى ليبيا بقدرات تقارب الـ40 ميغاوات عبر خط ربط كهربائي مشترك معها منذ عام 2006. وأعلن عن تصدير الكهرباء إلى فلسطين، من خلال خط يعادل 30 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، بما يوازي 30 ميغاوات.

    أما عن الخطط التي تمّ الإعلان عن استهداف تنفيذها آنذاك، فشملت 4 دول أخرى هي السودان والسعودية وقبرص وإثيوبيا، بحيث تحصل السودان على 40 ميغاوات كمرحلة أولى تزداد تدريجياً إلى 150 ميغاوات.

    وجاءت الدراسات الفنية الخاصة بالتصدير إلى السعودية بداية من عام 2022 تشير إلى قدرات تصل إلى 3000 ميغاوات، ومثلها إلى قبرص بعد الانتهاء من عملية ربط كهربائي بينها وبين اليونان، وهو ما لم يتم حتى الآن. أما إثيوبيا فقد انتهى المشروع في ظل خلافات سد النهضة.

    تلك العقود التفصيلية، سواء منها التي دخلت حيز التنفيذ، أو التي ما زالت تنتظر، أو تم إلغاؤها، تشير إلى عدم وجود مشكلات فنية كبرى تعيق وصول كهرباء مصر مباشرةً إلى لبنان، أو إمكانية حل تلك المشكلات... وذلك في ظل وجود فائض تحتاج مصر إلى إبرام عقود جديدة للاستفادة منه.

    فلِمَ؟ وكيف لم يخرج سيناريو شراء "كهرباء مصر" إلى الطاولة؟ وهل ما يعيق تنفيذه أسبابٌ فنية، أم هناك أسباب أخرى "أقوى" تقف وراء ذلك؟

    مخاوف وفخاخ
    تحكي الأرقام السابقة عن إمكانية قائمة لتحقق الوعود المصرية الأردنية، على الرغم من محدوديتها، وعلى الرغم من التغافل عن حلولٍ أخرى كان يمكن طرحها. ومما يزيد من الحديث عن إمكانية التحقق هو ما أعلنته الحكومة اللبنانية عن النجاح في إصلاح جزء كبير من الإتلاف الذي لحق بـ"خط الغاز العربي"، خاصةً في تلك المسافة الرابطة منذ 2009 بين الأردن ولبنان، التي توقف العمل بها، وتأذت خلال سنوات الحرب داخل الأراضي السورية.

    لكن وعلى الرغم من الحديث العربي الرسمي عن قرب التنفيذ، يبدو أن هناك اشتراطات وخطوات (غربية) ينتظرها كل طرف من أجل اتخاذ خطوات جدية نحو التنفيذ، وهي الخطوات التي تذهب أصوات عدة لوصفها بالـ"فخاخ". ليس هذا فقط، ولكن هناك أيضاً شبح الدور الإسرائيلي الذي طفا إلى السطح بعد وقتٍ قصير من الحديث عن هذا المد المزمع، وعلى الرغم من النفي اللبناني الرسمي.

    • أمريكا والبنك الدولي

    عقب إعلان الرئيس اللبناني عن النوايا الأمريكية للمساعدة، لم تتجه الإدارة الأمريكية لإعطاء تصريحات تفصيلية حول الأمر، وهو ما يمكن اعتباره سارياً حتى هذه اللحظة عدا تقاطعات محدودة.

    فنجد أنه في كانون الأول/ ديسمبر 2021 قال وزير البترول المصري "طارق الملا": "نتكلم اليوم مع الأطراف الدولية المعنية بهذا الملف حتى لا نقع في مفاجآت مستقبلاً، وفيما نحاول التأكد من عدم خرق "قانون قيصر" (2). فمصر لم تحصل بعد على الموافقة النهائية من الإدارة الأميركية لبدء ضخ الغاز المصري إلى لبنان عبر الخط العربي، لكن توجد "مراسلات طيبة" مع واشنطن في هذا الإطار". بعد ذلك وتحديداً في 13 كانون الثاني/ يناير 2022، قال وزير الخارجية اللبناني عقب زيارة لواشنطن إن المسؤولين بالإدارة الأمريكية جددوا التأكيد على دعمهم استيراد الغاز والكهرباء إلى لبنان من مصر والأردن عبر سوريا، مع استثنائه من القيود التي يضعها "قانون قيصر"... هذا بينما لم يرد ذكر اسم لبنان على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، "نيد برايس"، طوال تلك الشهور إلا مرتين فقط، الأولى كانت منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2021، وتتعلق بالدور الإسرائيلي في هذا الملف، أما الثانية فكانت قبل أيام، وتحديداً في 21 كانون الثاني/ يناير 2022، خلال تعليق لقناة "الحرة" الأمريكية على ما يسمى بـ"الحوار الاستراتيجي الأمريكي الكويتي"، فقال: "ملف لبنان كان مدار بحث رئيسي، وعرج إلى المقترحات العربية التي قدمتها الكويت للبنان (...) وهناك تنسيقٌ عميق ومنتظم".

    فإلى أي مدًى هناك ارتباطٌ بين الموقف الأمريكي الداعم لحل أزمة الطاقة في لبنان، وقائمة المطالب الـ 13 التي طرحها "مجلس التعاون الخليجي" مؤخراً على بيروت؟ هذا ما سيتضح في الأيام القادمة، على ضوء تطورات الأحداث السياسية داخل لبنان نفسه من ناحية، وكذلك، وبشكلٍ أو بآخر، على ما يستجد في المفاوضات الأمريكية الإيرانية من ناحية أخرى. وحتى حينه تبقى الشكوك قائمةً حول إمكانية حل أزمة الطاقة في لبنان قريباً. وليس هذا فقط بسبب الأداء الأمريكي، ولكن كذلك بما يتعلق بكلٍ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والقروض التي يمكن منحها للبنان. فقد أشار وزير الكهرباء الأردني "صالح الخرابشة" إلى أنه "ننتظر بدء المفاوضات اللبنانية مع البنك الدولي لاستكمال إجراءات وصول الكهرباء"، وهو ما طرح تخوفات داخل لبنان حول ربط حل أزمة الطاقة برفع تعريفة شرائها في وقت يعاني فيه أغلب اللبنانيين من ظروف اقتصادية عصيبة.

    • إسرائيل

    سارع الجانب الصهيوني للإعلان عن وجوده، والتلويح بأنه شريك أصلي، فقال تقرير أذاعته قناة تلفزيونية صهيونية في كانون الأول/ ديسمبر 2021، إنها من ستزود لبنان بالغاز الطبيعي عن طريق مصر! نفى الجانب اللبناني ـ بطبيعة الحال ـ بشكل متكرر أي نوايا للحصول على غاز إسرائيلي عن طريق مصر، أما المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فاكتفى بالقول "الأمر لم يكن كذلك".

    وبالبحث عما وراء الخبر الصهيوني، يظهر على الموقع الإلكتروني لشركة توزيع الغاز الإسرائيلية، عنوان بيان صحافي تم نشره في كانون الأول/ ديسمبر 2021 حول توقيع "إطار تفاهم" من قبل إسرائيل "لنقل الغاز الطبيعي لعدد من الدول المجاورة" ثم حُذف الإعلان، ليظهر العنوان بدون النص!

    وفي سياق متصل، كانت وكالة رويترز قد نشرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 عن إعلان وزارة الطاقة الإسرائيلية دراسة بناء خط أنابيب بري جديد إلى مصر من أجل زيادة صادرات الغاز الطبيعي بسرعة إلى جاراتها في أعقاب تقليص الإمدادات العالمية في الآونة الأخيرة. وحسب الوكالة، فإن مصادر بصناعة النفط قريبةً من المناقشات أكدت لرويترز أن خط الأنابيب الذي سيربط شبكتي الغاز الطبيعي الإسرائيلي والمصري عبر شمال شبه جزيرة سيناء تقدر تكلفته بنحو 200 مليون دولار، ويمكن تشغيله في غضون 24 شهراً، إلى جانب خطط لبناء خط أنابيب ثانٍ تحت البحر إلى مصر في غضون بضع سنوات.

    لم تعلّق مصر رسمياً على ما أثير هنا، غير أنه كانت هناك تصريحات سابقة شبه رسمية تعطي انطباعاً مشابهاً. فعقب تصريحات الرئيس اللبناني بأيام قليلة، وتحديداً في أيلول/ سبتمبر 2021 ، ظهر الرئيس الأسبق لهيئة البترول المصرية، مدحت يوسف - وهو أحد أهم المدافعين عن صفقة استيراد مصر للغاز من إسرائيل تحت مسمى "الاحتياج المتبادل" - على وسائل إعلام مصرية، وأثنى على خطوة حل أزمة الطاقة في لبنان. قال نصاً : "مصدر الغاز ليس من مصر فقط، ونتيجة التسهيلات الموجودة في الأردن يمكن استيراد الغاز من الخارج عن طريق العقبة ليتم إمداده إلى لبنان أيضاً عن طريق خط الغاز العربي إلى لبنان، أو من خلال الغاز الذي يتم إنتاجه من آبار البحر المتوسط. فالأمور ميسرة للوقوف بجانب لبنان في الأزمة العاصفة التي يمر بها".

    • ترسيم الحدود

    وبين هذا وذاك، تلوح في الأفق أحاديث خافتة حول إعادة ترسيم الحدود البحرية للبنان، واحتمالات لعب الطرف المصري دوراً في مفاوضات إسرائيلية ـ لبنانية تحت رعاية أمريكية، وهو ما ألمح له وزير الخارجية اللبناني فور عودته من واشنطن فقال: "المسؤولون الأمريكيون يشجعون على المضي في عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وأن الموفد الأمريكي المكلف بهذه المهمة، أموس هوكشتاين، سيحضر إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لاستئناف مساعيه بهدف تحريك هذا الملف".

    ومن المعروف أنه كانت هناك آمالٌ حكومية لبنانية كبرى تتعلق باكتشاف الغاز الطبيعي بالمياه الإقليمية، فتم طرح أعمال التنقيب في بئر "بيبلوس" عام 2011 على ثلاث شركات كبرى. لكن انتهى الأمر إلى إعلان سلبية النتائج، ولم تفضِ الشكاوى منذ العام 2009 عن جور إسرائيل على المياه الإقليمية اللبنانية عن شيء، في حين سيطر الكيان الصهيوني منذ 2010 على حقلي تمارا (قرب المياه اللبنانية) وليفياثان (قرب المياه المصرية)، بينما وصل حجم الاحتياطي إلى 100 مليار متر مكعب توسعاً على حساب المياه الإقليمية المصرية واللبنانية، وقبل كل شيء الحق الفلسطيني الكامل في مياهه.

    فهل من المحتمل طرح سيناريو يرمي إلى اعتماد لبنان الحالي والدول العربية على الغاز الإسرائيلي برعاية أمريكية مقابل بدء المفاوضات حول ترسيم الحدود؟

    ***

    لا شيء واضح في الأفق، والصورة غائمة بلا شك. فلعل لبنان يُنار عن قريب، لكن عسى ألا يكون الثمن مزيداً من الظلمة التي تنهش ما تبقى من استقلال القرار العربي على المديين المتوسط والبعيد.

    ______________

    1- الحساب الرسمي للرئاسة اللبنانية، 19 آب/ أغسطس 2021
    2 - أُقر "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا" عام 2019، وهو يعلن عن فرض عقوبات على كل من يقدّم دعماً مالياً وتقنياً ومادياً للحكومة السورية أو لشخصية سياسية عليا في الحكومة، والدعم المالي يشمل توفير القروض وائتمانات التصدير. ونص القانون على فرض عقوبات على كل من يعمد إلى توفير السلع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات أو أي دعم من شأنه توسيع الإنتاج المحلي في مجال الغاز الطبيعي والنفط والمشتقات النفطية.





    [06-02-2022 04:11 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع