الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المحامون والسياسة: أنيس القاسم 24 آب 2017

    كما اعرف خيرة من الحقوقيين أمثال محمد الحموري ومحمد علون وسائد كراجه وعمر الجازي ونوفان العجارمه واحمد العويدي وصفوان مبيضين وغيرهم من زملاء واصدقاء وأهل يصعب حصرهم، ولنا في العائلة نماذج كبيرة ومشعة وطنياً من جهة اخوالي ومنهم المرحوم معالي يوسف المبيضين وزهير المبيضين وفايز المبيضين وهم من الجيل الأول في حقوقيي العائلة، وثمة جيل ثانٍ وثالث يعملون في القضاء والمهنة، أعرف أن السياسة بين يدي المحامين جميلة، لكنها غالباً تصطدم عندهم بالمبادئ.
    لغة القانون كانت دوماً مفضلة لي كمؤرخ، كان والدي رحمه الله يدفعني لدراسه الحقوق، وبدا حين درست التاريخ غير مقتنع بها، كان يُلح عليّ بالقانون، ووافقت لكني اشترطت أن ادرسه خارج الأردن في العراق او سوريا، طبعا هربا منه كي ادرس التاريخ، لكنه في النهاية كعادته رحمه الله سمح لي بالتاريخ بجامعة مؤتة، كما سمح لكل اخوتي بدراسة ما يحبون.
    لكن الحقوق ظلت رغبة، لم استطع تلبتها، فواظبت على قراءة المرافعات والقضايا ولوائح الاتهام، وآخر لائحة اتهام كانت ادهشتني لما فيها كشف عن الفساد.
    اعود للعنوان وهو قامة حقوقية مثل د انيس القاسم، ففي العام 2005 طلب مجلة المجلة اللندنية أن اجري معه حواراً، واتصلت به واخذت موعداً، تحدث الرجل قضية الجار العازل، وهو احد فريق الدفاع عن الحقوق الفلسطينة فيه، ولاحقاً وضع كتاباً عنه اصدره مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، يومها بدى لي وكأني اجلس للتعلم والانصات لقامة قانونية آتية من آخر الزمن العثماني حين كان نضال الحقويين العرب ضد استبداد السلطان الاحمر عبدالحميد ولاحقا الاتحاديين.
    ولاحقاً التقينا في ندوة لمؤسسة أرض بدعوة من د زيد عيادت في 24 آب 2017، ومرة اخرى كانت فرصة لارتياد فكر محامٍ عروبي قومي نقي وصادق، ومن آخر الزمن الجميل، ولم يعتر الصورة تبدل بين عامي 2005 و2017 ولا اليوم، إذ بقي الرجل على ما هو عليه من مبدائ ساميه.
    ابن قلقيليه المولود عام 1939 رسم لنفسه صورة وطنية فلسطينية واردنية محترمة، جعل القانون في خدمة قضية الشعب الفلسطيني، ويوم طًلب لخدمة القضية الوطنية شارك في مفاوضات مدريد، ولما انحرف مسار مدرير لمسار أوسلو استقال، وأسس الهيئة الفلسطيينة المستقلة لحقوق المواطن، وهو محرر ومستشار الكتاب السنوي الفلسطيني للقانون الدولي .
    ما زال القاسم ضد التطبيع العربي مع اسرائيل، ولديه مواقفه المحترمة التي اكسبت المحاماة عنده نكهة أخرى وهي الدفاع عن مصالح تتجاوز من يلجأ إليه كمحامٍ. فالمحامي بامكانه أن ينتصر وان يربح تقنياً، لكن القاسم لا يكرس ديموغاجية المحامين عادة أي لا يشغل أي وظيفة، بل وحده الوظيفة التي ينتدب اليها، وهو ليس ماهراً بالخطابة، بقدر ما هو أمهر في البحث عن العدالة مع الحفاظ على الموقف الإنساني والقومي.
    انيس القاسم اليوم قامة عربية فلسطينية أردنية كبيرة، بالغة الحضور، وندية الروح. ثمة صلابة عروبية كبيرة في هذا الطود، مع انسانية نادرة، وحضور ندي وكبير، يجعل منه عملة نادرة.





    [10-10-2021 08:21 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع