الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    على هامش الورقة النقاشية السادسة

    د.نهلا عبدالقادر المومني - تشكل الورقة النقاشية السادسة للملك عبدالله الثاني ابن الحسين "سيادة القانون أساس الدولة المدنية" بمضامينها ومنطلقاتها الفكرية ثابتًا وطنيًا يتوجب الانطلاق منه في مسيرة بناء الدولة الأردنية ومعالجة الاشكاليات البنيوية التي عانت منها نتيجة تشريعات وسياسات وممارسات لم تضع مبدأ سيادة القانون كأولوية وطنية، لا بل كمنهج فكريّ عملي تطبيقي، ومنارة يُهتدى بها في المجالات كافة، فكان الواقع يشير وكما ذكرت الورقة النقاشية "…أنّ كلّ فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنّهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع، بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإنّ مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية".

    "على هامش الورقة النقاشية السادسة" -لمؤلفه القاضي في المحكمة الدستورية سابقًا الأستاذ الدكتور محمد غزوي- كتابٌ عمد إلى تحليل مضامين الورقة النقاشية السادسة في اطار السياق الوطنيّ الأردني، متتبعًا نقاط تحول قانونية تاريخية شهدها الأردن في هذا المجال، ومن الصعوبة بمكان قراءة هذا الكتاب دون الوقوف على المحاور المهمة والمفصلية التالية:

    أولًا: يشير الكاتب إلى نقطة البدء وهي أن ورقة الملك عبدالله الثاني النقاشية السادسة الصادرة في السادس عشر من شهر تشرين الأول لعام 2016 جاءت للدلالة على بحث مدون قُدم في موضوع مهم ومهم في النظام القانوني الأردني، ومهم في مجال الدولة المدنية ألا وهو مبدأ سيادة القانون والدولة المدنية، ولأن الموضوع الرئيسي – كما يشير الكاتب- للبحث والحوار في هذه الورقة هو مبدأ سيادة القانون كضمانة للدولة المدنية وحتى لا يصبح مبدأ الدولة المدنية هو الموضوع الرئيس، فإننا نسارع إلى القول إن الدولة الأردنية هي دولة مدنية منذ نشوئها؛ ذلك لأن النظام القانوني الأردني ترجم بشكل بين وواضح من الناحيتين النظرية والتطبيقية معنى ومفهوم الدولة المدنية عندما اقام الدولة الاردنية على اسس ديمقراطية تسمو فيها إرادة الأمة… وعززت هذه الصفة المدنية المقومات أو الركائز الأساسية للدولة الأردنية الدستورية والسياسية، بما في ذلك دسترة السلطة والحياة السياسية، أغلبية الامة "السلطة التأسيسية الخالقة أو المنشئة أو التأسيسية"، وعلاقة الدولة بالقوانين والتوجيه إلى ما فيه صالحها.

    ثانيًا: أن الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية السادسة "ذهب الى الأبلغ والمتمثل في أنّ الأزمات هي أنسب الأوقات للتذكير فيها بأصول لا تستقيم للناس حياة كريمة بدونها، وأن هذه اللحظة المفصلية من حياة الدولة التي يجب أن نذكر فيها تعلقنا بسيادة القانون كمبدأ يحمي أمن الشعوب وكرامة الإنسان، أوكما تعبر عن ذلك الورقة النقاشية السادسة "إن كل التحديات من حولنا اليوم تقودنا إلى مفترق طرق ولا بدّ أن نحدد مسارنا نحو المستقبل بوعي وادراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة لتحقيق الطموح لنتمكن من تعزيز منعتنا ومواجهة التحديات بثقة وصلابة".

    ثالثًا: يشير الكاتب إلى انّ "تاريخ 1/10/2011 يميز بين مرحلتين من مراحل نمو وتطور النظام القانوني الأردنيّ بشكل عام ومراحل نمو وتطور مبدأ سيادة القانون بشكل خاص، لماذا وكيف؟ أما لماذا فلأن مرحلة ما قبل 1/10/2011 سادها أمران: الاعتداء التشريعي والتحلل من النظام القانوني وغاياته وأهدافه الأمر الذي قاد إلى توفير "مبدأ سيادة القانون من الناحية الشكلية فقط"، وأما مرحلة ما بعد 1/10/2011 فقد سادها النبذ البين والواضح لذلك الاعتداء وذلك التحلل. ويعبر عن هذا ما تضمنته الورقة النقاشية السادسة " ما حققناه من خطوات جيدة على مسار الإصلاح السياسي بدءا من التعديلات الدستورية لعام 2011 وما تبعها من تشريعات ناظمة للعمل السياسي وعلى رأسها قانون الانتخاب واللامركزية يجب ان تتماشى مع إصلاح إداري جذري وعميق يهدف إلى تعزيز سيادة القانون وتطوير الإدارة وتحديث الإجراءات وافساح المجال للقيادات الادارية القادرة على الانجاز واحداث التغيير الضروري والملح ليتقدم صف جديد من الكفاءات الى مواقع الادارة يتمتع بالرؤية المطلوبة والقدرة على خدمة الوطن بإخلاص".

    بقي أن نقول ونؤكد – بعد هذه الاطلالة على كتاب تميز بالفرادة في الطرح والتحليل للورقة النقاشية السادسة في اطار السياق الوطني الأردنيّ- على أنّ إشكالية سيادة القانون تكمن في ترجمته على أرض الواقع؛ فسيادة القانون ليست أمرًا تشريعيًا محضا وإنما مفهوم ثقافي وتطبيقي، وإنّ هذا المفهوم المجرد لا يسهم في بناء المجتمعات الديمقراطية ما لم يقترن ويجسد مفهوم الحقوق التي ينظمها، ويسهم بضمان تمتع الأفراد بها وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، حتى يبلغ الفرد شعورا نفسيا عميقا يكتسبه من التعاملات اليومية مع المؤسسات العامة أو مع الأفراد أنفسهم بأن القانون بمختلف فروعه يعتبر الضمانة الأسمى للحقوق، ما يولد شعورًا بالمسؤولية التضامنية لتطبيقه وإرساء دعائمه.





    [19-09-2021 08:13 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع