الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ليس خطأ طبيا فحسب!

    يونس الكفرعيني - ان تفقد حياتك، او حياة شخص عزيز عليك، بسبب خطا طبي تحديدا، فان الامر ياخذ بعدا يتجاوز الايمان بالقضاء والقدر، بل ويتملكك شعور بالظلم والقهر، ويتعدى ذلك الى رغبة ملحة بالانتقام والقصاص، بمن استهان بروحك او روح ما عز عليك فراقه ووداعه.

    ان منظومة المسميات التي يتم تداولها للتخفيف من وقع الجريمة المقنعة مثل الاخطاء والهفوات والتقصير والاهمال وغيرها من المسميات، لا وزن لها ولا قيمة عند الضحية وذويها، بل على العكس، تؤجج المشاعر وتؤذي الى ابعد الحدود ابسط الاحاسيس الانسانية، في قطاع حساس ومهم لدى الجميع.

    قطاع الصحة والرعاية الصحية هو القطاع الذي يوفر الملاذ الآمن والحصن المنيع ضد الامراض والاوجاع، وهو مصدر الامل والتفاؤل بالشفاء والخلاص، تحمله لنا سواعد الشفاء من اطباء وملائكة الرحمة، هذا القطاع الذي كنا ومازلنا نفاخر به العالم.
    ان ما جرى في الفترة الماضية من فقدان احبة، شكل فاجعة نسال الله ان تكون مؤقتة وأن لا تشكل ظاهرة مستمرة في مجتمعنا وقطاعنا الصحي، كانت صدمة مدوية في اذهان المواطنين، ليس بسبب بعدها الانساني، بل ايضا شرخت سمعة القطاع الطبي برمته.

    التكهنات عن حال الخدمة الصحية وجودتها، سلط الضوء على كيفية ادارة هذا القطاع، وبالذات العنصر البشري، حيث رشحت للسطح ابرز المشاكل التي تمثلت بنقص الكوادر من جهة، وتأهيلها من جهة أخرى، فنحن لا نعيش ازمة نقص بقدر ما نعيش ازمة ادارة، سواء من داخل المؤسسات الصحية من مستشفيات ومراكز صحية او من خلال الوزارة المركز وطريقة تعاملها ومتابعاتها لشؤون المؤسسات التابعة لها، والشكاوي والملاحظات والحوادث التي اقلقت مضاجع المواطنين.

    ومن خلال نظرة شمولية على القطاع، من خلال مشاهدات يومية يطلقها المواطن العادي البسيط، الذي يرى الضغط غير المبرر على كاهل الطبيب والوحيد العامل في قسم الطواريء الذي يخدم الالاف يوميا في مستشفا عام، وهناك الجراح صاحب الاختصاص الذي يجري عشرات العمليات الطبية اسبوعيا ضمن طوابير من قوائم المنتظرين، وتلك الممرضة التي تواجه تسونامي من طلبات المرضى وحيدة في قسمها، واقسام الاشعة والمختبرات لا تقل مشاكلهم عن غيرهم من حيث نقص العاملين فيهم او المعداات التي تساهم في تسريع وتيرة العمل، ناهيك عن بعض الاجراءات الادارية المعقدة في بعض الاحيان.

    وبين ضغط العمل ونقص الكوادر، نجد تدني الرواتب وقلة العدالة وغياب التوزيع الصحيح للكوادر الصحية، وفقدان الامتيازات الوظيفية ، بل وحتى الاجتماعية من خلال ظاهرة الاعتداء على الكوادر الطبية والتعرض لحياتهم.

    ومع ادراكنا ان هذا لا يبرر بشكل او باخر اي تقصير، او استهتار بحياة المواطنين، الا ان الرسالة الصحيحة تقول ان الجميع شركاء فيما حصل ويحصل، واننا بحاجة الى حملة نوعية لاعادة قطاع الصحة الى وضعه الصحيح والمتقدم، من خلال فتح باب التعيينات ولجميع الفئات التي تعاني النقص في كوادرها، حتى لو كان باستقطاب عاملة طبية وافدة، وتفعيل نظام الابتعاث، واشراك القطاع الخاص، وغيرها من الحلول.

    وتبقى النقطة الاهم والمحورية، تفعيل دور الرقابة والتقييم والمتابعة، وتشكيل منصات رقمية ومكتبية لتلقي الشكاوي ومتابعتها، والوقوف على اسبابها والعمل على تصويبها باسرع وقت، فهذه ارواح ثمينة غالية لا يستهان بها.

    لا يصح ان يبقى الطبيب كبش الفداء، وتحميله الوزر الاكبر، فرغم فداحة الكارثة، الا أن المسؤولية تقع على الجميع، فهناك المسؤولية الادبية والاخلاقية، والمسؤولية الادارية والفنية، والمسؤولية التشريعية والقانونية، تحتاج جميعها الى المراجعة والتحسين كي نتفادي حدوث المزيد من الحوادث المفجعة لا قدر الله.





    [18-09-2021 10:47 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع