الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قانون الأراضي ومحسنات اللغة - م. محمد مرشد حماد

    امتازت اللغة العربية عن غيرها من اللغات بالعديد من السمات التي جعلت منها لغة تُعطي بعض أفعالها رهبة وجمال ، ولقد ميز الله عز وجل اللغة العربية واجتباها لتكون لغة أخر الرسالات وتكون لغة أخر خطاب حمله الوحي من السماء الى الأرض ، واللغة العربية هي لغة المشاعر والحواس فيها المقابلة والمبالغة والتورية والطباق والجناس والسجع الى أخر محسناتها ونكهاتها التي كُتبت عنها المجلدات وكان التلاعب بألفاظها جوهر الطرائف ، وحكمة المُتقنين لها ولغة الاشارة بينهم .
    وفي حاضرنا تفوق العديد من الأصحاب الجيدين على أمه اللغة ، فاستنبط هؤلاء فن التورية والمقابلة وغدا هذا الفن سبيلهم للعيش ، ومنهم من اختار الجناس والمديح ومنهم من اختار الطباق فخرجت هذه المحسنات اللغوية من الأدب وعلومه ودخلت في أدبيات وعلوم الاعلام والإدارة والتقاضي ومجالس البرلمانات على اختلاف أسمائها .
    وفي كل مرافق الخدمات التي تديرها الحكومة أو تمس الإحتياجات الحياتية الضرورية تجد على أبوابها الأصحاب الجيدين ، فعندما تذهب لاستخراج معاملة ما من مؤسسة أو وزارة ما أو دائرة ما تجدهم أمامك خارج أبواب المباني. نص ديباجة هم عنوانها وأنت حاشيتها ؛ فيبادرك أحدهم مباشرةً ( تفضل انا في خدمتك ) يقدمون لك ما تعجز عنه من تسريع في الاجراءات ، ويحذرونك من وقوعك في بعض الثغرات التي قد تعيق معاملتك وتُؤخر الحصول عليها ، لا أحد يعرف يقيناً كيف تَنظم هؤلاء وما هو مسماهم وما هم دورهم الفعلي ولكنهم واقع موجود وعليك التعامل معه .
    وخارج جغرافية هذه المنظومة وبعيداً عن مبانيها هناك بعض الإجراءات والقوانين التي أُهمل علاجها ومازال ملفها من بين الملفات العالقة في أدراج لجان الاصلاح التشريعي ؛ وحتى محسنات اللغة لم تُسعف القائمين عليه رغم استخدامهم التورية والطباق عند الحديث عنه : إنه يا سادة قانون بيع الأراضي وقوانين الأراضي المشترك وتعقيداتها ؛ والتي صارت ترهق المحاكم وتربكها ، وأوجدت طبقة من الأصحاب غير الجيدين الذين استخدموا التورية عند بيع هذه الاراضي ، وصارت أفعالهم كلها صيغة مبالغة مشتقة من فعل رَبِحَ ، وتحولت الى أداة بيد البعض لسحق مدخرات المواطنين ومستقبلهم وأحياناً صحتهم ، هل يعلم قسم التراخيص في أمانة عمان أن رخصة البناء الممنوحة لمواطن من أجل البناء على حصة أرضه في الأرض المشترك هي تصريح اقامة لذلك المواطن في المحاكم ؟ وهل سمع معالي وزير العدل عن مواطن يملك حصصاً تعادل (500 م2) فارغة قيمتها السوقية لا تتجاوز (20 الف دينار) وحصصه فارغة من أي بناء يواجه قضية تطالبه بتعويض يفوق ( 100) الف دينار .
    لو دمجنا قانون الأراضي المشترك مع علوم اللغة ؛ لعجز علم الكم والاحتمالات الفلكية عن تفسيره : ثلاثة يملكون قطعة أرض كبيرة (مارس) ، اثنان منهم يبيعون حصصا ًللمواطنين الجيدين بعد استعانتهم بالأصحاب الجيدين ، أما الثالث فينتظر على أنغام أغنية أم كلثوم أغداً القاء ، وحين ينتهي المواطنون الجيدون من البناء واكتمال البنى التحتية ، يقدم لهم هدية من القضايا مطالباً إياهم بتعويضه عن أرضه المفقودة ، وعلى المواطنين الجيدين تعويضه وبالقانون وبخبرات مكتب استشاراته القانونية الذي يعمل على سحق واستنزاف كل ما يملك المواطنون الجيدون مادياً ومعنوياً وبمباركة نقابة المحامين ، ولو تتبع القضاء سير هذه القضايا لتمكن بكل بساطة من معرفة معنى التكرار والمُكَرِر والمَكَررَ ، أما عن التكرار فالقانون الذي يطبق عليها والذي أصبح روتيناً قاتلاً وأسلوباً للسحق ، وأما عن المُكَرر فهو المدعي ذاته وأما عن المَكَرر : فهم فئات الشعب من طبقة الصناع والعمال والمعلمين وصغار الموظفين والمتقاعدين الذين أصابهم الغبن ولم يجدوا من يحميهم ، وأما عن العامل المساعد الذي يحفز هذا التفاعل التلقائي فهم الأصحاب الجيدون من سماسرة وبعض تجار قطاع الأراضي المشترك .





    [13-09-2021 12:47 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع